تمثل المستنقعات المنتشرة في مناطق مختلفة من السعودية تهديداً مباشراً لحياة كثر من المواطنين، لقربها من الأحياء السكنية، ما يؤدي إلى انتشار روائحها الكريهة وتكاثر البعوض فيها، ما جعل منها بؤراً لانتشار أمراض وأوبئة أبرزها «الليشمانيا» و«الضنك»، فضلاً عما تشهده من حالات غرق تسببت في وفاة أشخاص سقطوا فيها. وترجع أسباب تكوّن هذه المستنقعات إلى موسم الأمطار والسيول، أو إلى تجمع مياه الصرف الصحي في أحياء سكنية تفتقد شبكات الصرف، أو مصارف زراعية، أو برك راكدة تتجمع فيها المياه على مدار سنوات، وربما حفر أوجدها مقاولون لأغراض البناء والإنشاء، لكنهم تركوها من دون طمر. وسجلت أمانة جدة خلال الأعوام الأربعة الماضية، تسعة آلاف و887 حالة مصابة بحمى «الضنك»، بينها ثلاثة آلاف و144 حالة في العام 2015، وينتقل «الضنك» من طريق لدغة نوع من البعوض المصاب، والمرض غير معد من دون وجود ناقل. وتعاني محافظة الأحساء منذ سنوات من انتشار المستنقعات، والتي كانت سبباً في إصابة أطفال يقطنون في منازل مجاورة لها بتورمات وأمراض جلدية عدة، مثل الليشمانيا، وهو مرض تسببه طفيليات تنقلها أنثى حشرة «الفاصدة». ويعمد مواطنون إلى توثيق بؤر المستنقعات القريبة من الأحياء السكنية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة للفت انتباه الجهات المعنية إلى خطورتها، والتي لم تقتصر على تهديدها الصحة العامة، إذ سببت حالات احتجاز وإعاقة لسير البشر والمركبات، وأودت بحيوات أطفال وشباب، ففي شهر أيار (مايو) الماضي انتشلت فرق الدفاع المدني جثث تسعة أطفال غرقوا في مستنقعات بمناطق متفرقة. ويرى عدد من سكان المناطق المتضررة من تجمعات مياه السيول والصرف الصحي، أن جهود الجهات الحكومية غير كافية في تجفيف تلك المستنقعات ومعالجتها بالرش، والتي بلغت في محافظة جدة العام الماضي أكثر من ألف و456 مستنقعاً تولت الشمس تجفيفها. وكان لتراكم مياه الصرف الصحي في عدد من أحياء محافظة القطيف، سبب لانتشار عصابات «آسيوية» تستغل غياب المراقبين البلديين وحاجة المواطنين إلى الخدمات للحصول على المال في مقابل شفط مياه الصرف من المنازل، خصوصاً في المناطق غير المخدومة بشبكات الصرف، ما عرض كثيرين للابتزاز. وتبذل وزارة الشؤون البلدية والقروية جهوداً لمكافحة الحشرات والقوارض، وتنفذ مشاريع للقضاء على البعوض والحشرات المهددة لصحة المواطنين باستخدام طرق صديقة للبيئة مثل المكافحة الهندسية، والحيوية، والجينية، والتي تستهدف معالجة بؤر توالد آفات الصحة العامة وتكاثرها وانتشارها، والتقليل من المعالجة الكيماوية بعد ملاحظة تغير أنماط الحشرات وسلوكها، والتي أظهرت مقاومة حيوية للمبيدات المستخدمة. وتنفذ أمانة المنطقة الشرقية حلولاً وصفتها بـ«العاجلة»، للحد من تجمعات المياه في ضاحية الملك فهد في الدمام من خلال رصد المستنقعات، وإنشاء حوض تجميعي، إضافة إلى بدء ردم المستنقعات. ويبلغ عدد محطات التصريف في الدمام 38 محطة بطاقة استيعابية تبلغ 410 آلاف متر مكعب في الساعة.
مشاركة :