تطوير تشريعات الإعسار في الخليج

  • 12/22/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

شادي شاهر البورنو وضع قوانين للإعسار يشكل حجر أساس لتطوير اقتصادات الدول الخليجية، ولا سيما في ضوء الجهود المبذولة لتنويع وجذب المزيد من استثمارات القطاع الخاص. ويتعين على نظم الإعسار في المنطقة أن تأخذ في الحسبان مستوى التطور الاقتصادي، وإمكانات البنية التحتية المؤسسية القائمة، والحساسيات الاجتماعية لمثل هذه القوانين في كل بلد على حدة. ومع غياب هذه القوانين حالياً، تعجز العديد من اقتصادات المنطقة عن إدراك كامل إمكاناتها في استقطاب الاستثمارات المحلية والدولية، بل وتشهد هروب رؤوس الأموال أثناء الفترات العصيبة. علاوة على ذلك، يرى القطاعان المالي والخاص ضياعاً في القيمة عند تعرض الشركات للفشل من دون وجود مرجع يساعدها على إعادة بناء نفسها كما ينبغي. ويمكن لوضع إطار عمل بمجال الإعسار أن يحدّ من هذه المخاطر مع السماح بإعادة توزيع الموارد عبر القيام بإعادة هيكلة مناسبة، كما يمكنه التشجيع على تنمية القطاع الخاص من خلال حماية أصحاب الأعمال. إن توفير بيئة تتيح للشركات النهوض مجدداً بعد تعرضها للفشل يسهم في التخفيف من وطأة الإفلاس، وتعزيز نشاط ريادة الأعمال، ودفع عجلة نمو القطاع الخاص. وفي ما يتعلق باقتصادات المنطقة، ينبغي أن تكون مشاريع القوانين بهذا الخصوص شاملة للحد من عبء تكاليف الإعسار. وتلعب الأنظمة القضائية دوراً حاسماً في هذا المجال، إذ تشكل أساساً لكل نظام إعسار فعال، فيجب أن يكون القضاء مستقلاً، وأن يؤسس لنفسه سجلاً متميزاً في حل القضايا بمستوى عال من النزاهة. ومن شأن إرساء نظام إعسار فعال وموثوق أن يعود بفوائد جمّة على الاقتصاد، إذ يسمح للشركات بإعادة توزيع مواردها الإنتاجية، وبالتالي التخطيط بشكل أفضل لإعادة هيكلتها مستقبلاً، عدا عن مساهمته في تعزيز ثقة المستثمرين. كما يتيح نظام الإعسار للاقتصادات الاستجابة للأزمات على نطاق منهجي. علاوة على ذلك، وبما أن الإقراض يشكل عصب الحياة لأي اقتصاد حديث، فإن توزيعه الفعال يعتمد على الوصول الدقيق للمعلومات من أجل تقييم المخاطر، وإيجاد آلية قانونية مُعدّة بشكل جيد لفرض الحقوق واستعادة الضمانات والسماح بإعادة الهيكلة. ويعتبر إرساء إطار عمل تشريعي متين للإعسار بمثابة آلية حماية فعالة من المخاطر الشاملة التي تهدد الاقتصاد من القطاعات التي تشهد ظروفاً عصيبة. وبوجود آليات فعالة للتعامل مع مخاطر الإقراض، ستتمكن المؤسسات المالية من تسييل، أو تسوية القروض المتعثرة. على سبيل المثال، عندما يتيح التشريع للبنوك فرصة استعادة الضمانات من أحد المدينين، فإن ذلك يؤدي إلى توفير أسعار قروض أكثر فاعلية للعملاء (وفي معظم الحالات بسعر أقل)، وهو ما يثمر في نهاية المطاف عن توافر الإقراض بشكل أكبر وبتكلفة أقل. وبتحقيق ذلك، يتمكن القطاع الخاص من التوسع، وتوفير فرص العمل والابتكار والنمو، معززاً بذلك النمو الشامل لأي اقتصاد. وقد يكون مرسوم القانون الاتحادي رقم (9) لعام 2016 بشأن الإفلاس في دولة الإمارات من أكثر مشاريع القوانين المؤثرة لمصلحة القطاع الخاص. حيث يساهم التشريع الجديد بشكل إيجابي في تحسين ديناميكيات الإقراض عبر الاقتصاد الإماراتي. وإن توفير المزيد من فرص التنبؤ والسماح لإطار عمل قانوني بإعادة الهيكلة، أو سداد القروض سيعود بالفائدة على الشركات، وأصحاب المصلحة المتعثرين عبر مختلف قطاعات الاقتصاد. وتتبع البنوك في دولة الإمارات تقليداً بشطب ديون الشركات التي تعجز عن الوفاء بالتزاماتها في ضوء الافتقار لمراجع فاعلة تساعد الشركات المتعثرة اقتصادياً على إعادة بناء نفسها. ولذلك ينبغي أن يعزز التشريع الجديد ثقة هذه المؤسسات المالية بوجود إطار عمل يتيح لها اتخاذ القرارات المناسبة بشأن إعادة هيكلة و/أو تسييل الشركات المتعثرة مع اللجوء إلى الضمانات في الحالة الأخيرة. وسيثمر ذلك حتماً عن إدارة أفضل للمخاطر في القطاع المصرفي الإماراتي، وتحسين ديناميكيات تسعير القروض، وتوفير تدفق أمثل للقروض في نهاية المطاف. رئيس الاستراتيجيات الاقتصادية - الأسواق العالمية والخزينة في بنك الإمارات دبي الوطني

مشاركة :