يعد عام 2016، الذي شارف على الوداع، استثنائياً بالنسبة للقطاع العقاري، فقد شهد العديد من المحطات والأحداث السياسية والاقتصادية التي أثرت في القطاع، سواء بالإيجاب أو السلب، كما كان هناك عدد كبير من القوانين المقرة، والتي أثرت بدورها على القطاع، فضلاً عن التوزيعات التي استمرت بها المؤسسة العامة للرعاية السكنية. وتأثر القطاع بعدة قضايا مهمة حدثت خلال العام، كما انخفضت قيمة التداولات العقارية بنسب كبيرة جدا، مقارنة بتداولات عامي ٢٠١٤ و٢٠١٥، ما يعني أن القطاع العقاري عانى الركود والجمود في التداول، وهو ما تسبب في انخفاض الأسعار بنسب متفاوتة بين عقار وآخر، ومنطقة وأخرى. «الجريدة» رصدت أبرز المحطات والأحداث التي مر بها القطاع المحلي خلال عام 2016، إضافة إلى حصد القوانين التي أدت دوراً مهماً ومحورياً فيه، وأثرت في تداولاته وأسعاره على اختلاف قطاعاته، وفيما يلي التفاصيل: مضاربات وانخفاض أسعار العقارات شهد القطاع خلال هذا العام انخفاضا في اسعار الاراضي والعقارات، واختلفت نسبة ذلك الانخفاض بين منطقة واخرى، فقد انخفضت الاراضي والعقارات السكنية في المناطق الخارجية بنسب تراوحت بين 12 و14 في المئة، على خلاف المناطق الداخلية التي شهدت انخفاضات بسيطة قد لا تذكر. وأرجع بعض العقاريين انخفاض اسعار العقارات السكنية في المناطق الخارجية الى اسباب عديدة، منها المضاربات التي شهدتها تلك المناطق، فضلا عن العوامل الاخرى، مثل الركود الذي اصاب القطاع، ما اجبر البعض الى تخفيض اسعار العقارات المعروضة للبيع. وايضا من بين الاسباب، التوزيعات السكنية التي قامت بها المؤسسة العامة للرعاية السكنية، فقد اثرت ولو بشكل بسيط على اسعار العقارات خلال العام. اما بالنسبة للمناطق الداخلية، فأرجع العقاريون سبب عدم انخفاضها الى عدم وجود عقارات معروضة للبيع، حيث ان العرض اقل بكثير من الطلب، فبالتالي لم تشهد انخفاضات كبيرة في الاسعار، او تداولات. اما بالنسبة إلى العقار الاستثماري، فشهد هو الآخر انخفاضات في الاسعار على كل المناطق، تراوحت بين 10 و15 في المئة، الا ان القيم الايجارية لم تتأثر بشكل كبير، ما يعني ارتفاع العائد الاستثماري على تلك العقارات، للتراوح بين 6.5 و8.5 في المئة. وفيما يخص العقار التجاري، فإن تقارير عقارية عديدة ذكرت ان «التجاري» شهد انخفاضا في سعر المتر بنسب وصلت الى 7 في المئة تقريبا خلال عام 2016، وايضا لم تتأثر القيم الايجارية بشكل كبير بذلك الانخفاض، ومن ثم فقد تراوحت نسبة العوائد الاستثمارية في العقارات التجارية بين 6.7 و7.9 في المئة. توزيعات «السكنية» وتأثيرها على الأسعار شهد عام 2016 توزيع المؤسسة العامة للرعاية السكنية العديد من القسائم السكنية على المواطنين، واستطاعت المؤسسة تقليص عدد الطلبات المتراكمة. وتشير البيانات إلى أن المؤسسة قامت بتوزيع أكثر من 62 في المئة من مشروع جنوب المطلاع، وانتهت من توزيع العديد من الضواحي. وأثرت تلك التوزيعات، بلا شك، في أسعار العقارات السكنية، إلا أن تأثيرها لم يكن كبيرا، لأن التوزيعات تمت على المخطط، ولم يتم إعطاء تصاريح البناء للمواطنين المستحقين، حيث ما زالت أعمال البنى التحتية تعمل في بعض المدن التي تم الإعلان عنها. كما تعمل المؤسسة على تنفيذ العديد من المشاريع السكنية الأخرى، وبدأت بالخطوات الأولى لبعضها، كما أنها تعمل على تقليص مدة الانتظار الطويلة للرعاية السكنية، وتوفيرها لمستحقيها من الأسر الكويتية بتكلفة مناسبة. مزادات ضخمة تعكس واقع السوق استمرت خلال عام 2016 اقامة المزادات العقارية كباقي السنوات الماضية، سواء تلك التجارية او القضائية التي تتم عن طريق وزارة العدل، ولكن شهد القطاع مزادات تختلف وتميزت عن غيرها من المزادات الاخرى. فقد اقامت وزارة العدل تنفيذا لحكم قضائي مزادا عقاريا على مجموعة كبيرة من الاراضي السكنية الواقعة في منطقة ضاحية ابوفطيرة، اذ تم بيع 180 قطعة ارض سكنية بمبلغ 36 مليون دينار، ويعتبر هذا المزاد الاضخم على مستوى العقار السكني. فيما اوضح العديد من العقاريين أن ذلك المزاد يعتبر الاضخم خلال السنوات القليلة الماضية، ويعكس حالة السوق، ويدل على ان السوق متعطش، وأن هناك سيولة كبيرة لدى المستثمرين. كما تمت اقامة العديد من المزادات التجارية عبر شركات، وقد حصدت مبالغ كبيرة جدا، وذلك على مستوى العقار السكني. اما بالنسبة للعقارات الاخرى، فقد شهد عام 2016 اقامة مزاد لبيع مجمعات تجارية، ويأتي ابرزها بيع مجمع تجاري بمبلغ 55.3 مليون دينار. ويذكر العديد من العقاريين ان السوق العقاري المحلي شهد خلال 2016 مزادات يصل عددها الى اكثر من 30 مزادا سواء حكوميا او تجاريا، وشهد بعض تلك المزادات إقبالاً وبعضها عزوفاً، وبعضها الآخر شهد استقراراً في أسعار العقارات المباعة. وبيَّن العقاريون ان المزادات لا تخالف واقع السوق، لكن لكل مزاد ظروفه، وأن الفروقات في الأسعار، التي نشهدها في المزادات العقارية، سواء كانت في ارتفاع أو في انخفاض، تعتبر طبيعية، وترجع إلى طبيعة العقار، والملاءة المالية للمستثمرين أو الراغبين في الشراء. رفع تسعيرة الكهرباء والماء قررت الحكومة خلال عام 2016 رفع تسعيرة الكهرباء والماء عن القطاع العقاري، واستثنى مجلس الأمة القطاع السكني الخاص من تلك الزيادة. ورغم أنه لم يحن موعد تطبيق ذلك القرار، والمقرر في أغسطس من العام المقبل، فإن له تأثيرا سلبيا على القطاع العقاري، وعلى نفسيات المستثمرين ومُلاك العقارات الاستثمارية. من الطبيعي أن رفع الدعم عن الكهرباء والماء سيخفض من الإيرادات وعوائد العقارات الاستثمارية والتجارية، ما سيضطر مُلاك العقارات لرفع الإيجارات، وقد تحدث هنا هجرة معاكسة من الوافدين، أو ترحيل أسرهم، والمشاركة في السكن. وستخلق التسعيرة الجديدة العديد من المشاكل بين المؤجر والمستأجر، حيث ستكون نقطة الخلاف، مَن يتحمل فواتير الكهرباء والماء، إذ سيتخذ مُلاك العقارات خطوات من شأنها تقليل استهلاك الكهرباء والماء. وتواجه العقارات الاستثمارية مشاكل في كيفية احتساب كلفة كل شقة، وخاصة أن بعض العقارات تعتمد على عداد كهربائي واحد للعمارة، لاحتساب تكاليف الكهرباء والماء، هذا فضلا عن أن هناك العديد من العقارات مخالفة لأنظمة البناء والتشييد، وقامت بتقسيم الشقة الواحدة إلى أكثر من شقة، بهدف زيادة الإيرادات والعوائد التأجيرية. وطرأت في منتصف عام 2016 تغيرات عديدة في العقود الإيجارية المبرمة بين مُلاك العقارات والمستأجرين، حيث إنه ومع استمرار الحكومة في توجهها نحو رفع الدعم عن الكهرباء والماء، استبق المُلاك بتحصين أنفسهم من تحمل تلك الزيادة، عن طريق تحميلها للمستأجرين، وتدوينها في العقود الإيجارية. وأضاف مُلاك العقارات والمستثمرون بنودا جديدة في عقود الإيجار، حيث اتجه بعضهم إلى تحميل جميع فواتير الكهرباء والماء ومع الزيادات التي قد تطرأ في المستقبل على المستأجر، فيما اتجه البعض إلى تحملها مناصفة. إصدار قوانين وتشكيل لجان عقارية شهد القطاع العقاري خلال عام 2016 العديد من القوانين التي أصدرتها وزارة التجارة والصناعة، بالتعاون مع الجهات الأخرى المعنية بالقطاع، إضافة إلى تشكيل العديد من اللجان لمعالجة قضايا يعانيها القطاع العقاري. وقد تم تشكيل لجنة العقار، التي ضمت ممثلين عن غرفة تجارة وصناعة الكويت واتحاد العقاريين وعدد من المسؤولين في الوزارة، إضافة إلى ممثلين عن القطاع الخاص، حيث تقوم تلك اللجنة بطرح المشاكل التي تواجه القطاع العقاري في السوق المحلي، وتسعى لإعادة النظر، وغربلة القوانين والقرارات التي تخص القطاع، بهدف إزالة المعوقات ومواكبة التطور الحاصل. كما تم تشكيل لجنة لمتابعة وتنظيم والرقابة على المعارض العقارية، تقوم بدراسة آلية الرقابة، واستيفاء المستندات المطلوبة لوضع الضوابط الحاكمة لعملية البيع العقاري خلال المعارض، وبالحدود التي تحمي حقوق العملاء. وأكد العقاريون أن «التجارة» قامت بخطوات ملموسة في تطوير منظومة الرقابة على المعارض العقارية، سواء القانونية أو الإجرائية، حيث تسعى إلى تغيير خريطة تنظيم السوق العقارية، لتصبح أكثر فاعلية وقدرة لحماية حقوق متعامليها. عوائد خيالية... وتحويل للنيابة كما هو معروف أن الكويتي يعد من أكثر الجنسيات استثمارا في العقارات الخارجية، وهذا ما أكدته العديد من الدول، عبر إحصائيات تبين جنسيات مُلاك العقارات لديها، كما أن هناك العديد من الشركات العقارية تقوم بتسويق مشاريع عقارية خارجية داخل الكويت. لكن اللافت للنظر، ظهور شركات عقارية خلال عام 2016 تقوم بتسويق عقارات خارجية بعوائد خيالية تصل إلى 80 في المئة، وهنا قامت الجهات المعنية بالتحقق من تلك الإعلانات التي أخذت صدى كبيرا وواسعا في الشارع المحلي. وبالفعل، تمت إحالة أكثر من شركة عقارية وشركاتها التابعة بتهمة غسل الأموال للنيابة العامة، التي أمرت بدورها بالتحفظ على الحسابات البنكية لتلك الشركات، إضافة إلى الحجز على جميع أموال بعض مسؤوليها. الركود يلقي بظلاله على السوق والتداولات تنخفض 30% عانى القطاع العقاري خلال 2016 موجة ركود وجمود في التداولات، إذ بلغت قيمة التداولات مع نهاية نوفمبر الماضي 2.24 مليار دينار، أي ان معدل التداولات الشهرية يبلغ تقريبا 200 مليون دينار، لنجد ان اجمالي التداولات في نهاية العام سيبلغ 2.4 مليار دينار، بانخفاض قدره 30 في المئة، مقارنة بعام 2015، الذي بلغت فيه قيمة التداولات 3.4 مليارات دينار. وبالمقارنة ايضا بعام 2014 سنجد ان نسبة الانخفاض كانت اكبر، حيث بلغت قيمة التداولات خلاله 4.8 مليارات دينار. وكانت اسباب الركود العقاري عديدة، منها ارتفاع اسعار العقارات المحلية، ووصولها إلى أرقام فلكية، ما حدّ من قدرة المواطنين على شراء المساكن، وأدى إلى عزوف العديد من المستثمرين، إضافة إلى ارتفاع أسعار مواد البناء والأيدي العاملة. كما أن القوانين والضوابط التي وضعتها الجهات الرقابية على القطاع العقاري، خصوصا على السكن الخاص بدأت تلقي بظلالها السلبية على السوق، وهي الأسباب ذاتها التي أدت الى هجرة الأموال إلى الخارج، مع عدم وجود فرص ومنتجات عقارية متنوعة تلبي متطلبات شرائح المجتمع كافة. وقد اتجه العديد من المستثمرين والمواطنين الى الاستثمار في العقارات الخارجية، مع اعلان العديد من الدول وجود فرص عقارية تناسب رؤوس اموالهم، فضلا عن وجود العديد من المزايا والتسهيلات التي تقدمها الدول للمواطنين، كالسماح لهم بتملك العقارات وبخيارات متعددة مع اعفائهم من بعض المتطلبات. استمرار إقامة المعارض العقارية قد لا يكاد يختلف عام 2016 عن غيره من الأعوام التي سبقته بالنسبة للمعارض العقارية، حيث تمت إقامة عدد كبير من المعارض التي تسوق للعقارات الخارجية، وبعضها لاقى نجاحا وصدى واسعا، ومنها ما شهد عزوفا وعدم إقبال. وتعد الكويت من أكثر الدول إقامة للمعارض العقارية في الشرق الأوسط، حيث يتراوح عدد المعارض التي تتم إقامتها في السنة الواحدة بين 8 و12 معرضا. وقد اختلف المختصون حول صحة كثرة المعارض العقارية، حيث يؤكد البعض أن ارتفاع عددها يتيح للمستثمر فرصة الاطلاع على منتجات أكثر، وفي النهاية يرجع قرار الشراء له. فيما يخالف البعض ذلك الرأي، بقولهم إن إقامة هذا العدد الكبير من المعارض خلال السنة الواحدة له تأثير سلبي على السوق والمستثمرين، حيث إن كثرتها تشتت فكر المستثمر، وتخلق الفوضى في السوق المحلي. وطالب العديد من المختصين الجهات الحكومية المعنية بالمعارض العقارية التشدد أكثر في موضوع إعطاء الرخصة في إقامة المعارض وتقنينها، لكي لا تفقد صناعة المعارض العقارية بريقها. وشهد عام 2016 ظاهرة التسويق العقاري عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يشير البعض إلى أن تلك المواقع أثرت بشكل لافت في المعارض العقارية، حيث أصبحت العديد من الشركات التي تسوق للعقارات الخارجية تعتمد التسويق للمشاريع عن طريق مواقع التواصل.
مشاركة :