ملاحظات حول ظروف عابرة

  • 12/27/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

"1" على ما يبدو فإن الأحزاب الكردية بغالبيتها الساحقة يطيب لها العودة إلى عاداتها القديمة كما كانت، أي إلى أحضان النظام مباشرة، أو عبر "حميميم"، مستغلة انتكاسة الثورة في حلب وما تواجه من مصاعب، ومن الواضح أنها لا تنطلق في توجهها هذا من موقع القوة، بل هروباً من مأزقها وإخفاقاتها المتلاحقة، وكأنها تجد في تراجع الثورة المؤقت وتقدم أعدائها فرصة مواتية لها للظهور، في حين أن الحالة التراجعية الراهنة تضر بالكرد ومستقبل قضيتهم على المديين المتوسط والبعيد أسوة بقضايا كل السوريين في الحرية والتغيير الديمقراطي، وعزاؤنا في ذلك ولحسن الحظ أن الأحزاب الكردية لا تمثل الشعب الكردي وليست مخولة بالنطق باسمه. "2" جميع الثوار ومن مختلف المكونات القومية، عرباً وكرداً وتركماناً، والأديان والمذاهب وشرفاء الجيش الحر والوطنيون المستقلون وناشطو الحراك الشبابي والمجتمع المدني الداعمون لثورتهم منذ اندلاعها ومنتديات المثقفين بأطيافهم المتعددة مدعوون إلى التواصل في هذه الظروف العصيبة للبحث الجاد والعملي في تهيئة لجنة تحضيرية تتميز بالنزاهة والتمثيل الواسع لإنجاز عقد (المؤتمر الوطني السوري) كسبيل وحيد للخروج من المأزق الراهن، وإعادة بناء وتنظيم ثورتنا المغدورة عبر برنامج سياسي واقعي جديد، ومجلس سياسي - عسكري كفء، ونهج يرتقي إلى درجات خطورة الوضع والاستفادة من دروس الانتكاسة والهزيمة العسكرية في حلب وذلك قبل أن يركب (فرسان الثورة المضادة في المجلس والائتلاف وغيرهما)، من ركوب الموجة كما تسلقوا سابقاً على أكتاف الثوار. "3" المؤتمر الصحفي قبل أيام بباريس لأربعة وزراء خارجية من (أصدقاء الشعب السوري المفترضين؟ وغاب عنه الوزير السعودي الشاطر لتفادي الإحراج) كان قمة النفاق السياسي، وساده الاستجداء الإنساني والتوسل إلى الطغمة الحاكمة بموسكو، وبالإضافة إلى كون ما جاء فيه خير صورة عن سياسات تلك الدول التي خذلت السوريين كان تعبيراً عن واقع حال أولئك الوزراء: فولاية الأميركي منتهية، والفرنسي ورئيسه وحزبه على وشك الرحيل، والألماني قيد الانتقال لتسلم رئاسة الدولة في بلده، أما الرابع وزير تلك الدولة العظمى التي موَّلت حزب الله وفصائل أخرى إرهابية على شاكلته حتى التخمة، فليس لديه سوى الكلام الفارغ، وهذا درس آخر للثوار وسائر الوطنيين لمعالجة العامل الذاتي فقط لا غير. "4" تأملت كثيراً في ما يشاع عن أن الرئيس الأميركي المنتخب سيتفاهم مع القيادة الروسية، وكذلك الحال مع مرشح اليمين الفرنسي، إذا فاز بانتخابات الرئاسة، ولكن وكما أرى فإن المسألة ليست بهذه البساطة؛ حيث هناك صراع بين المصالح الاقتصادية والنفوذ على المواقع الاستراتيجية في سائر أنحاء المعمورة، وسباق بالتسلح بين روسيا (بوتين) التي تحاول استعادة مواقع الاتحاد السوفييتي السابق، ولكن تحت تأثير الصعود القومي الانتقامي من جهة، وبين أميركا وأوروبا، فهل يعقل أن يرضخ الغرب للهجمة الروسية؟ ويتخلى عن مواقعها للخصم التاريخي والمستقبلي بالعكس تماماً، أرى أن هؤلاء الرؤساء -الشعبويين- إن استتب لهم الحكم في بلدانهم، وبعد ترتيب أمور الداخل سيديرون الصراع بقوة مع موسكو، وحتى بكين، وستتجدد الحرب الباردة، وقد تكون بأشكال أخرى. "5" طوال التاريخ حلَّت الكثير من الكوارث على الشعوب وثوراتها وحركاتها التحررية نتيجة انتكاسات وتراجعات وحتى هزائم عسكرية أو سياسية، كما يحصل الآن في سوريا، ولكنها لم ولن تكن النهاية القاضية، وفي مثل هذه الحالات لا ينفع اللطم أو جلد الذات ولا تخوين البعض عبر وسائل الإعلام؛ لأن ذلك ما يسعى إليه العدو، كل ما يلزم هو التلاقي والحوار والنقد الهادئ والعميق عبر مسارات مشروعة كالمؤتمرات الوطنية الجامعة بمشاركة كل المعنيين، وحينها يمكن المصارحة وتشخيص من يتحمل مسؤولية الإخفاق والبحث عن البدائل، وهذا ما يسعى إلى تحقيقه الوطنيون الصادقون على الصعيدين السوري العام والكردي الخاص. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :