هل انتهى زمن الكبار؟

  • 12/29/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

د. ألفة يوسف مضى من القرن الحادي والعشرين ستّ عشرة سنة، والمتأمّل في هذه السّنوات يلاحظ أنّه لا وجود لأديب أو مفكّر تألّق عالميّاً ولا لفنّان أدهش العالم. وليست هذه الملاحظة خاصّة بالقرن الحادي والعشرين، بل إنّه منذ الثّمانينيّات والتّسعينيّات من القرن الماضي، لم يشهد العالم أدباء في مثل نبوغ طه حسين أو إرنست هيمنغوي أو غابريال غرسيا ماركيز، ولم يشهد العالم فلاسفة من طراز ميشال فوكو وجاك درّيدا وإمانويل ليفيناس مثلاً. ومن المنظور ذاته ظلّت أمّ كلثوم وفيروز ومحمّد عبد الوهاب وماريا كالاس شخصيّات موسيقيّة وغنائيّة استثنائيّة وبقي فيلليني وبازوليني يوسف شاهين فلتات سينمائيّة تعسر مضاهاتها. لا تعني هذه الملاحظة البسيطة أنّ الأدب والفنّ موسيقى وسينما ومسرحاً... إلخ، قد انتهيا، ولكنّ الملاحظة تفيد ضمور الجودة الثّاقبة والتّميّز المذهل. ولمّا كنّا ممّن يؤمنون بأنّ لكلّ ظاهرة اجتماعيّة أسباباً خفيّة، فإنّنا نريد أن نبحث في هذا المقال بسرعة عن سبب أفول زمن الكبار. وإنّنا نرى لهذا الأفول سببين أساسيّين: السّبب الأوّل له علاقة بالإيقاع السّريع اللاّهث لحياتنا منذ أواخر القرن العشرين، فالأغنية الّتي كانت تستدعي كتابة كلماتها ووضع موسيقاها والبروفة على أدائها ثمّ تسجيلها، زمناً يطول، أصبحت تُنجز في سرعة قياسيّة. وكذا شأن الكتابات الأدبيّة، والأبحاث الفكريّة والأفلام السّينمائيّة والمعارض التّشكيليّة. لقد أصبح الإنسان عَجِلاً، وغدت الحضارة الجديدة مفتقرة إلى قيمة أساسيّة لطالما نوّهت بها الأديان والفلسفات. هذه القيمة هي قيمة الصّبر. إنّ بذل الجهد والصّبر على ما قد يقتضيه الجهد من إرهاق هو عامل جوهريّ من عوامل تميّز الأثر الأدبيّ أو الفنّي. وليس من المصادفة أن يكون الله تعالى قد أكّد في كتابه الحكيم أنّه قد خلق السّماوات والأرض في ستّة أيّام، إذ قال: «إنّ ربّكم الله الّذي خلق السماوات والأرض في ستّة أيّام ثم استوى على العرش...» (الأعراف7/54)، وقال عزّ وجلّ: «الله الّذي خلق السّماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيّام...» (السّجدة 32/4). ... المزيد

مشاركة :