الجماعات المسلحة تشكل عائقا أمام بناء مؤسسات الدولة، والصراع بين الجيش الليبي آخر مؤسسات الدولة الباقية وهذه المجموعات صراع وجودي. العرب [نُشرفي2016/12/30، العدد: 10499، ص(13)] ميليشيات نسفت مفهوم الدولة طرابلس – تُمثل الجماعات المسلحة الإسلامية بمختلف توجهاتها البديل الموضوعي للدولة في ليبيا اليوم؛ إذ تمتلك هذه الجماعات عتاداً حربياً ضخماً وسيطرةً ميدانيةً واعتمادات ماليةً وسجوناً ومعتقلات وعلاقات خارجية. فوجود هذه الجماعات عائق أمام بناء مؤسسات الدولة، والصراع بين الجيش الليبي، آخر مؤسسات الدولة الباقية، وهذه المجموعات، صراع وجودي. ويقول الباحث أحمد نظيف في دراسته التي حملت عنوان “آفاق التدخل الأجنبي والتسوية السياسية في ليبيا” إن كل محاولات التوفيق بين الطرفين لا تلبث أن تنهار، فأي حضور مسلح موازٍ للجيش النظامي، سيعتبر حالة غير طبيعية تدفع للصراع. كذلك، ستمنع هذه الجماعات أي مبادرة للتسوية، بوصفها المتضرر من أي مسار لبناء الدولة والاستقرار، فنشاطها لا يمكن أن يستمر إلا في مناخ الفوضى وغياب الدولة. فأغلب المحادثات السياسية التي يشارك فيها سياسيون ونواب وقيادات لأحزاب وحركات سياسية، لا يمكن أن تؤدي إلى نتائج ما لم تكن هذه الأحزاب ذات سيطرة على هذه الجماعات التي تملك الميدان وسلطة “الأمر الواقع”. بل إن وجودها أصبح يشكل ذريعة للعديد من القوى الغربية للتدخل العسكري مرة أخرى في ليبيا. وفي أعقاب سقوط نظام القذافي -ودائما حسب نفس الدراسة التي تضمنها كتاب “داعش-الجوار-المصالحة” الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث في دبي- استغل مزيج معقد من الجماعات التي ترتبط بتنظيم القاعدة أو تستلهم أفكاره، حالة الفوضى السائدة لتوسيع انتشاره في أنحاء كثيرة من البلد. وقامت جماعات مثل جماعة أنصار الشريعة والعناصر المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بشن هجمات، واستغلت غياب السلطة الحاكمة في الكثير من أنحاء البلد لتجتمع بالشبكات الإرهابية الأخرى العاملة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، من أجل تخطيط أنشطتها وتنسيقها. وبدايةً من صيف عام 2015، أصبح لتنظيم “داعش” وجود رسمي في ليبيا، بعد أن بايعت جماعات جهادية زعيم التنظيم أبا بكر البغدادي. وتنقسم الجماعات الإرهابية في ليبيا إلى قسمين: قسم يضم جماعات ذات توجه إخواني، بعضها مرتبط تنظيمياً بجماعة الإخوان المسلمين، وبعضها الآخر مرتبط فكرياً. وقسم ثانٍ يضم الجماعات ذات التوجه السلفي الجهادي المتراوح بين القاعدة و“داعش”. وأهم هذه الجماعات: في أعقاب سقوط نظام القذافي، استغل مزيج معقد من الجماعات التي ترتبط بتنظيم القاعدة أو تستلهم أفكاره ميليشيا درع ليبيا: قوة عسكرية منظمة وتنقسم إلى ثلاثة ألوية تتوزع بين مصراتة وبنغازي وطرابلس، وبالرغم من الادعاء بأنها قوات نظامية تابعة لوزارة الدفاع الليبية، فإن قادتها لا ينتمون للمؤسسة العسكرية الرسمية، وهي القوة الرئيسة في ائتلاف فجر ليبيا الذي يسيطر على العاصمة طرابلس. * غرفة عمليات ثوار ليبيا: مجموعة مسلحة إخوانية-سلفية، تأسست عام 2013، وشاركت في العديد من المعارك ضد قوات الجيش الليبي، وتتهم بعملية اختطاف رئيس الحكومة الأسبق علي زيدان، واختطاف دبلوماسيين مصريين في ليبيا. أسسها وقادها أبوعبيدة الزاوي (شعبان مسعود هدية) ثم خلفه صلاح معتوق. وتلقت المجموعة تمويلات ودعماً من المؤتمر الوطني العام في طرابلس. * كتيبة ثوار طرابلس: مجموعة مسلحة أسسها مهدي الحاراتي، مقربة من أمير الجماعة الليبية المقاتلة المنحلة عبدالحكيم بلحاج، تمتلك اعتمادات مالية ضخمة. مؤسسها الحاراتي، توجه عام 2013 إلى سوريا وشكل هناك “جماعة مسلحة” باسم “جيش الأمة” ثم عاد إلى طرابلس وتقلد منصب “عميد العاصمة” أي رئيس بلدية طرابلس. * مجلس شورى ثوار بنغازي: جبهة مسلحة تضم داخلها تحالفاً من التنظيمات الإسلامية ذات التوجهات الجهادية والإخوانية. تشكلت بعد إطلاق اللواء حفتر عملية الكرامة عام 2014 وتضم جماعة أنصار الشريعة، وكتيبة أبوعبيدة بن الجراح المتهمة باغتيال السفير الأميركي في سبتمبر 2012، وجماعات أخرى كمجموعة درع ليبيا في بنغازي. ويتركز نشاط المجلس في مدينة بنغازي وضواحيها، لكن قوته تقهقرت في المدة الأخيرة بعد تقدم قوات الجيش الليبي. كان المجلس يتلقى دعماً واضحاً من المجموعات الإخوانية المسلحة في مصراتة وطرابلس، خاصة جماعة أنصار الشريعة، واكُتشف أن لأنصار الشريعة صلات على الصعيدين الوطني والدولي، في تسلسل مثير للأحداث التي أحاطت باختطاف السفير الأردني في ليبيا في 15 أبريل 2014. مجلس شورى ثوار درنة: تحالف لمجموعات مسلحة ذات توجهات جهادية. ينتمي أغلب عناصره إلى قدماء مقاتلي الجماعة الليبية المقاتلة، ولا يُخفي المجلس ولاءه لتنظيم القاعدة. تشكل بعد إعلان عملية الكرامة لمواجهة قوات الجيش الليبي، لكنه دخل في صراع مسلح مع تنظيم “داعش” خريف عام 2015، واستطاع إخراج عناصر “داعش” من مدينة درنة والسيطرة عليها. أما عن تنظيم داعش، فعلى الرغم من حضوره المتأخر على الساحة الليبية، فإنه استطاع التمدد جغرافياً بسرعة كبيرة، وكسب مناطق تحت سيطرته. :: اقرأ أيضاً الأمن الروحي في المغرب.. تجانس مذهبي أضيف إليه الترشيد
مشاركة :