أكد أدباء مصريون أن الحركة الثقافية في مصر خلال عام 2016، كانت خافتة، لا تناسب بزخمها التحديات التي تواجهها، ومنها انعزال المثقفين الحقيقيين في صوامعهم، نتيجة ما يتعرضون له من مضايقات. وأضاف الأدباء في تصريحات لـ «العرب» أن الحركة الثقافية تزداد خفوتاً عاماً بعد عام، لدرجة أننا نشعر وكأن هناك عداء تاما بين الثقافة وبين من يحاربونها وبكل ضراوة. وأشاروا إلى رحيل عدد من المبدعين في 2016 وعلى رأسهم فارس لغتنا الجميلة الشاعر فاروق شوشة، والروائي علاء الديب وسيد الضوي راوي السيرة الهلالية وعالم الاجتماع محمد حافظ دياب. جراح: حركة خافتة يرى القاص والروائي محمد جراح أن الحركة الثقافية المصرية طوال عام 2016 كانت خافتة لا تناسب بزخمها التحديات التي يواجهها الوطن وشهد العام ضعف وزارة الثقافة من خلال أجهزتها المختلفة في الاضطلاع بما هو مطلوب منها في هذه الفترة العصيبة بتحدياتها الكبيرة وعجزها عن طرح رؤى جديدة ومبتكرة في التواصل المجتمعي خصوصا مع الشباب. وأضاف أن الأحداث الثقافية المختلفة الموضوعة على الأجندة تمت بشكل لم يشعر به أحد ولعل مهرجان القاهرة السينمائي خير دليل على ذلك، مؤكدا أن العام المنصرم بدأ بداية طيبة بمعرض الكتاب وشعاره القوي الثقافة في المواجهة لكن الشعار لم تتم ترجمته في برامج طوال العام. وشهد العام هدوءا في اتحاد الكتاب بعد صراعات أعضاء إدارته لكنه ظل بعيدا عن التفاعل مع التحديات والفعاليات الثقافية. وأشار إلى أنه لم يشهد العام صدور كتب أو أعمال إبداعية لافتة، كما انعكس الوضع الاقتصادي على الوضع الثقافي وأثر فيه سلبا، غاب المشروع الثقافي نتيجة غياب الرؤية والإرادة. كان من المفروض أن تقوم الثقافة بلعب دور كبير وتكون ثورة موازية في التنوير ولكن ذلك لم يتم طوال السنوات الماضية وبات أمر إعداد مشروع ثقافي متكامل أمرا ملحا في هذه الفترة. الشيخ: عودة كبار الأدباء بعد تطوير أساليبهم أكد الأديب المصري أحمد الشيخ، أن حركة الثقافة في 2016 كانت ثرية للغاية، حيث كثرت الإصدارات الثقافية المتنوعة في شتى فروع الأدب، خاصة للأدباء الشباب الذين قدموا عددا كبيرا من المؤلفات في القصة والرواية والشعر، كما عاد الأدباء الكبار بكل قوة بعد تنويع أساليبهم وتقديم أعمال أدبية حديثة رصدت الصراعات الفكرية والسياسية في المجتمع، حيث إن الأديب دائما يكون مرتبطا بعاداته وتقاليد مجتمعه. عبدالمجيد: الوزارة تنحاز إلى الحكومة ضد المثقفين قال القاص والمترجم عاطف محمد عبدالمجيد: إنه رغم أن الثقافة ربما تُكوّن برفقة التعليم، أهم دعامتين أساسيتين يقوم عليهما المجتمع، فإنها تستقر في بعض البلدان العربية على دكة الاحتياط، خاصة بعد أن فرّغها الساسة من مضمونها. وأضاف، هنا في بلداننا العربية ثمة مؤسسات ثقافية كبرى، ثمة موظفون بالآلاف فيها، ثمة فعاليات جوفاء، لكن ليس ثمة من نتائج فعلية لكل هذا. بالطبع هناك انفصال تام بين فعل الثقافة الذي يمارسه بعضهم داخل أروقة المؤسسات وبين الواقع الذي يعيشه المواطن العادي. وفي مصر لا تختلف الحركة الثقافية كثيراً عن مثيلتها في معظم البلدان العربية، ما نلاحظه أن هذه الحركة لم تختلف كثيراً في هذا العام عن العام الذي سبقه: الطقوس هي نفسها، الأسماء لم تتغير إلا قليلا، وزد على هذا تراجع دور الوزارة وعلى رأسها وزيرها الذي ظل صامتاً تجاه قضايا جوهرية تمس المثقفين وحبسهم، لقد انحازت الوزارة إلى حكومتها ضد مثقفيها. أما الحدث الثقافي المحزن والمؤلم هذا العام فهو حبس الكاتب أحمد ناجي بحجة أنه خدش في رواية له الحياء العام، فعدة جمل في كتاب تخدش حياء المجتمع، ثم تم بعد ذلك الإفراج عنه. الغازي: أجواء سلبية في الحرية والفكر قال الكاتب والشاعر والمتخصص في صناعة النشر، صالح الغازي، إنه أقيمت العديد من الفعاليات لقصيدة النثر ثم ضجة حول ملتقى الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة ومجابهة رجعية غير مبررة ضد قصيدة النثر بشكل عام وبين هذا وذاك تجاهل في كل الأحوال لشعر العامية خاصة لقصيدة النثر المكتوبة بالعامية المصرية. وأضاف، أعتقد أن الشعر قد يتحقق في قصيدة نثر أو في أغنية موزونة. قد يتحقق بالمجاز أو المشهد وبالإيقاع وبدونه بالحالة أو بالفكرة أو بالوصف. والفن يشهد بالنبوغ لقصيدة العامية ولا يكتفى بالفصحى كثقافة مصرية. لكن على العكس شهد العام محاكمات في نقابة الصحافيين ومحاكمات كتاب بأسباب مختلفة من خدش الحياء أو ازدراء الأديان... وفي السياق نفسه وجدنا أحد نواب البرلمان المصري يطالب بمحاكمة نجيب محفوظ كان قد سبقها أن أحد الناشرين غير اسم إحدى روايات محفوظ واستبدل كلمة عبث بعجائب، فكل هذا يعكس أجواء سلبية في الحرية والفكر منبعها هو التزيد في توسعة المحرمات والمجرمات وتظهر بعدم فعالية أغلب المؤسسات الثقافية. مطر: أحداث وتقلبات قال كاتب الخيال العلمي مدحت مطر: إن القمة من أروع ما يتمناه الكاتب، والأديب.. خاصة الكاتب الشاب، رغم أننا عبرنا العديد من الحفر في المجال الأدبي ولكن آخر ما نبحثُ عنه هو التاريخ والاستفادة والقراءة.. نعم هذا ما وجدته في الحركة الثقافية لعام 2016 فنجد العديد من القراء الذين أصبحت لديهم شراء الكتب عادة وليست عبادة واستفادة، والمنفع الوحيد هو أن يملأ بها مكتبته الخاصة. وأضاف: إنه أصبح هناك منفعة أكبر بعد أن قام العديد من مؤلفي روايات الجيب بطباعتها مع دور النشر، رغم أن مجالهم يبعد تماماً عن ذلك كما أن ظروف نشأتهم العلمية قد تلهيهم بعض الشيء عن الثقافة العامة، فأصبح الكثير يكتب في كل شيء، كما أن ظاهرة التكريمات أصبحت للجميع! بمعنى أنه حينما كان أديب يفوز بجائزة نوبل للكتابة، كان يتم اختياره بعناية ورغم مصداقية الجائزة، فكان العديد من الكتاب يهتفون بأنفسهم أن لهم الحق في ذلك ولكن لا مجال فالأصلح هو من يفوز في النهاية.. هذا ما نجد عكسه في هذا الوسط في هذا الوقت فالجميع يكرم والجميع فائز. أما عن الجانب الإيجابي، فهناك العديد من الأشياء التي ربما نتحدث عنها بمصداقية وثقة بأن جميع الكتاب ما زالوا مستمرين بصالونات أدبية محترمة وأصبح الموضوع غير مقصور على وزارة الثقافة فقط، فنجد العديد من الفنانين والعلماء، والمشايخ، قد يهتمون بجانب من الثقافة الأدبية والقصصية، بل ارتفعت نسبة المثقف القارئ أيضاً فرغم اختلافي مع العديد، ولكن نجد العديد منهم ما زالوا مهتمين بحضور الندوات الأدبية. شبلول: أفول المجلات الثقافية أكد الأديب أحمد فضل شبلول، أن الثقافة المصرية شهدت خلال عام 2016 أفول بعض المجلات الثقافية المهمة التي كانت تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب وتحديدا مجلتي «المجلة» و»الرواية» إلى جانب محاولة اغتيال مجلة «الشعر» التي يصدرها اتحاد الإذاعة والتلفزيون. وأضاف: علمت أن هيئة الكتاب سوف تطبع تلك المجلة المتخصصة التي تصدر منذ أكثر من 40 عاما. وكان من الأجدى أن تحافظ الهيئة على مجلتها المتخصصة أيضاً «الرواية» التي لم ندر لماذا صدرت ولماذا توقفت خلال سنوات قليلة من عمرها. وتابع: كما شهد هذا العام رحيل عدد من المبدعين من أهمهم الشاعر الكبير فاروق شوشة الذي قدم برنامجا إذاعيا يوميا على مدى 50 عاما هو برنامج «لغتنا الجميلة»، إلى جانب برامجه الأخرى وكتبه ومقالاته التي أثرى بها حياتنا الأدبية، وعندما تأملت رحلتي مع فاروق شوشة رأيت أنها تستحق الحديث عنها في كتاب مستقل فأعددت كتابا بعنوان «في صحبة فاروق شوشة» سيصدر قريبا. واستطرد أيضا شهد هذا العام انعقاد ملتقى القاهرة الرابع للشعر العربي على مدى 4 أيام استضاف فيه مجموعة من الشعراء والنقاد من داخل مصر وخارجها، حيث عقدت عدة جلسات نقدية وأمسيات شعرية، توجت بفوز الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة بجائزة الملتقى.;
مشاركة :