ظاهرة إدجار آلان بو في الثقافة العربية

  • 1/1/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا يمكن لنا أن نفهم الأدب العربي الحديث بعيداً عن إطار المؤثرات الأجنبية فيه، فقد باتت هذه المؤثرات مصدراً أساسياً من مصادر نهضة الأدب العربي الحديث، ومن ثم لا يمكن فهم الأدب العربي الحديث بدون دراسة الآداب الوافدة، جنباً إلى جنب مع دراسة التراث والثقافة الأم، وذلك لسببين: أولهما أن الأدب العربي الحديث ما هو إلا حلقة من حلقات الآداب العالمية، ولا يمكن عزله عنها، فالعالم أصبح قرية واحدة، ما يحدث في أقصى الشمال يؤثر في أقصى الجنوب، ثانيهما أن الأدب العربي الحديث تأثر تأثرا مباشرا بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أحاطت بالوطن العربي، بدءاً من الحملة الفرنسية، وما نتج عنها من احتكاك بالثقافة الأوروبية الحديثة من خلال إرسال البعثات إليها، وانتهاء باحتلال العراق والدعوة لعالم القطب الأوحد، مروراً بالحقبة الإمبريالية، التي عاث فيها الاستعمار فساداً في الديار والعقول، وسعى إلى فرض ثقافته فرضاً قسرياً. من هنا كانت هذه الدراسة وعنوانها تأثير إدجار آلان بو في الأدب العربي الحديث للدكتور هاني إسماعيل، تهدف إلى تحديد نقاط القوة التي يجب استثمارها جراء تلاقح الأدب العربي بالآداب الأجنبية، ونقاط الضعف التي يجب تصحيح مسارها للوصول بالأدب العربي إلى الخصوصية والعالمية في آن، ولن يتم هذا إلا عبر الارتكاز على ذات راسخة، وهوية ثابتة، تستوعب الوافد الجديد وتطوعه لقيمها وأطرها الثقافية والفكرية، دون أن تذوب في الوافد أو تتنكر للذات. وتهدف الدراسة في إطارها الخاص إلى محاولة تقييم الأثر الذي أفاده الأدب العربي من تلاقيه مع الأدب الأمريكي، متمثلا في تأثير إدجار آلان بو في الأدب العربي الحديث، واستجلاء القيمة الفنية لانتقال الرؤى الإبداعية والأشكال الفنية، ولم يأت اختيار إدجار آلان بو اختياراً عبثياً، بل جاء عن وعي وقصد، فهو يشكل رافدا من روافد الثقافة الغربية والعربية في آن، إنه شاعر وناقد وقاص، يتفق النقاد على ملكاته الشعرية والنقدية والقصصية، لكنهم يختلفون في ترتيب نصوصه منها، فيحسبه بعضهم شاعراً قبل كل شيء، ويحسبه الآخرون ناقداً قبل كل شيء، والأكثرون على أنه أستاذ في القصة القصيرة، وأن أثره فيها أكبر الآثار. يوضح المؤلف أن أحد العوامل التي دفعته لاختيار بو هو إقبال جمهرة القراء العرب على أعماله، وعلى وجه الدقة، إقبال شباب القراء على رواياته وقصصه المترجمة، وهي ظاهرة تستحق الدراسة، وكانت هناك بعض الترجمات لبعض إنتاج بو إلا أن كل المقدمات كانت سطحية وعابرة - على حد تعبير المؤلف - وجاءت هذه الدراسة لتسد ثغرة في هذا الاتجاه، ففيها يتم التعريف بإدجار آلابو: المكان والمكانة، من خلال استعراض سيرته الذاتية ومكانته الأدبية على المستويين العربي والعالمي. يتناول المؤلف في هذه الدراسة بدايات الاتصال التي جمعت بين الثقافة العربية والثقافة الأمريكية، من هجرة عربية إلى العالم الجديد، ودور الترجمة والصحافة في انتقال الثقافتين، وانتقال إدجار آلان بو إلى الأدب العربي، كما أنه يتناول تأثير بو في المدارس النقدية والمذاهب الأدبية مثل الرمزية والرومانسية، وبالتالي تأثر الأدب العربي بهذه المدارس والمذاهب التي أسهم بو في تشكيلها والتمهيد لها.

مشاركة :