دارت اشتباكات متقطعة على جبهات عدة في سورية، أمس، ما يهدد هدنة هشة دخلت يومها الثالث، في حين عبّرت فرنسا عن أملها بـ«احترام كامل» لوقف إطلاق النار، داعية إلى استئناف سريع للمفاوضات السياسية برعاية الأمم المتحدة. ومع دخول وقف النار، برعاية روسية تركية، يومه الثالث، لم تتوقف المعارك المتقطعة والقصف في بعض الجبهات، على الرغم من تراجع حدتها. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بأن «الهدوء لايزال يسود معظم المناطق السورية التي يسري فيها وقف إطلاق النار»، مشيراً في الوقت ذاته إلى «خروقات متفاوتة من حيث شدتها وكثافتها». وقال المرصد ومقاتلون من المعارضة إن طائرات حربية تابعة للحكومة السورية وجهت ضربات جوية عدة، فيما تواصلت اشتباكات على مستوى منخفض في بعض المناطق، أمس. وأكد المرصد أن الطائرات قصفت قرى كفركار والمنطار وبنان في ريف حلب الجنوبي. وأضاف أن القوات الحكومية تقدمت أيضاً ضد مقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية بالقرب من دمشق، وسيطرت على 10 مزارع قرب بلدة دوما. وأشار المرصد إلى «غارات نفذتها طائرات حربية سورية، صباح أمس، على بلدة الأتارب في ريف حلب الغربي»، وتسببت في سقوط جرحى، وذلك بعد ساعات من مقتل طفلين جراء قصف مدفعي لقوات النظام على بلدة كفر داعل في المنطقة ذاتها. ويرتفع بذلك عدد القتلى منذ بدء تطبيق الاتفاق إلى أربعة مدنيين وتسعة مقاتلين، وفق المرصد. وتحدث مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، عن «خروقات حتى لو لم تهدد مباشرة بانهيار الهدنة». وتأتي الخروقات غداة مقتل جنديين سوريين، جراء تفجير انتحاريين حزاميهما الناسفين على حاجز للجيش في مدينة طرطوس في غرب سورية. من جهة أخرى، شن الطيران الروسي غارات على قرى في ريف حلب الجنوبي، في خرق للهدنة في يومها الثالث، وذلك رغم تأكيدات بأن المنطقة خالية من أي مقار عسكرية. وقال الدفاع المدني بحلب إن الطيران الروسي استهدف، صباح أمس، قرى بنان والمنطار وكفركار في منطقة جبل الحص بريف حلب الجنوبي. وأفاد مصدر بأن طائرات حربية شنت غارات على مدينة الأتارب بريف حلب، ما أسفر عن إصابة مدنيين ودمار واسع في الأبنية والممتلكات. وكانت الجهات المدنية في الأتارب أعلنت في وقت سابق أن المدينة خالية بشكل كامل من أي مقار عسكرية. يشار إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أفادت، أول من أمس، بأن قوات النظام استهدفت قرى كفركار وبنان الحص والزيارة وكفرداعل وخان العسل وكفر حمرة بقذائف المدفعية، ما أدى إلى سقوط قتيلين. من جهة أخرى، واصلت قوات النظام وميليشيات «حزب الله» انتهاكها لوقف إطلاق النار في محافظات عدة، وعلى رأسها منطقة وادي بردى، وسط أنباء عن توقف القصف، بعد تهديد المعارضة المسلحة بالانسحاب من الهدنة. وأفاد مصدر بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 19 في قصف من قوات النظام على وادي بردى التي قطع النظام عنها الاتصالات. وفي الغوطة الشرقية بريف دمشق هاجمت قوات النظام نقاطاً عدة للمعارضة، وسيطرت على مزارع في منطقة المرج. وقالت شبكة شام إن قوات النظام قصفت بلدات مضايا والميدعاني وحرزما في الغوطة الشرقية، كما فجرت أحد الأبنية في حرستا، في حين دارت اشتباكات بحي جوبر الدمشقي. ومع استمرار الاشتباكات المتقطعة في منطقة وادي بردى قرب دمشق منذ أسبوع من دون أن تتراجع حدتها بعد تطبيق الهدنة، اتهمت الفصائل المعارضة الموقعة على الاتفاق في بيان قوات النظام بخرق الهدنة. ولوّحت بأن «استمرار النظام في خروقاته وقصفه، ومحاولات اقتحامه للمناطق تحت سيطرة الفصائل، يجعل الاتفاق ملغى»، داعية الطرف الروسي كضامن للنظام وحلفائه إلى أن يتحمل مسؤولياته. لكن مناطق أخرى ساد فيها الهدوء، ولم تنفذ جماعات المعارضة تهديدات بالتخلي عن الهدنة بالكامل حال استمرار انتهاكات الحكومة لها. وقال محمد رشيد، وهو متحدث باسم «جماعة جيش النصر» التي تنشط بالأساس في محافظة حماة غرب البلاد، إن المنطقة اتسمت بالهدوء في معظم الأماكن. وقال إن مناوشات وقعت في وادي بردى قرب دمشق، لكن قوات الحكومة وحلفاءها توقفت عن القصف وشن ضربات جوية. في الأثناء، عبّرت فرنسا عن أملها بـ«احترام كامل» لوقف إطلاق النار في سورية، داعية إلى استئناف سريع للمفاوضات السياسية برعاية الأمم المتحدة «بعد تبني مجلس الأمن الدولي قراراً يدعم خطة روسية تركية». وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في بيان إن «التبني بالإجماع للقرار 2336 يظهر الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي لتطبيق وقف إطلاق النار في سورية». وأضاف أن فرنسا «تأمل الآن احترام وقف إطلاق النار بالكامل، بهدف حماية حياة المدنيين، والسماح بالوصول الكامل للمساعدات الإنسانية». وجاء في البيان أن «من المُلح أيضاً أن يتم استئناف المفاوضات السياسية برعاية الأمم المتحدة، استناداً إلى بيان جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وستؤدي فرنسا دورها بالكامل في تلك المفاوضات».
مشاركة :