لم يشارك مانويل فالس في انتخاب الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران عام 1981 لأنه لم يكن فرنسيا في ذلك العام بل كان مهاجرا إسبانيا. فأبوه الذي توفي عام 2006 كان رساما إسبانيا مقيما في فرنسا، وكان مانويل فالس قد ولد في مدينة برشلونة عام 1962. وهو يتقن اللغات الإسبانية والفرنسية والإيطالية التي تعلمها عن والدته السويسرية من أصول إيطالية، ولم يحصل فالس على الجنسية الفرنسية إلا في عام 1982، وقد درس التاريخ في جامعة السوربون. وبعد انخراطه في الحزب الاشتراكي الفرنسي، انخرط في التيار الذي كان يجسده ميشيل روكار رئيس الوزراء الفرنسي السابق. وتولى عدة مهام في هذا الحزب إلى أن اختاره ليونيل جوسبان رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ليكون رئيس الجهاز الإعلامي في رئاسة الوزراء خلال الفترة التي تولى فيها جوسبان رئاسة الحكومة أي من عام 1997 إلى عام 2002. وقبل أن يصبح وزيرا للداخلية بعد انتصار فرانسوا هولاند في أعقاب الانتخابات الرئاسية الماضية التي جرت عام 2012، كان فالس عمدة مدينة إيفري إحدى المدن الكبيرة الواقعة في الضاحية الفرنسية. وأما المهام الأساسية التي طلب الرئيس الفرنسي من فالس القيام بها حسب ما ورد في مداخلة فرانسوا هولاند في الليلة الفاصلة بين نهاية مارس الماضي وأول أبريل الجاري فهي ثلاثة وأولها النهوض باقتصاد البلاد عبر إصلاحات جذرية تساعد المؤسسات الاقتصادية الفرنسية على كسب رهان المنافسة العالمية والعمل على العناية بالفئات الفقيرة والسعي إلى خفض الضرائب الموظفة على مداخيل المواطنين لتحسين قدرتهم الشرائية. وواضح من خلال الطريقة التي تطرق عبرها الرئيس الفرنسي إلى مهمة فالس الأولى ومن الأوضاع الفرنسية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الفرنسية الحالية أن ما يطلبه هولاند أساسا من رئيس الوزراء الجديد هو أن يكون على رأس حكومة فاعلة للمساعدة على تنفيذ المشروع الذي أطلقه الرئيس الفرنسي في الرابع عشر من شهر يناير الماضي والمتمثل في خفض الضرائب الموظفة على المؤسسات الاقتصادية وبخاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة لإعادة الحيوية إلى الدورة الاقتصادية وبالتالي الحد من البطالة والاستثمار في التأهيل وإعادة التأهيل والابتكار للمساعدة على رفع الإنتاج والإنتاجية وتحسين نوعية المنتجات والخدمات. والحقيقة أن الرئيس الفرنسي وجد نفسه في أعقاب الانتخابات البلدية التي شهدت إلحاق هزيمة ثقيلة بالحزب الاشتراكي الحاكم أمام خيارين اثنين: إما المضي قدما في التصالح مع رأس المال وبالتالي مع القطاع الخاص الذي لا يمكن بدونه معالجة أزمة البطالة وإما الإنصات إلى الذين صوتوا ضد الحزب من أنصاره بسبب هذا التوجه الجديد الذي بدأه الرئيس الفرنسي قبل شهرين في مجال السياسة الاقتصادية. وقد اختار هولاند الخيار الأول ورأى أن مانويل هو الشخص المؤهل أكثر من غيره لإمكانية النجاح في هذا المسعى لا سيما وأنه قريب جدا من حيث توجهاته من أطروحات "الاشتراكية الديمقراطية" التي أعلن هولاند علنا أنه أصبح من أتباعها. وكان فالس قد أعرب مرارا عديدة أنه ميال إلى الفكر الإصلاحي أكثر من ميله إلى الأفكار الثورية وأنه يجد نفسه قريبا من السياسة التي انتهجها توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق. وقال أكثر من مرة إنه مع مبدأ التعاطي مع متطلبات الليونة الاقتصادية وضد المطالب النقابية المبالغ فيها.
مشاركة :