توقعت وزارة التنمية التونسية والاستثمار والتعاون الدولي، أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي في تونس خلال سنة 2017 في حدود 2.5 في المائة، إلا أن هذه النسبة تنخفض إلى 2.3 في المائة إذا لم يقع احتساب القطاع الفلاحي، الذي سجل نتائج إيجابية خلال السنوات الماضية؛ خاصة على مستوى صادرات زيت الزيتون. وتتوافق هذه النسبة مع تصريحات لمياء الزريبي، وزيرة المالية، بشأن توقعات النمو للسنة الجديدة؛ إلا أنها تختلف مع توقعات الخبراء التونسيين في مجالي الاقتصاد والمالية، الذين عبروا في تصريحات إعلامية عن صعوبة الوضع الاقتصادي في تونس خلال سنة 2017، وانتظار مصاعب مالية، وبخاصة مع حلول آجال تسديد عدد كبير من القروض متوسطة المدى. وبشأن الصادرات التونسية خلال هذه السنة، توقعت وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي أن ترتفع بنسبة 6.8 في المائة. وبنت هذه التوقعات خاصة على العودة التدريجية لصادرات مادة الفوسفات، وارتفاع الإنتاج القابل للتصدير، وفي المقابل من المنتظر أن ترتفع الواردات بدورها بنسبة 5.7 في المائة. وعلى إثر إقرار مجموعة من القوانين المحفزة على الاستثمار، سواء منه المحلي أو الأجنبي، تتوقع تونس أن يعرف نسق الاستثمار زيادة مهمة خلال السنة الحالية، لتبلغ حدود 10.2 في المائة، بعد أن كانت في حدود 7 في المائة خلال السنة الماضية. وتؤكد السلطات التونسية على العودة التدريجية للاستثمار، إذ كانت نسبة الارتفاع ضعيفة للغاية سنة 2015 ولم تكن تتجاوز 0.1 في المائة، بينما كانت سنة 2014 في حدود 0.9 في المائة. وتعكس هذه التطورات تعافي الاستثمار وعودته إلى نسق عادي سيعرف مزيدا من التطور بعد تحقيق تونس للاستقرار السياسي والأمني. وعلى مستوى الاستثمارات الخارجية المباشرة، التي تعول عليها تونس كثيرا في تمويل الاقتصاد التونسي بعد عرض عشرات المشروعات الحكومية على المستثمرين إبان المؤتمر الدولي للاستثمار «تونس 2020» الذي عقد في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإن الجهات الحكومية تتوقع أن ترتفع إلى حدود 2.5 مليار دينار تونسي (نحو مليار دولار)، بعد أن كانت خلال السنة الماضية لا تزيد عن 2.05 مليار دينار تونسي. ونتيجة لهذه التوقعات الحكومية الاقتصادية المتفائلة، فمن المنتظر ألا تزيد نسبة العجز الاقتصادي عن حدود 8.1 في المائة، بعد أن كانت 9.1 في المائة سنة 2014. ولا تتوافق هذه التوقعات الحكومية مع قراءة خبراء تونسيين في الاقتصاد والمالية للمرحلة الاقتصادية التي تمر بها تونس، والذين يرون أن نسبة النمو المتوقعة بعيدة عن الواقع الاقتصادي التونسي، وأن نسبة 2.5 في المائة التي توقعتها الحكومة في قانون المالية لا يمكن تحقيقها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. وفي هذا السياق، أكد معز الجودي الخبير الاقتصادي، أن نسبة النمو خلال سنة 2017 ستتراوح بين 1.5 أو 2 في المائة على أقصى تقدير. وقال إن أهم محركات الاقتصاد لا تزال في حاجة للدوران «إن لم نقل إنها معطلة»، وأهمها تدني مستوى الاستهلاك الداخلي وانكماش الاستثمار بنوعيه المحلي والأجنبي، إضافة إلى تذبذب الصادرات وتراجع مداخيل القطاع السياحي من العملة الصعبة. وأشار الجودي إلى أن تونس ملزمة خلال السنة الجديدة بتسديد ديونها وخدمة القروض بالعملة الصعبة، وقال إن خدمات الدين ستبلغ نحو 6 مليارات دينار تونسي (نحو 2.4 مليار دولار)، وهو ما يجعل الحكومة بين خيارين اثنين؛ إما التوجه نحو تنمية الديون بمشكلاتها الكثيرة، أو الاهتمام بخدمة الديون الخارجية والمحافظة على مصداقيتها، مع هياكل التمويل الدولية. وبشأن الوصفة المناسبة لتحقيق نسبة نمو تتماشى وإمكانات الاقتصاد التونسي، قال الجودي إنه ينبغي على الحكومة التونسية أن توجه الديون الخارجية نحو مشروعات التنمية وخلق الثروات، باعتبارها طريقا نحو عودة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي المفضي إلى عودة الاستثمار الداخلي والخارجي.
مشاركة :