امرأة سمر المقرن تعيش في «كذبة إبريل»

  • 1/5/2017
  • 00:00
  • 55
  • 0
  • 0
news-picture

تسعى الكاتبة السعودية سمر المقرن من خلال روايتها «كذبة إبريل» (دار مدارك للنشر) إلى إلقاء الضوء على تقاليد تمسك بزمام حياة المرأة السعودية وتكون لها اليد الطولى في الحد من قدرتها على الإبداع. هي العادات والأعراف التي تصفها المقرن معتمدة السخرية السوداء، ففي كل فصل من فصول روايتها تتكئ على «الساركازم» ليصبح عنواناً ثابتاً لا يتغير معه سوى ترتيب الفصل (تم تسليمه 1، تم تسليمه 2... على سبيل المثل). تتسم محاولة المقرن الروائية بالشجاعة في وضع الأمور الأكثر حساسية على بلاط البحث، وإن كان قد سبقها إلى ذلك كثيرون. نوال التي تزوجت مرتين في شكل تقليدي وتطلقت، تجد ضالتها في العمل التطوعي وتصل إلى بيروت بصحبة صديقتها عواطف اليسارية لتتعرف إلى أحمد ويصبح زوجها الثالث بعد قصة حب جمعتهما بعيداً من قيود المجتمع، حيث وجدا في بيروت مساحتهما الخاصة. وفي ما خلا الحديث عن الزواجين السابقين، وما تسميه بـ «زواج البطيخة» المتعارف عليه، وتعابير أخرى مثل «يعاين البضاعة» وما كتبته على بطاقة التهنئة لابنة خالتها بخطوبتها: «مبروك أريز، إنتا في روح عند كفيل جديد يا رب يكون كويس»، والصدمة التي نتلقاها في نهاية النص حين نكتشف أن أحمد خائن ومهووس في ممارسة الجنس افتراضياً مع فتيات من جنسيات مختلفة، لا يفاجئنا في هذا النص الذي يسير على خط مستقيم البنية سوى طلب أحمد السماح ومنحه فرصة للعلاج. وها هو الرجل الشرقي في رواية المقرن يعترف بأن الخيانة ليست وجهاً من أوجه الفحولة، وهذه كانت لا شك نهاية موفقة للنص. يتعذّر على قارئ المقرن أن يبحث عن خيوط العمل الروائي أو يجد حبكة واضحة للنص. تجنح الرواية أكثر نحو أسلوب كتابة شيء من التدوينات أو المذكرات، إذ لا تكتمل في النص عناصر الكتابة الروائية، إلا أن لغة السرد سهلة تعتمد على المحكية في شكل يجعلها أقرب إلى القارئ، كأنها عبارة عن «سرديات»، إن صح القول. لا قالب روائي لها، وتشوب النص أخطاء لغوية نذكر منها على سبيل المثل: «عاش السوريين» والصحيح «عاش السوريون» (ص 10)، «إلا أن شهر مضى» والصحيح «إلا أن شهراً مضى» (ص 17)، «يأست» والصحيح «يئست» (ص 30)، «كلاهما هذه الليلة يتواطؤون» والصحيح «يتواطآن»... إلى ما هنالك من الأخطاء التي لا مجال لذكرها كلها... مما لا شك فيه أن من الصعب الحديث هنا عن هيكل روائي بالمعنى المتكامل، فالكاتبة إذ اعتمدت الأسلوب التقريري السردي لم تفلح في توظيف ذلك وصهره ضمن قالب روائي، بل وقعت في فخ «السرد للسرد». تحكي الكاتبة عن علاقتها بالزوجين السابقين بإيجاز وتمنح حيّزاً أكبر لعلاقتها بأحمد بطبيعة الحال. وتبدو صورة أحمد التي نسجتها في البدايات بخيوط المثالية والمروءة مهشمة أمام قارئ المقرن الذي يكتشف معها أن حبيبها لم يكن سوى مهووس جنسياً، ما يشفع له هو أنّه معترف بمرضه وعازم على العلاج كي لا يخسر محبوبته. إلا أن هناك عبارة تدسّها المقرن تبقى غير واضحة في النص. فعندما تروي قصة أحمد واستعداده للعلاج تأتي عبارة «لم يكن هذا المشهد سوى أحد فصول «كذبة إبريل» لتحيّر القارئ. عن أي مشهد تتحدث المقرن تحديداً؟ هوس أحمد بالجنس أم استعداده للعلاج؟ وكعادتها تختتم المقرن نصها بعبارة «تم تسليمه»، هي المرأة التي تنتقل من سلطة الأب إلى الأخ فالزوج من دون أن تنعم بحريتها يوماً. على رغم الشجاعة التي أظهرتها الكاتبة في تسمية الأشياء بأسمائها، لم يُخفَ ذلك الإرباك الحاصل في النص. وإذا تم تسليم نوال من زوج لأب ثم لزوج جديد، إلا أن الكاتبة لم تسهب في توظيف ذلك درامياً في ما خلا عبارة «تم تسليمه» الهزلية أكثر منها درامية. أما الأخ محمد فهو المتشدد الذي يحضر ويغيب في النص مراراً من دون توازن مع الأحداث، فنجد حيناً أنه انضم إلى «داعش» وأحياناً أنه حاضر يتحكم في خيارات نوال وتفوق سلطته سلطة الأب الذي يتفادى إخباره عن سفر نوال إلى بيروت ويكتفي بالقول أنها ذهبت مع ابنتي خالتها في رحلة ما. يتركك نص المقرن حائراً في أمرك، تنتظر التتمة، أو الجزء الآخر. لقد طُرِحت في بدايته عقد كثيرة لم يتم ربطها وشد وثاقها، لا بل تبدو متخلخلة مفككة تبلغ خواتيمها في النهاية التي أرادتها المقرن كلاسيكية ومقتضبة جداً: «حملت العلبة وفيها كلام كثير ومشاعر حب أنهكتني، وحملتني على كف الحياة لأتنفسها كلما اشتقت إليه. وفي داخلي اعتراف بالهزيمة كعادة النساء القويات لا يهزمهن إلا الحب - تم تسليمه - الصفحة الأخيرة» (84).

مشاركة :