سمر المقرن.. كذبة إبريل

  • 8/19/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

"دائما تكون الروايات التالية للروائي مثل المدن المشيدة على أنقاض سابقة، ورغم أنها جديدة فهي تجسد البقاء وتلقي توكيدها في وجوه حكايات ناس وأحوال أفول وأهواء ونظرات ووجوه عائدة باستمرار" (أ/ساباتو) *** مضت فترة غير قصيرة بين صدور روايتي الكاتبة الإعلامية الأديبة (سمر المقرن) حيث كانت باكورة إنتاجها -نساء المنكر- التي صدرت في فترة حميَّ التوجه لكتابة الرواية بسبب ما لقيته رويات جديدة لكتاب /كاتبات خاصة دخلن الساحة بقوة ذاتية ولقين القبول المشجع والمشيد لما قدمن، وكانت (نساء المنكر) محل قبول عند من يرى أن الأدب ما هو إلا انعكاس لصورة المجتمع، وخاصة ما كان منه يحفر ويحكَّ في المسكوت عنه اجتماعياً، خاصة مما يرسف في قيود التقاليد، وكانت سمر قد توجهت إلى الإصلاحيات والسجون متحدثة مع المحكومات متوغلة في البحث عن الأسباب، وشارحة بعض الأورضاع الرسمية والخاصة، وفي الآن ذاته صدرت مثيلات وشبيهات ولكن الاختلاف بيِّن في المستويات الفنية والتقنية الكتابية، صاحب بعضها نقد صحفي كمواكبة اتسم بالإيجابية عند الكثيرين وبالسلبية عند الممانعين للانعتاقات الفكرية والتمدد في الساحة الفكرية والفنية بعطاءات تحمل في ثناياها غير المألوف، في زحام مع التقاليد الراكدة الرائبة التي تتأتى ممن يظنون أنهم قوامون على الناس وحراس الساحة الفكرية التي تدور في حلقة تمسك بها مجموعة تحاول جَرَّ الزمن إلى الوراء؛ ولكن الزمن كفل بأن مهد ولازال يمهد ويزيل ويسوي الطريق الكفيلة بسير قطار الفكر دون معوقات، ونحن نشهد كما يشهد الآخر ما توليه القيادة من عناية بالفكر والعمل وما خصت به هيئة الترفيه من مساندة ووجهت القائمين والمهتمين بضخ الدماء الجديد إلى شرايين الكيان لكي تزيد من قوتها وتماسكها لتستمر في العطاء المتوالي المتجدد، ويكون المواطن وهو العنصر المهم في الكيان على صلة بفكره وفنه، بكل فنونه المتعددة في بلادنا الكبيرة. (كذبة ابريل) رواية خفيفة الظل نظراً لقلة عدد صفحاتها التي لم تتجاوز خمسا وثمانين صفحة، وهي رواية الجلسة الواحدة، ورواية الجيل الجديد الذي أصيب معظمه بفوبيا القراءة، بسبب مستجدات العصر من وسائل التواصل التي اختصرت الكثير من الأمور نفعت البعض وتجاهلت الآخر، ولكونها الرواية الثانية للمقرن ولم يمض على صدورهها وقت طويل، إلا أن ماكتب عنها لم يعطها حقها حيث يمر الناقد الصحفي مرور الكرام، في خبر يتضمن بعضاً من محتوى الرواية كمثال، ولكن النقد الدَّارس الذي كان سائدا بدت تختفي معالمه، وأعزي الأسباب لكثرة المنتج الروائي العربي والسعودي خاصة، فصارت كتابة الرواية أمل الصغير والكبير لما تلاقيه من تشجيع وما تضيفيه على شخصية الكاتب من مكانة، وهذه دفعت الموهوب وغير الموهوب، والعارف بفن الرواية والجاهل بها أن يكتب ويحكي -لا أعم- وينشر ولاهَمَّ له سوى أن تكون له رواية، وربما روايات، وهذا عام في العالم العربي، حيث يشترط عليك بعض الناشرين وضع كملة (رواية) على ما تكتب مهما كان نوع كتابتك لكي ينشر (زمن الرواية)، وفي كذبة إبريل العديد من المواضيع الاجتماعية والسلوكية عالجتها الكاتبة بقدر يعطي صورة عما يحدث في أمور مثل زوارج الكره، ونقيضه الحب، والمسيار، وتشجيع عمل المرأة، والتوسع فيه العام والخاص، والخداع والخيانة الزوجية، والمثلية، والحنين للوطن وحبه مهما كان سبب الغربة التي تتوفر فيها كل الرغبات، ومع هذا يكون الوطن أولا والعمل من داخله والمساهمة في رقيه والرفع من مستواه الرفيع أصلا بما تقدر عليه النفس، والمقرن ترسم المواضيع الحساسة اجتماعيا وتتعمق فيها بجرأءة لكونها متشبعة بها، ومن الواجب على القادر أن يساهم بما يرى فيه الفائدة. عندما يجيء وصف أرض نَجْدْ على لسان أحد شخصيات الرواية تحس التفاعل الوجداني مع الأرض: "نجد رقيقة، وأنت مثل نجد بنفس الصفات، مرتفعة قاسية في مناطقها الصخرية، وناعمة في كثبانها، مطرها قليل ولكن مغرق، صخبها صوت حروب، وهدوؤها أحيانا موحش، أجواء طبيعية لا تحب الغيوم تريد الشمس ومجبرة على الغبار الذي لا ينبع من أرضها، نهار نجد قاس ولكنك تَقْبَلهُ بحب أنتظر ليله، ففرق كبير بين نهارنجد وليلها، ولكن لايمكن أن تقبل ليلها وترفض نهارها، فلم يُشكِّل حزام ليلها إلا خَصْرُ نهارها".. شعر يجسد شاعرية الفطرة عن طريق السرد المتمازج بها، ويكثر المثيل من الوجدانيات المتنوعة في مجمل الرواية (القصيرة / الطويلة).

مشاركة :