محمد أحمد (القاهرة) سورة الشعراء مكية، عدد آياتها 227، ترتيبها السادسة والعشرون، نزلت بعد سورة «الواقعة»، تبدأ بحروف الهجاء «طسم»، ولها اتصال وثيق بسورة «الفرقان» قبلها في ترتيب المصحف، فقد بدأهما الله تعالى بالإشادة بالقرآن العظيم، وفيهما أيضاً تسلية للرسول، عما بدر من قومه من الإيذاء، وفي «الشعراء» تفصيل لبعض ما في «الفرقان» من أخبار الرسل. ذكر الله تعالى فيها أخبار الشعراء، وذلك للرد على المشركين الذين زعموا أن محمداً كان شاعراً، فرد الله تعالى عليهم ذلك الكذب بقوله (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ)، «الآية 224». بدأت السورة بالتنويه بفضل القرآن، وأشارت إلى إعراض قريش عن الإيمان به، وتألم النبي لذلك، ثم تحدثت عن أخبار بعض الرسل، بدءاً بقصة موسى مع فرعون، ثم قصة إبراهيم الخليل، ثم جاء فيها ذكر لقصص بعض الأنبياء كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب، وأن الله نصرهم على أقوامهم الذين تمادوا في غيهم. وجاءت نهاية السورة متوافقة مع بدايتها وبينت منزلة القرآن العالية ومكانته السامية والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. اشتهرت السورة بتسميتها «الشعراء»، في المصاحف وكتب التفسير والسنة، وجاء الاسم في كلام بعض الصحابة، وسميت بذلك لأنها تفردت من بين سور القرآن بذكر كلمة الشعراء، فقد ذكر الله فيها الشعراء الضالين والشعراء المؤمنين، رداً على مزاعم المشركين، ووردت لفظة «الشعراء» مرة واحدة في القرآن في هذه السورة وجاءت بصيغة المفرد «شاعر» في عدة سور وبلفظ «الشعر» مرة واحدة في سورة «يس». وقال الإمام المهايمي: سميت كذلك لأنها اختصت بتمييز الرسل عن الشعراء، لأن الشاعر إن كان كاذباً، فهو رئيس الغواة لا يتصور منه الهداية، وإن كان صادقاً لا يتصور منه الافتراء على الله تعالى. وقال البقاعي في نظم الدرر: وتسميتها بالشعراء دليل على أن القرآن الكريم يختلف عن الشعر ويفارقه بعلو مقامه، واستقامة مناهجه وعز مرامه، وصدق وعده ووعيده وعدل تبشيره وتهديده وقال ابن عاشور لعلها أول سورة جمعت ذكر الرسل أصحاب الشرائع المعلومة إلى الرسالة المحمدية.
مشاركة :