على مدار أكثر من 40 عاما احتفظ سوق "الحلة"، الذي يقع جنوب العاصمة الرياض بمكانته، في قلوب محبى الموسيقى، ولا سيما كونه مقصدا أساسيا لمشاهير الفن وهواته. وما إن تطأ قدم الزائر مقدمة السوق، إلا ويشعر وكأنه يسير في دروب الفنانين، فها هو عود معلق يحكي تاريخ ألحانه، وذلك دف يشتاق لأيدي ضاربيه، وذاك ناي ينتظر من يحرك ثنياه، وها هي شوارعه تقص سيرة الفنانين، ولا سيما الراحل طلال مداح، وبديع مسعود اللذين طالما اتخذا من ذلك السوق مقصدا لاقتناء الآلات الموسيقية، التي أطربت الأجيال. ووسط تلاحق الأحداث وتلاطم أمواج التكنولوجيا الحديثة التي وفرت بدائل كثيرة، خلا ذلك المعلم الفني الجميل من رواده ومحبي آلاته الموسيقية. يعد السوق مقصدا أساسيا لمشاهير الفن وهواته ومحبي الموسيقى الشعبية. تصوير: خالد الخميس - "الاقتصادية" ورصدت "الاقتصادية" خلال جولة لها في سوق الحلة البالغ عدد محالها 45 تراجع زوار السوق العتيق بشكل ملحوظ، الذي كان يتدفق عليه الزوار من كل الفئات والأعمار. ويرى مختصون، أن أهم أسباب تراجع زوار السوق، يعود إلى تطور التكنولوجيا التي وفرت بدائل كثيرة لآلات الطرب، فضلا عن ضعف الإقبال على الفن الشعبي. وأوضح ناصر السويح- 77 عاما- صاحب أقدم محل في سوق الحلة، أنه يزاول مهنة بيع الآلات الموسيقية منذ 40 عاما، لافتا إلى أنه خلال هذه الفترة كان السوق يشهد تدفقا كبيرا من الزائرين والمشترين، إلا أنه في السنوات الأخيرة تراجعت الأعداد وأصبح السوق خاوي الوفاض. وقال إن من أسباب تراجع الإقبال على السوق يعود إلى عدم الاهتمام بالفن الشعبي، الأمر الذي أدى إلى انخفاض مبيعات الآلات والأدوات الموسيقية. وأشار إلى أنه كان في السنوات الماضية إقبال كبير على السوق نتيجة الاهتمام والعناية بالفن الشعبي التراثي، الذي يحكي تاريخ الماضي، مبينا أن أكثر المبيعات هي الدفوف. من جهته، ذكر سليمان البداح- 60 عاما– صاحب محل في السوق، أن الأكثر مبيعا العود المصري، بينما الأغلى ثمنا العود العراقي. يبلغ عدد المحال في سوق الحلة نحو 45 محلا. وأكد وجود آلات موسيقية نادرة في السوق كانت تستخدم للفرق العسكرية والشعبية بجميع أنواعها. بدوره، لفت محمد علي صاحب محل في السوق، إلى أن أعمار الزوار تراوح بين 20 و50 عاما، مؤكدا أن الدخل الشهري في السابق كان يتجاوز 20 ألف ريال. وأفاد بأن السوق خلال الأعوام الأخيرة الماضية تراجع بشكل كبير يصل إلى 50 في المائة، من حيث المبيعات وأعداد الزوار. وقال إن زبائن السوق من مختلف الجنسيات العربية، مثل اليمنية والمصرية والأردنية، إضافة إلى السعوديين الذين يعشقون الفن الشعبي التراثي.
مشاركة :