أعمال تتمرد على السياق في صالون الشباب المصري بنهاية شهر ديسمبر الماضي اختتمت بقصر الفنون بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة فعاليات المسابقة السنوية لصالون الشباب في دورتها الـ27، وهي مسابقة سنوية مخصصة للفنانين المصريين تحت 35 سنة، وتشمل الأعمال المشاركة طائفة واسعة من الممارسات الفنية من أعمال الرسم والتصوير والنحت والتجهيز والفيديو والفوتوغرافيا والأنستليشن. العربناهد خزام [نُشرفي2017/01/06، العدد: 10504، ص(17)] رؤى تشكيلية معاصرة تعد المسابقة السنوية لصالون الشباب واحدة من بين أبرز وأهم الفعاليات الفنية التي تشهدها الساحة التشكيلية المصرية خلال كل عام، على الرغم من الانتقادات التي توجه إليها، فهذا التجاور الواسع لتلك الممارسات الفنية المتباينة والذي كان إحدى أبرز سمات مسابقة صالون الشباب منذ دورتها الأولى في العام 1989 وحتى دورتها السابعة والعشرين لعام 2016 المنقضي، شكل مجالا للمنافسة ونقطة انطلاق لدى العديد من الأجيال الصاعدة للمشاركة بفاعلية في النشاط الفني في مصر، الأمر الذي كان له مردوده الواضح على حركة التشكيل المصري الراهن والتي تضم العديد من الأسماء البارزة التي أفرزتها دورات الصالون المتعاقبة. والمتابع لحركة التشكيل المصري خلال العقدين الأخيرين، لا بد له أن يلحظ بوضوح تأثير هذا الحدث على فاعلية الحركة التشكيلية المصرية وإسهامه في ضخ دماء جديدة وفاعلة داخل حركة التشكيل المصري، فمنذ انطلاقته الأولى في خريف عام 1989 مثل صالون الشباب حدثا جذابا ومفعما بالحيوية ومثيرا للجدل في آن. فبين مرحب به كمنفذ لإطلاق إبداعات شباب الفنانين وممارساتهم المعاصرة، وبين معارض له ينظر بعين الريبة إلى كل عمل فني يتبنى الممارسات المعاصرة، فقد رأى فيه البعض هجوما وردة وتغريبا مذموما، أو أنه أشبه بحصان طروادة هدفه الأول القضاء على الهوية والثقافة المصرية، وكأن هذه الهوية كيان ثابت ومنغلق على نفسه، أو كأن الأشكال التقليدية من الممارسات الفنية في إطارها العام ليست مستوردة من الغرب في الأساس. الصالون حمل منذ نشأته سمته الخاصة وأفكاره التي غلبت عليها المعاصرة، والتي لم تخل بالطبع من سلوكيات سلبية من عدم فهم واستيعاب البعض لمعنى المعاصرة وكما كان هذا الحدث هو الأوفر في الجدل والنقد، كان أيضا أكثر الفعاليات الرسمية تأثيرا على جيل كامل من الفنانين المصريين، إذ مثل صالون الشباب منذ بداياته انعكاسا لتطلعات جيل جديد يعيش عصرا منفتحا على مصراعيه في عالم تهاوت فيه حدود المعرفة، وذلّلت فيه وسائل التواصل التي يستطيع فيها الفنان بضغطة زر واحدة أن يتفاعل ويتعرف على نتاج فنانين آخرين في أي بقعة من العالم. وفي ظل وجود وسائل التقارب والتواصل والتنافذ بين الثقافات والمجتمعات يصبح الحديث عن انتماء الممارسات المعاصرة إلى الغرب أمرا عبثيا، بعد أن اتخذت هذه الممارسات منحى آخر أكثر عمقا من فكرة حصرها داخل نطاق مغلق لمجتمع أو لثقافة معينة، فالفن صار لغة عالمية تلتقي حولها الثقافات والشعوب وتتلاقح الأفكار. هكذا حمل الصالون منذ نشأته سمته الخاصة وأفكاره التي غلبت عليها المعاصرة، والتي لم تخل بالطبع من سلوكيات سلبية من عدم فهم واستيعاب البعض لمعنى المعاصرة، وشبهة الزيف أو التقليد لدى البعض الآخر. ومع ذلك ظل صالون الشباب طوال سنوات محتفظا باستمراريته وطبيعته العامة كحدث فني وثقافي، يمكن أن يقال عنه إنه استثنائي داخل حركة التشكيل المصرية، وإن كان ثمة تفاوت في قيمة المشاركات وعمق الأفكار المقدمة ووسائل التعبير عنها، فهو أمر طبيعي وليس غريبا على حدث يضم العشرات من المشاركات سنويا، تزيد وتتناقص من حين إلى آخر، لكنها تظل محتفظة بروحها وطبيعتها الجدلية، وسعيها لفتح آفاق جديد للتعبير والإبداع. وعن الدورة الأخيرة التي شارك فيها 171 فنانا بإجمالي 189 عملا فنيا، يقول الفنان خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصري، “كان صالون الشباب منذ بدايته محرضا وكاشفا، وقد شكل مع الوقت رصيدا من الحراك التفاعلي أعطى قوة دفع في دماء الحركة التشكيلية المصرية خلال ثلاثة عقود، لقد اخترق فنانو الصالون وأطاحوا بثوابت الرؤية والطرح، فتمردوا في تجاربهم الطليعية على وصية أجيال سبقتهم، وعلى بعض المحافظين منهم والذين وصفوا إبداعات الشباب في البدايات بالانحطاط والفساد نتيجة لاختراق الأعراف الجمالية”. :: اقرأ أيضاً كاتب صيني: في الموت كما في الحياة لا عدالة ولا مساواة مسرح الطفل في تونس ينفتح على العالم يوسف إدريس كاتب له ضحاياه شاعرة سعودية تهب الحياة للأشياء الصغيرة
مشاركة :