من أهمِّ ما قرأتُ عقب صدور الميزانيَّة في الحياة (24 ديسمبر)، موضوع بعنوان: (200 بليون ريال لتحفيز القطاع الخاص في 4 سنوات)، أيّ من بداية 2017 إلى نهاية 2020م. وتضمَّن الخبر: إنشاء صندوق لتوفير رأسمال لجذب استثمارات القطاع الخاص، يُمكِّن من رفع كفاءته وتنافسيته، وأيضًا توجيه هذا الدعم للقطاعات التي تدعم النمو الاقتصادي، وتوفِّر فرص عمل السعوديين. وكلّ ذلك منصوص عليه في وثيقة برنامج التوازن، والتي آثرتُ العودة إليها، فوجدتها في 8 صفحات فقط، تتحدَّث عن الوضع الحالي، ومعوِّقاته، ومشكلاته باختصار، لكنَّها لا تتضمَّن حلولاً عمليَّة مبرمجة مجدولة، وإنَّما هي أمنيات، ورغبات، وطموحات. ولنكن صرحاء، ولنبدأ بالأهمِّ ثمَّ المهم. في نظري الأهميَّة الأولى لا تكمن في مقدار الدعم، أو نوعه، بقدر ما تكمن في البيئة الحاضنة للاستثمار، التي إن صلحت صلح العمل كله، ونما الاستثمار بمعدلات متسارعة، وثقة أكبر، ونوعية أجود وأفضل. وأول صلاح البيئة خلوِّها من الفساد، أو لنقل درء الفساد عنها إلى أقصى حدٍّ ممكن، فلا يقوى على الظهور بصورة تنفِّر المستثمر، وتطرد الاستثمار. الخطوة الثانية إزالة العقبات الإداريَّة والإجرائيَّة، وهي كثيرة ومتشابكة، وموزَّع دمها على إدارات وجهات حكوميَّة متعدِّدة، كل منها يغنِّي على ليلاه، حتَّى تصبحَ الألحانُ نشازًا، ويغدو الأداءُ تشتُّتًا وانفصامًا. أمَّا العامل الثالث، فهو التوجيه والإرشاد من قِبل الجهة المعنيَّة، وهي وزارة التجارة والاستثمار، وأعني بذلك أن تضع الوزارة أولاً على موقعها قائمة محدَّثة باستمرار عن الفرص التجاريَّة، أو الاستثماريَّة المطلوبة، مع توضيح للمخاطر المحتملة، والعوائد المتوقَّعة. وأمَّا بالنسبة للراغبين في إنشاء مؤسَّسات صغيرة، فحبَّذا أن ترعاه الوزارة رعايةَ الأبِ لابنهِ الذي يخشى عليه من الفشل والخسارة.. ليتها تحتضنه منذ اللحظة الأولى، فتخصِّص له خبيرًا يضربُ له موعدًا ليتحدَّث معه بودٍّ وشفافيةٍ، ليسمع منه، وليجيب على تساؤلاته، وليقترح عليه (إن كان المشروع ناجحًا، وفكرته جيِّدة) قائمة من السعوديين الذين ربَّما ساهموا معه في نجاح المشروع «موظَّفين، أو شركاء» قبلَ أن يلجأ إلى الاستقدام، ومخاطره، وتكاليفه. متى يتحوَّل الاستثمار إلى رحلة ممتعة شيِّقة بدلاً من أن يكون رحلة مضنية مرهقة؟. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :