الارتقاء بالقضاء هو ارتقاء بالمجتمع كله. وكلما وثق أفراد المجتمع في نزاهة القضاء وحيادية القاضي، كلما شعروا بالارتياح عمومًا، لأن ميزان العدل هو أعلى الموازين رتبة عند الله عز وجل، وهو تبارك وتعالى قد حرّم الظلم على نفسه ونهى عن ممارسته على أي صعيد كان، ووعد بإرجاع الحقوق يوم القيامة، واستيفاءها كاملة غير منقوصة، مهما كانت الشعارات والمزاعم خادعة في هذه الحياة الدنيا. وقرأت مؤخرّا في صحيفة الحياة بتاريخ (26 إبريل) عن توجيه المحكمة العليا القضاة (بعدم الرجوع عن أحكامهم القطعية في القضايا التي نظروها إلا بحضور طرفي القضية). ولست أدري كيف كانت تتم تلك المراجعات دون حضور طرفي القضية! المهم أن تنبيه المحكمة العليا لهذه التفاصيل أمر محمود، وإن كنت أحسب أن هذه التراجعات قليلة إن لم تكن نادرة. ووجود أكثر من هيئة قضائية ترتب وتنظم شؤون القضاء هو أمر محمود كذلك حتى لا تتركز السلطات لدى جهة واحدة، فتبوء بالأعباء وقد تتداخل صلاحياتها ويضعف أداؤها وتكثر أخطاؤها. وبالإضافة لوزارة العدل التي تشرف على الجانب الإداري في محاكم ومجالس القضاء، هناك المجلس الأعلى للقضاء الذي يهتم بتطوير آليات التقاضي وتحسين قدرات القضاة والنظر في شؤون ترقياتهم وتنقلاتهم وتعييناتهم وتدريبهم كما الاستماع إلى الشكاوى المرفوعة ضدهم. والمحاكم درجات تبدأ بالعامة ثم الاستئناف ثم المحكمة العليا إن تطلب الأمر العرض عليها. والمحكمة الإدارية أو ديوان المظالم معني بالنظر في الدعاوى المرفوعة ضد أجهزة الدولة المختلفة بصفتها الاعتبارية. ومع كل هذا التنوع الإداري والتنظيمي الذي قد يتشابك أحيانًا أو يتقاطع يظل القاضي هو الجندي الأول في الميدان والمسؤول عن تحقيق العدل بين الناس وصاحب الكلمة الأقوى في أغلب الأحوال. ومهما اشتدت الرقابة وارتقى التنظيم يظل ضمير القاضي هو صاحب التأثير الأشد فإن استمد رقابته من مخافة الله وتوقيره يسّر له إصدار الأحكام المناسبة والقرارات الصائبة، وكان الله في عونه، ووقعت محبته في القلوب وارتفع قدره لدى العامة والخاصة. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :