الذين يعرفون الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون يعلمون قوة إصراره على عدم الانصياع لأي توجيهات أو أي محاولة لفرض أجندات تخدم أطرافاً إقليمية أو حتى دولية وسواء اتفقت أو اختلفت مع (الجنرال) وهي التسمية التي رافقته منذ قيادته للجيش اللبناني وحمله رتبة (العماد) وهي ما يوازيها رتبة (الفريق) عُرف عنه (عناده) والتمسك بمواقفه مهما كان حجم معارضيه ولذلك وهذه حقيقة يقر بها معارضوه قبل مؤيديه أن لا أحد استطاع أن يغير قناعاته مهما كانت درجة العلاقات أو التحالفات التي يعقدها مع الأطراف السياسية المحلية على الساحة اللبنانية، إذ توجهاته ومساراته لا يمكن الحكم عليها بالثبات إلا بما يعتقده هو وما تحقق له النتائج التي يسعى إليها وفق حساباته ولذلك فقد كانت (رهانات) حلفائه من مؤيدي النظامين الإيراني والسوري لم تكن مضمونة إذ لا يمكن الرهان على حصان جامح كالجنرال ميشال عون، فهذا الرجل أهدافه واضحة ولا يثنيه عن تحقيقها (دَّين) يعتقد حلفاؤه من مؤيدي ملالي إيران وبشار الأسد أنه ملزم بتسديده بعد وصوله إلى قصر بعبدا، وقد فات على هؤلاء أن أحد أهم صفات الجنرال هي الاستقلالية وعدم الانصياع إلا لما يمليه عليه عقله. والجنرال عون يعرف أن نجاحه كرئيس لكل اللبنانيين أن ينتشل لبنان من الوضع الصعب الذي يحاصره بعد أن أدّى هيمنة وعرقلة مؤيدي طهران الملالي ودمشق الأسد إلى عزلة لبنان عربياً وابتعاد الداعمين دولياً وإقليمياً بعد سلب القرار السياسي اللبناني، ولهذا كانت أولى قراراته تأكيد استقلالية القرار اللبناني والنأي (حقيقياً) عن أجندات أجنبية لا تخدم اللبنانيين، وهكذا جاء اختياره بأن تكون أولى زياراته الرسمية إلى المملكة العربية السعودية لتأكيد توجهه لتعزيز علاقات لبنان مع حاضنته العربية بأن تكون الزيارة الأولى لمركز الثقل العربي، ولهذا فقد فشلت كل المحاولات التي قام بها (توابع) ملالي إيران وبشار الأسد والتي تجاوزت (عتب) كبار عملائهم من حسن نصر الله والمدعو وئام وهاب وشريكه في العمالة لبشار الأسد عاصم قانصوه إلى الحملة الصحفية التي شنتها صحف تمولها إيران في لبنان والتي استبقت الإعلان عن زيارة الرئيس عون للرياض، وتضمنت تساؤلات عن اختيار المملكة العربية السعودية كمقصد أول لجولة الرئيس عون، وقد تمادت تلك الصحف إلى حد الهجوم المباشر على توجهات الرئيس اللبناني والتشكيك بمدى (ولائه) لحزب الله وإيران التي اعتبرتفي حينه أن انتخابه رئيساً انتصار لها. ومع أن ما تضمنته حملات الصحف الممولة من نظامي ملالي إيران وبشار الأسد من إساءة مباشرة للرئيس ميشال عون إذ ربطت انتخابه رئيساً للبلاد بجهود إيرانية رغم أن القوى اللبنانية السياسية الأخرى هي أيضاً كان لها دور قوي في تحقيق التوافق والاجتماع اللبناني والذي أنهى (الخطر الإيراني) وحرمان لبنان من رئيس له طوال عامين ونصف إلا أن كل ذلك تجاهله عملاء الملالي والأسد وأظهروا الأمر وكأنه تسليم لبنان للهيمنة الإيرانية لتأتي خطوة الرئيس ميشال عون تأكيداً عملياً وسياسياً على سقوط تلك الهيمنة وكبداية جادة لإعادة القرار السياسي اللبناني لاستقلاليته وعدم الانصياع إلا للمصلحة اللبنانية التي تتعزز وبقوة بعودة لبنان إلى حاضنته العربية عبر التنسيق والتفاهم مع قيادات الدول العربية المحورية والمؤثرة إقليمياً ودولياً.
مشاركة :