في الوقت الذي قامت فيه جامعة الملك سعود بإغلاق (شعبة المسرح) من قسم الإعلام قبل عدة سنوات، كُنت أعتقد أن هناك (وقفة نفس) بين التعليم وأبي الفنون لا يمكن تجاوزها في مجتمعنا، رغم أنني ما زلتُ أدين (للمواد المسرحية) التي درستها قبل عقدين من الزمن في ذات القسم، وتأثيرها على شخصيتي (كون المسرح) علم مُفيد جداً، له أثر على تشكيل شخصية الطلاب، يفوق تأثير (الإذاعة المدرسية) في المراحل التي تسبق الجامعة.. والحمد لله أن وزارة التعليم أعلنت مؤخراً أن المسرح ما زال حياً في مدارسنا، وسيتم تدشينه في القسم الابتدائي العام المُقبل؟! هناك من استهان عبر وسائل التواصل الاجتماعي من إعلان إدارة النشاط الثقافي بوزارة التعليم عن تدشين المسرح المدرسي للمرحلة الابتدائية، والتعليق بأن هناك نشاطات أهم من المسرح المدرسي، يمكن توجيه الطلاب نحوها، وهذا للأسف دليل عدم فهم هؤلاء لأهمية المسرح (ككاشف للمواهب) يتم من خلاله فتح آفاق ذهنية أوسع للطلاب، ومنحهم القدرة على الإبداع في سن مُبكرة، للتفكير بعمق أكبر، وفهم العلاقة الجدلية والخيالية بين (الزمان والمكان والشخصيات) على خشبة المسرح، التي هي انعكاس لمسرح واقعي كبير نعيشه في حياتنا الكبيرة، وعلينا التفاعل مع هذا الواقع بخبرة أكبر، وهو ما يُساعد حتماً على تشكيل وبناء شخصيات الطلاب في المرحلة الابتدائية..! أبو الفنون عادة ما يُقدّم دروساً أخلاقية ووطنية، عبر حبكات درامية يعيشها المُتلقي، وقد يُشارك في صنعها أحياناً، كون الميزة التفاعلية بين الطالب المؤدي والطالب المُتلقي، تتيح هكذا تفاعل بين الاثنين، وهي ميزة تعليمية نحن أحوجُ ما نكون إليها في هذا الوقت تحديداً، والمسرح يستطيع توفيرها أكثر من غيره، للمُساهمة في منح خيال الطالب مساحة أوسع تناسب قدراته، والمرحلة العمرية التي يعيشها، إضافة لقدرته على التعبير اللفظي والجسدي، والتخلص من بعض الصعوبات التي قد تنشأ ويتم اكتشافها عادة في مثل هذه السن المُبكرة، كالخجل، عيوب النطق، القدرة على التعبير، التخلّص من الفردية في العمل، الحث على العمل الجماعي التكاملي، التكيّف مع ردة فعل الجمهور، وتقبل رأي الآخرين المُباشر والمتنوّع حول حدث واحد يُشاهده الجميع على خشبة المسرح ... إلخ ! التعليم بالفن هو أسمى ما يُمكن أن تعبِّر به الأمم عن رُقيِّها، فشكراً بحجم السماء لوزارة التعليم على هذه الخطوة الهامة، والتي سيكون لها أثر فاعل في تشكيل شخصيات طلابنا في هذه المرحلة، وتنوير عقولهم أكثر..؟! وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :