العلاقات الروسية ـ البيلاروسية بين مد وجزر

  • 1/7/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في ظل غياب تسوية لمسائل اقتصادية عالقة بين البلدين، قررت بيلاروسيا رفع الرسوم الجمركية على صادرات النفط الروسي عبر بعض خطوط شبكتها، وهو ما اعتبر ردًا على رفض الجانب الروسي تخفيض أسعار الغاز الروسي من احتياجات حليفتها. من هنا، قد يفهم تغيب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو عن قمة عقدت أخيرًا برعاية بوتين بهدف تنظيم العلاقة بين أعضاء التكتل الاقتصادي الأوراسي. وقد تزامن قرار الرسوم الجمركية مع نفي وزارة الخارجية أن الرئيس لوكاشينكو قد وقع الوثائق المتعلقة بتنظيم العمل الجمركي التي صادق عليها قادة الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، الذي يضم روسيا وبيلاروس وأرمينيا وكازاخستان وقرغيزيا، خلال قمتهم الأخيرة في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في بطرسبورغ. كانت وزارة التجارة ومكافحة الاحتكار البيلاروسية قد كشفت، أول من أمس، عن قرار اتخذته في الثلاثين من ديسمبر الماضي، وينص على رفع الرسوم الجمركية على نقل النفط الروسي عبر جزء من شبكات الأنابيب البيلاروسية، ولم تتجاوز تلك الزيادة 25 روبلاً روسيًا على عبور كل طن صافٍ من النفط، فضلاً عن تعديلات أخرى شملت الجزء الأكبر من الرسوم التي تجبيها الخزينة البيلاروسية من شركات النفط الروسية. ويأتي هذا القرار في وقت لم يتضح فيه بعد ما إذا كانت موسكو ومينسك قد توصلتا إلى اتفاق نهائي بشأن أسعار الغاز الروسي للسوق البيلاروسية، إذ طالبت بيلاروس من روسيا، منذ العام الماضي، بتخفيض سعر الغاز للسوق البيلاروسية، وانطلقت محادثات بين الجانبين بهذا الصدد، شملت كذلك بحث القضايا المتعلقة بآليات تسديد الحكومة البيلاروسية لثمن الغاز الروسي. وفي غضون ذلك، قررت روسيا تقليص صادراتها النفطية إلى بيلاروس، ردًا على ما يقول الجانب الروسي إنه عجز (نقص) في مدفوعات بيلاروس عن الغاز الذي استلمته. وتطالب مينسك بتخفيض سعر الغاز الروسي الذي تستورده من 132 دولارًا حتى 37 دولارًا لكل ألف متر مكعب، إلا أنه يبقى من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان الحليفان قد تمكنا من تسوية خلافاتهما النفطية – الغازية، أم لا. وفي الجانب السياسي للعلاقة بين الدولتين (الدولة الاتحادية الروسية - البيلاروسية)، كان لافتًا غياب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو عن قمتي قادة الدول أعضاء الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ودول منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» (روسيا - أرمينيا - بيلاروس - كازاخستان - قرغيزيا - طاجيكستان)، في مدينة بطرسبورغ الروسية، يوم السادس والعشرين من ديسمبر 2016. وحينها، حاول الكرملين التقليل من أهمية عدم مشاركة الحليف الاستراتيجي ألكسندر لوكاشينكو، وتأثير ذلك على توقيع وثائق إضافية لتعميق آليات وخطوات التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وفي تصريحات له على هامش القمة، قال دميتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الكرملين، إن غياب لوكاشينكو لن يؤثر على توقيع القادة لمجموعة الوثائق على جدول أعمال القمة، موضحًا أن «كل الوثائق التي وقعها الزعماء المشاركون في القمة تم الاتفاق عليها بشكل تام مع الشركاء البيلاروسيين في وقت سابق»، مؤكدًا أن الجانب البيلاروسي قد أبلغ في وقت سابق أن الرئيس لوكاشينكو لن يشارك في القمة. إلا أن المتحدث باسم الكرملين لم يوضح الأسباب، واكتفى بالتشديد على أن «بيلاروس كانت وما زالت وستبقى الحليف والشريك الأقرب لروسيا». من جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عقب توقيع عدد من الوثائق المتعلقة بالتسهيلات الجمركية بين دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، إن تلك الاتفاقيات سيتم إرسالها للرئيس لوكاشينكو كي يوقع عليها. وفي أول تعليق على قمتي بطرسبورغ والوثائق التي تم توقيعها هناك، قالت وزارة الخارجية البيلاروسية إن الرئيس لوكاشينكو لم يوقع على الاتفاقية الجمركية للاتحاد الاقتصادي الأوراسي التي وقعها قادة دول الاتحاد في بطرسبورغ. وكان دميتري ميرونتشيك، مدير دائرة الإعلام المتحدث الرسمي باسم الخارجية البيلاروسية، قد قال خلال مؤتمر صحافي في الخامس من ديسمبر إن الرئيس لوكاشينكو لم يوقع الاتفاقية، وإنما أعلن عن تأييده لها، موضحًا أن لوكاشينكو قد أصدر قرارًا يعلن فيه موافقته على الاتفاقية، وأن هذا لا يعني أنه وقع على نصها، وإنما أصدر تعليمات بإجراء مفاوضات حولها، حسب قول المتحدث باسم الخارجية البيلاروسية الذي أشار إلى أنه رغم الاتفاق على نص الاتفاقيات، لكن دوما يمكن إدخال تعديلات عليها قبل التوقيع. ويحمل توقيع الاتفاق الجمركي بين الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي أهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا وللدول الأعضاء في الاتحاد على حد سواء، فهي اتفاقية ستتيح المجال لإزالة العقبات التي تقف أمام التبادل التجاري بين تلك الدول، وتمهد لولادة سوق مشتركة ضخمة في الفضاء الأوراسي. وبالنسبة لروسيا، فإن مثل تلك العمليات التكاملية تحمل أهمية خاصة لأنها تساهم في تثبيت وتعزيز النفوذ الروسي سياسيًا واقتصاديًا في الفضاء السوفياتي. ولا تخفي روسيا تعويلها بصورة كبيرة في هذا المجال على التعاون مع بيلاروس، ويدرك الرئيس لوكاشينكو هذا الأمر، لهذا يبدو أن امتناعه عن المشاركة في القمة قد يكون «رسالة عتاب» إلى الحليف الروسي، على أمل الدفع لحل الخلافات بشأن صادرات الغاز الروسي إلى بيلاروس.

مشاركة :