الأمن واختفاء الحاويات - مقالات

  • 1/8/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تطالعنا الصحف بين حين وآخر ظاهرة الانفلات أو الخلل الرقابي في ميناء الشويخ لعمليات فحص وتدقيق الحاويات المحملة بالبضائع المختلفة، خصوصاً وأن بعضها قد تكون محملة بالممنوعات كالخمور، والعقاقير الطبية المزورة، والمخدرات، والأسلحة والأطعمة الفاسدة. ولقد نشرت صحيفة «الراي» يوم (29/ 12/ 2016) خبر اختفاء نحو 13 حاوية كان آخرها حاويتين في أوائل ديسمبر، وحاويتين أخريين في الأسبوع الأخير من نفس الشهر. هذا طبعاً ما هو معلوم، لكن ما خفي أعظم. إن اختفاء الحاويات أو إخراج البضائع والأشياء من دون ترخيص، أو الخلل في عمليات التفتيش ليس هو ما نريد البحث فيه بقدر ما يهمنا الحديث في مؤشرات الحالة العامة للميناء والتي يستدل منها أن هناك اختراقات جمركية تشكل تهديداً أمنياً للدولة. فاختفاء الحاويات وإن كان له علاقة بالانفلات من التدقيق وإجراءات الفحص، إلا أنه يعكس دور المتنفذين، ومن لهم مصلحة في كسر نظام التفتيش لمقاصد مختلفة قد لا تكون بالضرورة مادية.. كما أن الضالعين في الاختراق الجمركي لا يهابون القانون، ولديهم وسائلهم للتهرب، والعمل بمبدأ «لا مين شايف ولا مين دري»... فإذا كان حال الميناء، المنفذ البحري المهم على هذا السوء، فكيف يمكن ملاحقة الخارجين عن القانون، وضبط الممنوعات الكثيرة داخل البلاد إذا كانت المنافذ البحرية لا تستطيع إحكام سيطرتها على دخول بضائع وسلع ليست ممنوعة فقط، وإنما مهددة للأمن العام، هذا في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة أن الأمن أولوية، وأنها حازمة بضرب كل من يتجرأ المساس بالأمن. يكفي النظر في وقائع المخدرات التي تدخل البلاد بكميات كبيرة، ومن مختلف الأصناف لدرجة أن وزارة الداخلية تكرر الإنذار بمخاطرها التي يصعب احتواؤها، فالآفة تزداد انتشاراً بين الشباب، وخصوصاً بين التلاميذ، ومن كلا الجنسين.. فهل يُلام هؤلاء المتعاطون الذين يقعون فريسة تجار المخدرات أم على الحكومة أن تلاحق هؤلاء التجار للقبض عليهم وإحالتهم للجهات القضائية؟ فنحن إلى اليوم لم نسمع أي تاجر مخدرات أحيل إلى القضاء، وحكمت المحكمة عليه بالعقوبات المنصوصة في جرائم التجارة بالمخدرات. إن هذه الكميات الكبيرة من المخدرات تدخل البلاد أكثر عبر الموانئ والمنافذ البحرية مقارنة بدخولها عبر المنافذ البرية والجوية والتي عادة يسهل اكتشافها من رجال الأمن.. فلماذا لا تكون الحاويات التي تختفي من الميناء لا تحتوي على آفة المخدرات من دون استبعاد الأسلحة أو الممنوعات الأخرى؟ إن الدول المتقدمة تعتبر الموانئ، والمنافذ البحرية منظومة متكاملة لا يتوقف دورها فقط على تفتيش السلع القادمة من الخارج أو حتى المُصدرة إلى الخارج، وإنما لأنها تتعامل مع الشركات والأفراد والحكومات فإنها تهتم أيضاً بالجوانب السياسية والتجارة والأمن والمواصلات والإدارة وغيرها. فأي جانب من هذه الجوانب في حال اختلالها فإنها تؤثر في المنظومة العامة للموانئ، وبالتالي تشكل تداعيات على الدولة.. لذلك، هل نترك العمليات الجمركية في الميناء كما هي رغم مخاطرها أم لابد من استعجال العلاج بشكل واقعي وليس مجرد إجراء التحقيقات الداخلية التي تؤدي كالعادة إلى تدوير المسؤولين، أو الاستغناء عن بعضهم أو طمطمة الموضوع بالإعلان عن تبريرات غير مقبولة؟ نتمنى أن تتخذ الحكومة إجراءات شاملة لتطوير الميناء تشمل المسائل القانونية والتنظيمية والسياسية وغيرها، خصوصاً العمل على استخدام الأجهزة التكنولوجية الكاشفة لأي عملية اختراق، وإبعاد العمالة الأسيوية، والتشديد على نقاط الأمن والسلامة والتفتيش. لاشك أن خطورة الثغرات الأمنية في مرفق حيوي مثل ميناء الشويخ تدعو إلى سرعة التحرك لمعالجة الخلل قبل وقوع «الفأس في الرأس». yaqub44@hotmail.com

مشاركة :