حول اختفاء الداعشية الشقراء! - مقالات

  • 7/5/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في عام 1917م ولدت أسمهان الأطرش أخت فريد وفؤاد على ظهر سفينة كانت للتو دخلت مرفأ بيروت هكذا يقول كتاب «ياليل ياعين» للميا زيادة، وفي 2017 أعلنت بغداد نهاية داعش في الموصل على يد قوات التحالف والجيش العراقي...هكذا تقول الأخبار.مئة عام مرت على مولد أميرة درزية ولدت في ماء مرفأ بيروت، لنكتشف فيما بعد أنها ماتت غريقة في ماء النيل، كداعش التي ولدت من الفراغ الأمني والاجتماعي والوطني والتنموي واختفت من شاشات التلفزة والأقمار الاصطناعية في ظل الفراغ الأمني والاجتماعي والوطني والتنموي.دائماً وفي كل مرة نجد شعارات داعش في المناطق المحررة من دون أن نجد جثثهم، وليس هناك تفسير.حتى مقاطع الفيديو لشخصين أو ثلاثة يتم سحلهم ودهسهم بالدبابات لا تقنع طفلاً فضلاً عن متابع على أن هؤلاء هم داعش فعلاً، وتقرير إخباري عن مقبرة جماعية بشواهدها المكتوب على أحدها (أبو محمد المغربي) لا يعني أن المدفون فيها هم أفراد التنظيم فعلاً.(امتى هتعرف امتى) من الأغاني الجميلة التي غنتها أسمهان، ليبقى السؤال معلقاً مئة سنة من مولدها وحتى مماتها، فنحن لا نعرف لمصلحة من ماتت أسمهان ولا نعرف كيف احتلت الموصل أو تحررت ولن نعرف كيف ستحرر الرقة ودير الزور.هكذا كالترفاس الليبي أوالفقع الكويتي تظهر داعش وتختفي.قصة صعود ميليشيا مسلحة ووصولها للنجومية، ولكن على خشبة مسرح كازينو عالمي وليس على خشبة مسرح التاريخ الإسلامي.ميليشيا مسلحة تقدم عروضاً مسرحية متنقلة عبر البلدان التي ينتشر فيها الفراغ الأمني ثم تعلن عن تبني تلك العمليات ونتائجها من خلال موقع إلكتروني لا نعرف من يديره أو من يجلس خلفه ليبقى سؤال أسمهان... «امتى هنعرف امتى؟».كل المناطق التي تتحرر من داعش سواء في الشمال أو الجنوب أو حتى الغرب مثل الموصل يختفي منها القناصون... رجال الموت لدى داعش ويختفي منها رجال الحسبة... رجال الفضيلة لدى المنطقة ويختفي منها أمراء حرب المناطق والولايات بمن هم خلفاء الله في أرضه لدى البغدادي ويختفي منها جنود الدولة بمن هم رجال يحبون الموت ويخافون الحياة لدى القتال، ولا نجد وجوداً لجثة واحدة بدا عليها حسن التغذية بسبب الانغماس فيما أحلّ الله أو بدا عليها سوء التغذية بسبب الزهد ورقائق القلوب.في كل مرة تحرر المناطق تتم عملية خروج آمن لرجال الفرقة المسرحية الذين يقدمون العروض لمن يدفع أكثر.لن أقول إن داعش حركة سلفية بالتحديد، ولن أردد أيضاً أنها صناعة أميركية أو إيرانية أو حتى تركية، ولن أجزم أن إسرائيل وراءها، فترديد مزاعم مثل هذه يصور لنا أننا حللنا كل مشاكلنا بينما نحن لم نحل مشكلة واحدة، فمن وجهة نظري التي لا ألزم بها أحداً سوى أصدقائي، أن داعش فرقة مسرحية دينية خرجت من الفراغ الذي انطلق منه أبو مصعب الزرقاوي لتتلقفها جميع أجهزة الاستخبارات ككرة نار تقذف تجاه من يتعامل ببرود مع المصالح القومية للكبار، كرة نار عندما يحترق منها أحدهم يتهم الآخر أنه من صنعها.داعش تضرب الجميع، لأنها ببساطة مستخدمة من الجميع.إنها حروب جديدة بين الدول العربية وغير العربية التي استفادت كثيراً من تجربة القاعدة، داعش هي إنزال مظلي في أي عاصمة لتنفيذ عمليات معبد لها الطريق، ويكفي تنفيذ عمليتين لضرب واستنزاف دولة لمدة سنتين بتكلفة تساوي صناعة برميل متفجر، ورفسة بالقدم من باب طائرة منخفضة الارتفاع مقارنة بشراء صاروخ موجهه يكلف الملايين... إنها العقلية الأمنية.والكبار وأجهزتهم يعرفون أنه عندما تتم عملية ما، فإن صاحب الشعر الطويل والذي يتكلم بلهجة قريش وبني أسد والذي أقصى أمانيه أن ينام في حضن حورية هو أسخف من أن يقوم بإدارة مطعم بيروتي، فما بالك بعمليات دقيقة تضرب السياحة والاقتصاد والأمن الوطني وتكوين مناطق محاصصة وبيع بترول وتفاصيل كثيرة تكون كهم وأجندة في عقل رجل مخابرات قادر على استخدام بائعة هوى لجلب معلومة وليس لرجل عاصب الرأس يذوب أمامها.لقد كانت أسمهان الأطرش كأميرة مهاجرة من جبل الدروز لا تقبل بالأدوار الرخيصة في الأفلام ولا تقدم عروضاً كتلك التي قدمتها بديعة مصابني في الكازينو، بالتأكيد أن أسمهان الأطرش كانت أشرف وأرقى من ميليشيا مسلحة اخترقت حتى أسفل ظهرها.وصدقني عزيزي القارئ أن ما قمت به من ربط ما بين أسمهان وبين داعش ليس فيه شيء من الإسفاف، فأنت لو تأملت قليلاً فستجد هناك أيضا ربطا ما بين الفنانة والراقصة منيرة المهدية وبين (...).كان كل ما كتبت هو مقدمة بين يدي شيخنا الفاضل الذي نحبه في الله الدكتور محمد العوضي لأجيب عن سؤاله الذي طرحه في مقال الأحد الماضي (أين اختفت الداعشية الشقراء؟!).إن القادر على جعل فتاة شقراء جميلة تقفز من خانة حقوق الإنسان والمشاركة في الحياة العامة إلى خانة حروق الإنسان والمشاركة في كرنفال مليء بالجماجم هو رجل مخابرات بما هو مالك للمعلومة وادوات الضغط على فتاة مثقفة، وليس لفتاة مثل هذه أو غيرها أن تغير قناعتها فقط لمجرد رسائل ودعوات تصل لهم عبر النت أو موعظة عابرة من متطرف، لذلك تصبح القفزة مفاجئة للجميع،عدا من يكون في انتظارها وهو عاصب الرأس يرتدي ملابس التمثيل المسرحي.كاتب كويتيmoh1alatwan@

مشاركة :