شيئان يدمران الانسان، الانشغال بالماضي والانشغال بالآخرين فمن طرق باب الماضي أضاع المستقبل ومن راقب الآخرين أضاع نصف راحته... إن النفس الإنسانية بطبيعتها وأصل خلقتها التي أوجدها الله تعالى عليها قابلة للتشكل والتغير والتبدل وربما يصح أن نشبهها بوعاء... بإمكان الإنسان أن يملأه بما شاء... فإذا ما وفق الله تعالى الإنسان، وأراد هو الخير لنفسه... ملأ هذه النفس بما يرضي الله تعالى. إن الكبت عملية غير شعورية، تستبعد الأنا، بموجبها الغرائز والصراعات النفسية والذكريات الأليمة والرغبات... تعيش في لا وعي المرء وتتغذى مع الأيّام والتجارب المستكرهة وتنتقل من مستوى الشعور إلى غير الشعور مختبئةً من الإحساس بالذنب والتوّتر والمعاناة، يجد نفسه الانسان امام حرب بين وعيه ولاوعيه، فيكبت انفعالاته ومشاعره ضمن عملية غير ارادية ومن دون ان يقصد. يؤدي الكبت إلى حماية الفرد من الشعور بالإحباط أو الصراع مع ما لا ينسجم مع قيمه الخلقية، والاجتماعية وتمنعه من ان يندفع إلى الدوافع الجنسية، والعدوانية. لكن الإسراف في استخدامها كآلية دفاعية لتصرفاته له مضار كثيرة على الصحّة النفسيّة للفرد، فهي تؤدي إلى جعله يخدع نفسه ويمنعه من التصالح مع ذاته ومعالجتها ما يجعله يشعر بالنقص... كما قد ترغمه على اتّباع أساليب شاذة من السلوك ويولد عنده صراعات نفسيّة فجزء منه يرغب بالشيء ويريده والجزء الثاني يمتنع عنه ويكرهه، بالإضافة إلى انّ كل هذه العقد النفسيّة المكبوتة قد تضعفه تدريجياً، وتؤلمه، وتستهلك نشاطه الإيجابي وتبدّلها بطاقة سلبيّة تقوده إلى الانهياروقد يعجز الفرد من التحكم فى الأنا فتظهر فى أحلامه وبعض الرموز وكلامه. الكبت عملية ناقصة وحيلة خادعة تشعر الأنا بالراحة المؤقتة ومع الأيام تتراكم على الفرد، وتنفجر حتى يصبح عاجزاً عن الدفاع عن نفسه... فالرغبات والذكريات لا تموت، بل تحيا في اللاوعي، وإخفاؤها ضرر كبير على النفس البشرية، فالكبت لا يخلّص النفس بل يرمي بها إلى الدمار، فمن يعتقد ان كبت الأمور يعني نسيانها فهو على خطأ، فهي تؤدي الي امراض نفسيه تهلك الجسد وتشل حركته سأعطي بعض الامثال، إن كنت تعاني من طفولة قاسية، او مشاكل عديدة، وتكبتها بدلاً من التعبير عمّا يزعجك واللجوء إلى معالج نفسي يساعدك على التحدّث عن تجاربك ومشاعرك وتمنع نفسك من البكاء والتعبير وتظنّ أنك قادر على اجتياز الألم وحدك عبر البحث في ذاتك والتأمّل او تصديق انّك قادر على النسيان، بدلاً من معالجة جرحك سيؤدي ذلك الى انهيار عصبي يحطم جهازك العصبي ويضعف جسمك نشاطه. إن كنت تشعر برغبة ما- شهوة أوغريزة- وتكبتها فقد يؤدي ذلك إلى تحوّل إلى سيناريوهات تراها في أحلامك عند نومك، او في رسوماتك، وكلامك، وقد يدفعك إلى عملٍ شاذ... إنْ كنت تؤمن بأنّ الحزن الذي في داخلك قدرك، تخاف من فتح أبواب الماضي والتكلّم مع معالج نفسي، وتحاول الاحتيال على أوجاعك عبر الكبت... فهذا لن يؤدي إلا لجعلك تشعر كل يوم بانّك تلد من خاصرتك الماً اخفيته وظننت انّ ما تكبته يموت... لكن المكبوت لا يموت. همسة: عاند الدنيا وابتسم ان بعد الليل فجر يرتسم، لاتقل حظي قليل انما قل هذا ما قدّر ربي وما قسم. * كاتبة وإعلامية كويتية Sshaheenn@hotmail.com @Follow Me :sshaheen9 Instagram:u20storiess
مشاركة :