رواية أولى للشاعر علي عطا صدرت عن الدار المصرية اللبنانية بعنوان «أيام الكوثر»، (157 صفحة) والغلاف للفنان عمرو الكفراوي. تندرج هذه الرواية في خانة ما يسمى «أدب الاعتراف»، وهو نوع أدبي لا توجد منه نماذج كثيرة في المكتبة العربية، فالأحداث تتدفق بين القاهرة والمنصورة، لتغلف بوحًا حميميًا لـ «حسين جاد»؛ الصحافي الذي أصدر ثلاثة دوواين شعرية، وينزوي في مهنته خلف تحرير نصوص الآخرين الصحافية والإبداعية. يشجعه صديقه المهاجر إلى ألمانيا «الطاهر يعقوب» عبر رسائل تصله منه بالإيميل على كتابة رواية يُضَمِنها كل ما يؤرقه في حاضره وماضيه لعله يتخفف من أزمة نفسية تكاد تعصف بكيانه وبما أنجزه من نجاح مهني وإبداعي. في مركز السرد تجربة عاشها بطل العمل داخل مصحة للأمراض النفسية بعد أن تخطى الخمسين من عمره، تستدعي إلى ذهنه محطات مؤرقة ترتبط في شكل غامض بحوادث زنا محارم في محيط أسرته. تدفعه التجربة إلى الكتابة عن تلك المحطات وغيرها ومنها اضطراره إلى العمل حتى من قبل أن يصل إلى سن دخول المدرسة الابتدائية في ظل فقر أسرته التي يعولها أب يعمل بائعاً متجولاً ويدمن الأفيون والحشيش. حضور خصوصيات الذات الساردة لا يمنع اشتباكها مع الهم العام، وفي قلبه تبعات ثورة 25 يناير. في الرواية أيضاً مساحة معتبرة لنماذج من المرضى الذين تضمهم «مصحة الكوثر»، تجسد حضوراً مأساوياً لمرض الاكتئاب في أوساط المنتسبين إلى ما كان يسمى «الطبقة الوسطى» في المجتمع المصري. ومن جو الرواية: «كانت دعاء تنامُ إلى جواري، عندما رأيتُ أنني غيرُ قادرٍ على الوصول إليها؛ لأفي بوعدٍ ما، مع أنني أحفظ رقم هاتفها، وأعرف بيتها الذي جاء في الحلم أنها تنتظرني فيه منذ سنوات بعيدة. يتكرر ذلك الحلم وتزداد حيرتي في تفسيره. لم أحكِ لها عنه، ولا أريد، حتى بعد أن أخبرتني بأن خالها (أبي) وزوجته (أمي) طلَبا منها في الحلم أن تصفح عني وتهتم أكثر برعايتي وتتوقف عن هجرها المتكرر لي. في الليلة الماضية زادت وتيرة دعائها بهمسٍ مسموع: «اللهم انتقم من اللي خانِّي»، وشغَّلت إذاعة القرآن الكريم من الموبايل، وتركت الصوت عالياً». وكان علي عطا، المولود في المنصورة (شمال مصر) في العام 1963، اصدر ثلاثة دواوين هي: «على سبيل التمويه»، و «ظهرها إلى الحائط»، و «تمارين لاصطياد فريسة»، وله قيد النشر ديوان بعنوان مبدئي هو «يوميات صائد فراشات».
مشاركة :