تطويع السمات الشخصية محاولة جديدة للعلاج النفسي بقلم: نهى الصراف

  • 1/11/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تطويع السمات الشخصية محاولة جديدة للعلاج النفسي هل يمكن أن يتغير الناس؟ سؤال ملحّ طرح بشدة في الآونة الأخيرة كمحاولة لتطويع السمات الشخصية في سبيل علاج مختلف الأمراض النفسية للأفراد، حيث لاحظ بعض الباحثين من خلال مجموعة من الدراسات في مجال السلوك، أن السمات الشخصية للأفراد، مهما كانت طبيعة هؤلاء، يمكنها أن تتغير أو تتبدل كليّا مع مرور الوقت، والتغيير في هذا الإطار لا يعني بالضرورة تطور السمات الموجودة فعلا في الشخصية إلى مستويات أبعد، سواء بالزيادة أو التراجع، فربما يكون انقلابا شاملا في السمات الرئيسة للشخصية وهذا بالطبع شأن آخر. العربنهى الصراف [نُشرفي2017/01/11، العدد: 10509، ص(21)] الاستقرار العاطفي من السمات الشخصية القابلة للتغيير تعرف الشخصية بأنها مجموعة من السمات الجسمانية والنفسية الموروثة والمكتسبة، وفيها أنماط العادات والتقاليد، القيم والمشاعر، الأفكار والسلوك، وردود الأفعال تجاه الأشخاص وما يجري من أحداث. كل هذه الأشياء تتفاعل في ما بينها لتظهر من خلال التعاملات الاجتماعية، حيث تعكس شخصية الفرد نمط تفكيره وسلوكه، كما أن لكل فرد طبيعة شخصية فريدة تظهر منذ الطفولة وتتطور مع التقدم في العمر واكتساب الخبرات. ويرى الدكتور سيث. جي. جيلان، أستاذ مساعد في علم النفس السريري بجامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية، أن السؤال المهم الذي تطرق إليه الباحثون النفسيون في هذا النطاق، هو هل يمكن للعلاج النفسي أن يغير من شخصية المريض خلال فترة زمنية محددة من خلال استثمار أمثل لهذه الفرضية؟ وفي خضم محاولة الإجابة عن هذا السؤال تطرق الباحثون إلى السمات الخمس الكبرى في الشخصية التي يمكن أن تخضع للتغيير، حيث تدور جميع الأبحاث في فلكها وهي: الانبساط النفسي، الاستقرار العاطفي، الانفتاح على المحيط الاجتماعي، والضمير والتوافق. وفي بحث بهذا الخصوص أشرفت عليه مجموعة من المتخصصين الأميركيين في نهاية العام الماضي حمل عنوان “استعراض منهجي لتغيير بعض سمات الشخصية بواسطة التدخل والتوجيه والعلاج”، تم تحليل نتائج أكثر من 200 دراسة تطرقت إلى محاولة تغيير بعض سمات الشخصية من خلال التدخل الدوائي، إضافة إلى طرق مختلفة في العلاج النفسي السلوكي تمت في مدة أقصاها 24 أسبوعا. وكشفت الدراسة بعض النتائج المهمة، حيث تبيّن أن العلاج يمكن أن يكون فاعلا في تغيير بعض سمات الشخصية في إطار صغير أو متوسط، ويمكن أن يلاحظ هذا التغيير بسهولة الأشخاص الذين يعيشون في نطاق ضيق مع هذا الشخص كأن يكون أفراد أسرته، فقد يتحول الشخص، الذي ينفعل بسهولة لأقل الأسباب، بأن ينجح تدريجيا وفي واحدة من أساليب العلاج، في التعامل مع هذه الضغوط وهذا يتم عادة، كما أثبتته الدراسات، بمعزل عن تأثير العمر والجنس. العلاج النفسي القائم على السمات الشخصية يسهل للأفراد استعادة شخصياتهم الحقيقية وسماتها المميزة أما بعض الدراسات التي رصدها البحث، فأشارت إلى أن هذه التغييرات قد تظهر جلية في فترة المتابعة بعد انتهاء العلاج، حيث تتسم التغييرات الحاصلة بسمة الاستقرار ويستمر هذا الثبات ليمتد إلى أكثر من عام على مرور فترة العلاج. وفي حين تبيّن أن بعض الأفراد يستجيبون بصورة أسرع لهذا النوع من العلاج، وأن بعض السمات الشخصية أكثر عرضة للتغيير من غيرها مثل الاستقرار العاطفي وأقلها في ذلك سمة الانفتاح على الخبرة الجديدة، فهي من السمات التي يصعب أحيانا تغييرها. كما أن بعض الأمراض النفسية التي تتعلق بالقلق والاكتئاب يسهل التعامل معها مع السيطرة على سمة الاستقرار العاطفي في شخصية المريض. كما، أثبت العلاج السلوكي المعرفي فاعليته بصورة أكثر مقارنة مع استخدام الأدوية. ومن ناحية أخرى، خلص البحث إلى أن بعض العوارض النفسية تستجيب بسهولة لهذا النوع من العلاج الذي يعتمد على تغيير سمات الشخصية مثل القلق واضطرابات الشخصية، بينما يخفق العلاج في محاولة التعاطي مع أغلب المرضى الذين يعانون من إدمان المخدرات مثلا. ويرجح الدكتور جيلان ومن خلال النتائج الآنفة، بأن تغيير الشخصية عموما يمكن أن يحدث بصورة نسبية وأن العلاج يحتاج لأن يمر الشخص بفترة زمنية لا تقل عن أربعة أسابيع لإثبات جدواه، فإن لم تظهر نتائج مرضية، فإن إطالة أمد العلاج كرغبة في إحداث تغييرات ولو بسيطة على سمات الشخصية، تعد مضيعة للوقت والجهد. وعلى غير المتوقع، فإن الباحثين كانوا قد حذروا من مغبة التداخل في عملية تغيير السمات نتيجة لتطبيق العلاج، بصورة قد تؤدي إلى تراجع الحالة النفسية. فربما يؤدي الاكتئاب المترتب عن فترة العلاج ونوعه إلى انخفاض في مستوى الاستقرار العاطفي للمريض، ويرجح بأن الإنسان يكون أكثر استقرارا من الناحية العاطفية كلما تقدم به العمر، وهذا التغيير يتم تدريجيا عبر سنوات ويعكس تطورا طبيعيا لعملية النمو النفسي والعاطفي. ومن خلال تجربته كمعالج نفسي، يرى الدكتور جيلان، أن التغيير في الشخصية الذي يحدث إثر هذه الطريقة في العلاج، لا يعدو كونه عودة إلى المستوى الأول من وظيفة أو نمط معين من الشخصية، قبل أن تتراجع بفعل المرض النفسي سواء أكان قلقا أم اكتئابا أم أي عارض نفسي آخر. وغالبا ما يأتي الأشخاص لطلب العلاج النفسي بسبب شعورهم بعدم الارتياح وبأنهم ليسوا في حالاتهم الطبيعية، وأن مشاعرهم تغيرت ونظرتهم للحياة أيضا وبأنهم ليسوا أنفسهم، ولهذا يقوم العلاج النفسي بمحاولة مساعدة هؤلاء على استعادة صفاتهم الشخصية الأولى قبل أن يمروا بحالة الانتكاس النفسي والعودة إلى طبيعتهم الحقيقية مرة أخرى، حتى أن أفراد أسرهم المقربين يصفون هذه الحالة بدقة عندما يصرحون بأن أحباءهم قد عادوا إليهم مرة أخرى، أحباءهم الذين يعرفونهم جيدا. ويؤكد بعض المتخصصين أن هذا النوع من العلاج النفسي القائم على السمات الشخصية، بإمكانه أن يسهل للأفراد استعادة شخصياتهم الحقيقية وسماتها المميزة وأكثر من ذلك ربما إعادتها إلى أفضل من صورتها القديمة. :: اقرأ أيضاً الزوج النكدي طاقة سلبية تنعكس على الزوجة والأسرة البشرة حول العين تحتاج عناية خاصة

مشاركة :