معتقد داعش يقوم على الارتزاق الحربي والتحريف الفقهي بقلم: محمد الحمامصي

  • 1/11/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

معتقد داعش يقوم على الارتزاق الحربي والتحريف الفقهي المسألة الأخلاقية ذريعة تتخذها جماعة داعش، لإضفاء صفة الشرعية على مشروعها الإرهابي الذي تقدمه على شكل دولة، والمتفحص لسلسلة جرائم داعش وأطروحاته الدعائية يجد أن خطابه مبني على مغالطات فقهية وقراءات تعسفية للدين، لا يهدف من ورائها إلاّ إلى إحلال سلطة التكفير والتقتيل. العربمحمد الحمامصي [نُشرفي2017/01/11، العدد: 10509، ص(13)] منتهكو الأخلاق الإنسانية يعلنون دولة الأخلاق انطلق الباحث المغربي، خالد ميار الإدريسي في دراسته “الدولة الإسلامية، قراءة في الشروط وبيان تهافت الخطاب المتطرف”، الصادرة عن الرابطة المحمدية للعلماء، سلسلة الإسلام والسياق المعاصر، من فكرة مؤداها أن دعاوى إقامة “الدولة الإسلامية”، تستلزم الأخذ بشرطين، أولهما شرط أخلاقي لتدبير الاجتماع الإسلامي، والثاني شرط جيوسياسي يقوم على مفهوم جيوسياسة التعارف الإنساني. وأبرز الإدريسي الجانب غير الأخلاقي في تدبير الدولة المتطرفة لشؤون الناس وعجزها عن ضمان الأمان والاستقرار للجميع لاعتمادها جيوسياسة الرعب، كما استهدف بيان عدم توفر “المؤسسات التنظيمية الإرهابية” على الشرط الجيوسياسي لقيام “الدولة الإسلامية” المزعومة، والمتعين تحقيقه في زمن الفوضى الجيوسياسية واتسام العالم بالتعقيد والبحث عن آفاق رحبة لتحقيق الكرامة الإنسانية. وأوضح الإدريسي أن تجديد النقاش حول إمكانية إقامة الدولة الإسلامية مرتبط بسياقات محلية وإقليمية ودولية، ولخص معالم ذلك في عدد من النقاط، منها أولا: بروز ظاهرة الدول الفاشلة وتصنيفها دوليا بناء على المؤشر العالمي للدول الفاشلة. وتعتبر دول منتمية إلى العالم الإسلامي، من أكثر الدول التي تصنف في خانة الأكثر فشلا. ثانيا الولوج إلى عصر “مجتمع المخاطر العالمي”، حيث تواجه جل الدول مخاطر من صنع كافة الفاعلين في العلاقات الدولية، وبالتالي عجز الدول الضعيفة والمنفردة عن مواجهة هذه التحديات لوحدها. ثالثا الولوج إلى عصر “مابعد العلمانية” والتفكير في إدماج الدين في السياسات العمومية، ورابعا تصاعد موجات الإلحاد الجديد، وخصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر، والترويج لمفهوم نهاية الإيمان، والهجوم على الديانات التوحيدية. خامسا تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا، وانتشار العنف العالمي، وسيادة حالة الإحباط، وتولي “الحركات الإسلامية” لمقاليد الحكم في بعض دول العالم الإسلامي، واحتدام النقاش حول صبغة “الدولة” بين العلمانيين والإسلاميين، والترويج لفكرة الشرق الأوسط الجديد وتدريب القيادات العسكرية في الناتو على فهم وتمثل خريطة هذا الشرق الأوسط الجديد، وتكاثر الحركات القتالية وتناحرها على مشروعية الإعلان عن “الدولة الإسلامية”، وتراجع القاعدة، واستغلال الفضاء الرقمي للتحريض الديني، وعجز المؤسسات الدينية، والصراع الجيوسياسي والجيواقتصادي على آسيا الوسطى، والحرب على الإرهاب وخلق وحوش الارتزاق الحربي “الديني”. خالد ميار الإدريسي: سوء التدبير في "الدولة المتطرفة" مرده التطلع إلى التسيد على الناس، وليس فقط الخطأ والجهل في تقدير الأمور ورأى أن مجتمع المخاطر العالمي، ينتظر من الجميع المساهمة بأخلاقية لتقديم حلول، وتقديم رؤى وقرارات لتفادي الكوارث المستقبلية؛ وبالتالي فلا يمكن الحديث عن دولة أخلاقية تساهم في خلق المخاطر وتعميمها. ومن هنا فإن مشروع الدولة الإسلامية منوط به رفع هذا التحدي العالمي، بتقديم طرح جديد، لتمكين الإنسانية من الولوج إلى عصر الأمان العالمي. وبالطبع ليس هذا الدور محصورا بهذه الدولة الإسلامية فقط، وإنما يمتد إلى كل دولة تدعي الارتكاز على الأخلاق وتؤمن “بالمسؤولية الأخلاقية العالمية”. وقال الإدريسي إن الدولة المستلهمة لمقاصد الشريعة الإسلامية، قادرة بلا شك على تلبية لهفة المواطنين في العالم الإسلامي، للحاجة إلى وعاء مؤسساتي ينافس الأشكال التنظيمية المعاصرة، والتي هي بدورها في تطور مستمر، وتواجه تحديات كبيرة ومتتالية. وأشار إلى أن النقاش سيبقى محتدما بين أطراف متعددة في تحديد مفهوم أو صفة “إسلامية” بالنسبة للدولة، “فعندما يطلب من الإسلاميين تعريف الصفة الإسلامية للدولة كما يتصورونها، فإنهم يقولون عادة إن ما يجعل الدولة إسلامية هو أنها تحكم بالشرع الإسلامي. وقد تأثر هذا الجانب الشرعي في هذا التعريف، نظريا على الأقل، بالتاريخ. وكما رأينا، كان الشرع الإسلامي السمة المحددة للنظام الدستوري الإسلامي الكلاسيكي. إذ أن الدولة الإسلامية يجب أن تكون تحت الشرع الإسلامي، غير أن شكله يمكن تحويله بالتقنين. والحديث عن دولة إسلامية من دون دور مركزي للشرع الإسلامي يعد تشكيكا في معنى صفة الإسلامي”. ولفت إلى إن سوء التدبير في “الدولة المتطرفة” مرده التطلع إلى التسيد على الناس، وليس فقط الخطأ والجهل في تقدير الأمور. وقال “يبدو جليا أن التطرف والعنف بغير حق شرعي واضح المعالم والدلالة، من آفات ذلك الترامي على شؤون أمور المسلمين، وفي ذلك مفاسد عظيمة؛ وكذلك انتهاك كرامة الأمة والتشويش على سمعتها وتفرقة صفوفها. فأين التفقه؟ وأين الرغبة الحقيقية لإعلاء شأن المسلمين من ذلك؟ وتكمن مظاهر عدم مراعاة مآلات المنظور والأفعال فيما يلي: التلازم بين التكفير واستحلال الدماء، الحكم على جيوش المسلمين بالكفر والردة، وخطورة ذلك على أمن البلاد الإسلامية، اعتماد سياسة إعلامية تروج لصور التقتيل والتمثيل، التفجيرات في بلاد الغرب وقتل عموم الناس بما فيهم المسلمين، التغرير بالشباب والشابات والزَّج بهم في حروب مصالح باسم الدين، الدخول في حرب معلنة مع الشيعة وتمكينهم من كسب المشروعية الجيوسياسية والامتداد، تمكين القوى الدولية من الدخول إلى بلاد العراق والشام من جديد واستمرار الحرب على الإرهاب”. ورأى الإدريسي أن أصل “النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا”، ولذلك فلا يمكن الاستغناء عن النظر المآلي لتوقع نتائج التصرفات وما مدى توافقها مع المقاصد الشرعية المرجوة، كما أن تدبيرات “الدولة المتطرفة” لا تراعي ذلك. وقال الإدريسي إن الخطاب العنيف والحاد الذي لا يتضمن أي دعوة إلى تدبير الخلاف بشكل أخلاقي وإنساني، هو تطبيق عملي لمعتقد مصرح به، تقوم عليه “الدولة المتطرفة”، فقد جاء في شريط “الدولة الإسلامية”، “دولة الخلافة الإسلامية” الصادر عن مؤسسة دابق، وهو شريط بسّط معتقد “الدولة المتطرفة”: نرى وجوب هدم وإزالة كل مظاهر الشرك وتحريم وسائله، الرافضة طائفة شرك وردة ـ نرى وجوب التحاكم إلى شرع الله وأن التحاكم إلى الطاغوت من نواقض الإسلام، نؤمن بأن العلمانية هي كفر بواح مناقض للإسلام، نرى كفر حكام دول الطواغيت وردة جيوشها، نعتقد أن الديار إذا أعلتها شرائع الكفر وكانت الغلبة فيها لأحكام الكفر دون أحكام الإسلام فهي ديار كفر، نرى وجوب قتال شرطة وجيش دولة الطاغوت والردة، نرى وجوب هدم مقرات الطاغوت، لا عهد لطوائف أهل الكتاب إلا بعهد جديد وفق الشروط العمرية، أبناء الجماعات الجهادية إخوة لنا ولا نكفرهم، نرى وجوب توقير العلماء “الصادقين” (أي “علماء” داعش) وتعرية علماء الطاغوت ولا نداهن في دين الله، “نوجب على المرأة شرعيا ستر وجهها”. وأشار الإدريسي إلى أن النظر إلى الجميع بأنه في حكم الردة والكفر، يحمل على التقتيل بغير حق. والادعاء بأن الأمان مضمون للجميع تكذبه التقارير المتعددة لشبكات حقوق الإنسان، وكذلك الأشرطة التي تسجلها “الدولة المتطرفة”. ولفت إلى أنه لا يعقل أن تدعي “دولة” أنها تتأسس على الأخلاق الكريمة والإسلام الحنيف، وتنتقد “الطغاة”، فتبني رؤيتها الاستراتيجية على الارتزاق الحربي وباسم الدين. :: اقرأ أيضاً

مشاركة :