في بيان أصدرته بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين، أشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أن ما لا يقل عن 2360 مهاجراً لقوا حتفهم وهم يحاولون عبور الحدود في العام 2013، الذي سجل عدداً قياسياً من الوفيات في صفوف المهاجرين. أما التقديرات المنشورة لشبكة منظمات غير حكومية في باريس، فتشير إلى أن 17 ألف مهاجر قضوا على مدى عشرين عاماً، فيما كانوا يحاولون بلوغ أوروبا. وقد حاول أكثر من 330 ألفاً دخول الاتحاد الأوروبي في العام 2012. وسجلت 70% من طلبات اللجوء في ألمانيا (77500 طلب). وكانت حصة فرنسا 60600 طلب، والسويد 44 ألفاً، وبريطانيا 28 ألفاً، وبلجيكا 28 ألفاً، بحسب مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). وفي تقرير نشرته صحيفة "الديلي تلغراف" عن تهريب البشر من الهند إلى بريطانيا، يتضح أن الفرد يدفع عشرين ألف يورو، لعصابات تهريب متخصصة في إقليم البنجاب من أجل إيصاله إلى بريطانيا. بداية، ينقل المهاجرون جواً من الهند إلى موسكو بتأشيرات سفر مزورة. ومن هناك ينطلقون براً إلى أوكرانيا وهنغاريا وسلوفينيا وإيطاليا، حيث يعمل بعضهم لفترة من الزمن لدى المزارعين الإيطاليين، من أجل تغطية بعض نفقاته. بعد إيطاليا، تكون بلجيكا الهدف التالي للمهاجرين الهنود. ومنها يجري إخفاءهم في شاحنات ليكملوا رحلتهم السرية إلى بريطانيا، عبر نفق القنال. وتعتقد الشرطة البلجيكية أن 150 هندياً كانوا يتسللون بالشاحنات في كل ليلة متوجهين إلى المدن البريطانية. وتشكو إيطاليا، على غرار دول أوروبية أخرى، من عدم تضامن شركائها الأوروبيين في معالجة قضية الهجرة غير القانونية وتباعاتها المختلفة. وتعاني إيطاليا من مسارات مختلفة من الهجرة غير الشرعية، يعتبر أكثرها ذلك المتأتي من خلال سواحلها، التي وصلها أكثر من 22 ألف مهاجر في الأشهر التسعة الأولى من العام 2013، وهو رقم يساوي نحو ثلاثة أضعاف مجمل العام 2012. إن الصورة الراهنة للهجرة من الشرق الأوسط إلى أوروبا تشير إلى مستوى متعاظم من تدفق الأفراد والأسر عبر الحدود الشائكة والوعرة. وتعبر هذه الصورة، في أحد أبعادها، عن حالة الاضطراب الأمني والسياسي الذي باتت تعيشه عدد من دول المنطقة والقاعدة المطبقة هي أن يتحمل أول بلد يصل إليه المهاجر مسؤولية منحه اللجوء واستضافته. وهذا النظام الذي تنتقده دول جنوب الاتحاد الأوروبي لم يتم تطويره منذ أن طبق للمرة الأولى في العام 2002. وقد رفض رؤساء وزراء ألمانيا والسويد والدانمارك فكرة تعديل اتفاق دبلن، الذي يفرض على دول الوصول معالجة طلبات اللجوء، وتأمين إيواء مقدميها. وعارضت 24 دولة، من أصل 28، تخفيف القواعد الخاصة بالهجرة عندما جرت مناقشة هذا الأمر. على صعيد حركة الهجرة من الشرق الأوسط باتجاه أوروبا، يميل المهاجرون إلى اتباع مسارين رئيسيين: الأول، يشمل السفر من أفغانستان وباكستان وإيران والعراق وسوريا عبر تركيا إلى بلغاريا أو اليونان، ثم إلى دول البلقان وإيطاليا، وفي نهاية المطاف إلى أوروبا الغربية. وفي المسار الثاني، يعبر المهاجرون رومانيا إلى هنغاريا والنمسا وسلوفاكيا والتشيك، وفي نهاية المطاف إلى ايطاليا وألمانيا. وفي كلا المسارين تكون تركيا الجسر البري بين الشرق والغرب، والنقطة التي يختارها المهاجرون لمواصلة الرحلة عبر بلغاريا أو اليونان. وحتى وقت قريب، كانت منطقة الحدود اليونانية مع تركيا، التي تمتد لمسافة 200 كيلومتر، تمثل الصدع الأكبر في جدران "أوروبا الحصينة"، حيث يدخل منها غالبية المهاجرون غير الشرعيين إلى الاتحاد الأوروبي. وخلال الفترة بين كانون الثاني يناير 2010 وآب أغسطس 2012، تمكن ما لا يقل عن 87 ألف شخص من دخول اليونان عبر هذه النقطة. وينتهي المطاف بالعديد من المهاجرين بالاختباء على ظهر القوارب المتجهة إلى إيطاليا، أو يدفعون المال للمهربين من أجل أخذهم إلى جهات أخرى في أوروبا. وفي آب أغسطس 2012، وتحت ضغط متزايد من الاتحاد الأوروبي، أطلقت الحكومة اليونانية عملية واسعة لسد الثقوب في حدودها مع تركيا، إذ تم إرسال 2000 عنصر إضافي من رجال الشرطة للقيام بدوريات في المنطقة. وجرى لاحقاً إنشاء سور يمتد لمسافة 12 كيلومتراً على طول إحدى نقاط العبور الأكثر استخداماً من قبل المهاجرين. في الوقت الراهن، تعتبر بلغاريا الوجهة الرئيسية للمهاجرين غير الشرعيين من الشرق الأوسط إلى أوروبا. وفي تحليل المخاطر لعام 2013، تشير الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود الخارجية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (FRONTEX) إلى زيادة أعداد المهاجرين الذين اختاروا بلغاريا كدولة مضيفة. وقد حاول 5815 شخصاً عبور الحدود التركية إلى بلغاريا بطريقة غير رسمية في الشهور التسعة الأولى من العام 2013. ويمثل ذلك زيادة بمقدار سبعة أضعاف نفس الفترة من عام 2012. وفي أيلول سبتمبر 2013 وحده، تم احتجاز 2377 شخصاً على الحدود التركية – البلغارية، منهم 1635 سورياً. وعلى ضوء هذا التطوّر، بدأت السلطات البلغارية مشروعاً لبناء سياج حدودي بالقرب من إحدى القرى المجاورة لتركيا، من المقرر أن يغطي نحو 30 كيلومتراً من الحدود التي يبلغ طولها 280 كيلومتراً. وتوجد حالياً ست محطات مراقبة ثابتة على الحدود البلغارية التركية، تستخدم الرادار وكاميرات التصوير الحي، إضافة إلى 47 كاميرا صغيرة، وخمس محطات مراقبة متحركة، فضلاً عن الدوريات الحدودية المتحركة. وتعمل أجهزة الرادار على رصد الأجسام المتحركة ثم تقوم كاميرات الفيديو بتكبيرها تلقائياً، وحينها تتوجه دوريات الشرطة إلى الهدف المحدد. وهناك مهربون محترفون يتحركون بين الشرق الأوسط وأوروبا، وخاصة انطلاقاً من تركيا. وقد عرّفت الأمم المتحدة "تهريب المهاجرين" على أنه تدبير الدخول غير المشروع لأحد الأشخاص إلى دولة، ليس ذلك الشخص من مواطنيها، أو من المقيمين الدائمين فيها. وذلك من أجل الحصول، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على منفعة مالية، أو منفعة مادية أخرى. ويلجأ المهربون على نحو متزايد إلى ابتزاز المهاجرين بحيث يطلبون منهم أن يدفعوا مبالغ أكثر من تلك المتفق عليها، وفي كثير من الأحيان يتم ذلك عن طريق احتجازهم خلال الطريق، أو حتى عند وصولهم إلى الوجهة المقصودة. وتفيد تقارير الأمم المتحدة، بأنه خلال الطرق الطويلة في نظام "ادفع أولاً بأول"، عادة لا يعرف المهاجرون سوى المهربين الذين يأخذونهم في المحطة الأولى في رحلتهم. وبعد ذلك، ربما يسافرون بمفردهم لجزء من الطريق أو يتم تسليمهم من مهرب لآخر من خلال ما يجري تعريفه بأنه "سلاسل غير رسمية" أو "تحالفات فضفاضة"، تختلف عن الشبكات الأكثر تنظيماً المعهودة في عمليات الاتجار في البشر – كما تقول هذه التقارير. وقد أوصى "بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، المكمِّل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية"، الذي بدا سريانه عام 2003، بعدد كبير من الإجراءات الواجب على الدول اعتمادها للقضاء على تجارة البشر، ومعالجة أسبابها المادية والثقافية. ويشير البرتوكول في مادته (15) إلى أنه يتعيّن على كل دولة طرف أن تتخذ تدابير لضمان قيامها بتوفير أو تعزيز برامج إعلامية، لزيادة الوعي العام بأن تجارة البشر هي نشاط إجرامي، كثيراً ما ترتكبه جماعات إجرامية منظمة بهدف الربح. وأنه يسبب مخاطر شديدة للمهاجرين المعنيين. ووفقا للمادة 31 من "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية"، التي يستند إليها البروتوكول، يتعيّن على الدول الأطراف أن تتعاون في ميدان الإعلام بهدف الحيلولة دون وقوع المهاجرين المحتملين ضحايا للجماعات الإجرامية المنظمة. وتنص المادة (16) من البروتوكول، على أنه يتعيّن على كل دولة طرف أن تتخذ، بما يتسق مع التزاماتها بمقتضى القانون الدولي، كل التدابير المناسبة، بما في ذلك سن التشريعات عند الاقتضاء، لصون وحماية حقوق الأشخاص الذين كانوا هدفاً لتجارة البشر، حسبما يمنحهم إياها القانون الدولي المطبق، وبخاصة الحق في الحياة، والحق في عدم الخضوع لأشكال المعاملة القاسية أو المهينة. أما حقوق اللاجئين، الذين وصلوا إلى وجهاتهم المستهدفة، فقد جرى تنظيمها في عدد كبير من المواثيق الدولية، منها اتفاقية جنيف لعام 1949، واتفاقية حقوق اللاجئين لعام 1951، والتي دُّعمت ببروتوكول عام 1967. وذلك بالطبع، فضلاً عن بنود عديدة وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر في العاشر من كانون الأول ديسمبر 1948. وترى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إنه في حين أن إنهاء الصراعات يتطلب حلولاً سياسية، فإن على الجهات الإنسانية الفاعلة أيضاً الاستثمار في سبل العيش والتعليم وغيرها من الأنشطة، لتعزيز الاعتماد على الذات بين السكان اللاجئين أو النازحين داخلياً، وفي اغتنام الفرص لمساعدتهم على إيجاد حلول لمحنتهم. إن الصورة الراهنة للهجرة من الشرق الأوسط إلى أوروبا تشير إلى مستوى متعاظم من تدفق الأفراد والأسر عبر الحدود الشائكة والوعرة. وتعبر هذه الصورة، في أحد أبعادها، عن حالة الاضطراب الأمني والسياسي الذي باتت تعيشه عدد من دول المنطقة.
مشاركة :