سقوط الراشي والمرتشي

  • 1/13/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

محمد الماحي لا يستطيع (ف.أ) أن يواجه الحياة وصعوباتها، بل يريد الراحة في كل شيء، وهو يسعى دائماً إلى ما هو سهل ويحصل على ما يريده بلا عناء. عاش طفولة ناعمة وتربى على الكسل وتوفير احتياجاته كاملة وقتما شاء.. لم يغرس والداه في روحه تحقيق الهدف بالعزيمة والهمة العالية التي تتطلب بذل الجهد والنهوض باكراً وتحمل المسؤولية كاملة والصبر على المعوقات التي قد تواجهه في مشوار حياته، وقتلت التربية السيئة التي عاشها داخله الطموح والتفكير المستقبلي، وهو لا يحب كلمة الانتظار، بل يريد أن يتجاوز الصفوف لكي يحقق ما يريده بأسرع ما يمكن، واستمر على هذه الحال إلى أن بلغ عمره السابعة عشرة، فأراد أن يمتلك سيارة فارهة تتزين بالأنوار والصوت العالي، ويمكن أن يذهب بها إلى أصدقائه بلا قيود ويفحط بها في الشوارع، وهو حلم ظل يراوده منذ كان صغيراً وأراد تحقيق هذا الحلم بالرغم من أنه لم يبلغ السن القانونية لامتلاك رخصة القيادة، ولكن كعادته يريد أن يجد طريقاً يختصر عليه انتظارالسنة القادمة ليمتلك رخصة بلا عناء، وعندما أخبر أصدقاءه، أعطاه أحد أصدقاء السوء رقم جوال (س,ر) الذي يمكن أن يسهل له هذه المهمة، وبالفعل اتصل (ف.أ) برقم (س.ر) وأبلغه بأنه يريد رخصة قيادة على وجه السرعة، فطلب (س.ر) منه 5 آلاف درهم، وحاول (ف.أ) تخفيض المبلغ، لكن (س.ر) رفض قائلاً إن هنالك موظفاً حكومياً يساعده أيضاً ويجب تسليمه جزءاً من المبلغ المالي، فلا يمكن تخفيضه، واضطر(ف.أ) إلى جمع المبلغ المالي، وقام بتسليمه للوسيط (س.ر) وطلب منه أن يلتقي الموظف (ن.م) عند الساعة الثامنة صباحاً لينجز له المهمة، وفي اليوم التالي ذهب ( ف.أ) إلى المكتب وسأل في الاستقبال عن (ن.م)، وبعد عشر دقائق جاءه وطلب منه الأوراق الثبوتية وأخبره بأنه لن يحتاج إلى الفحص الفني وعليه أن يحضر الأسبوع القادم لإجراء امتحان النزول إلى الشارع، وبعد مرور الأسبوع حضر (ف.أ) إلى المكتب ولم يجد (ن. م) الذي تأخر عن موعده فلم ينتظره وذهب إلى أحد موظفي إدخال البيانات وأخبره أن لديه موعداً في ذلك اليوم لامتحان النزول إلى الشارع وراجع الموظف الكمبيوتر فكانت المفاجأة أن (ف.أ) الذي يقف أمامه قد نجح بالفعل في الامتحان، فظن في البداية أن هنالك تشابهاً في الأسماء، ولما راجع الاسم مرة أخرى تأكدت له المعلومة، فذهب إلى المشرف ليحتج على هذه الطريقة التي نجح بها (ف.أ)، وفي هذه الأثناء جاء (ن.م) وسأله موظف إدخال البيانات عن إجرائه الامتحان، فأخبره بأنه أجرى امتحان (ف.أ) بالفعل، لكن الشكوك ظلت تراود موظف إدخال البيانات، وطلب من موظف آخر إعادة الامتحان للمتقدم (ف.أ) وعندها ظهرت الحقائق بعد أن اشتكي موظف إدخال البيانات لدى الإدارة التي بدورها بدأت تحقيقاً في الأمر وتكشّف لها أن هنالك عملية تزوير في الأوراق الرسمية وإدخال بيانات كاذبة، فتم إيقاف الموظف (ن.م) عن العمل لحين انتهاء التحقيق. وبدأت الأحلام تنطفئ عند (ف.أ) الذي كان همه الحصول على الرخصة بلا معاناة ليمتطي السيارة الفارهة التي تنتظره ويفحط بها كما كان يريد، وانتبه أخيراً إلى أن الإنسان إذا لم يكدّ ويتعب لن ينال مناياه، ومن تبع طريق الكذب والخداع فإن مصيره مظلم وسيقع لا محالة في كارثه. وتم فتح بلاغ جنائي ضد (ف.أ) باعتباره الراشي، كما تم فتح بلاغ جنائي ضد (ن.م) باعتباره المرتشي، وألقي القبض على (س.ر) باعتباره الوسيط الذي دلّ المتهم الأول على المتهم الثاني، وأحالت النيابة العامة المتهمين الثلاثة إلى محكمة الجنايات بتهمة طلب الموظف العام رشوة لأداء عمل إخلالاً بواجبات وظيفته، والتزوير في مستند إلكتروني رسمي معترف به قانوناً في نظام معلوماتي، وجناية المشاركة الإجرامية في طلب رشوة من موظف عام، وجناية التوسط لدى الراشي والمرتشي في طلب الموظف العام رشوة لأداء عمل إخلالاً بواجبات وظيفته، وطالبت النيابة العامة بمعاقبتهم طبقاً لمواد الاتهام مع تشديد العقوبة.

مشاركة :