لا تكاد تصدق أنك في العاصمة الرياض حين تمر بشارع السبالة أو تدخل حي العود ومنفوحة! وقد فوجئت مؤخرًا بخبر عن بلوغ عدد الأحياء العشوائية إلى 150 حيًّا في المنطقة الغربية وحدها، منها 70 حيًّا في مكة المكرمة، و60 حيًّا في جدة، و20 حيًّا عشوائيًّا في الطائف، ويقطن بها في جدة فقط أكثر من مليون نسمة! وتتسم بانعدام المرافق العامة والخدمات، ومتهالكة عمرانيًّا، وأزقتها مغلقة وغير نافذة! وهذه الأحياء العشوائية بكثافتها السكانية وفوضوية قاطنيها لا تعكس مطلقًا المكانة الحضارية للمملكة! كما أنها بوضعها الحالي تشكّل خطرًا كبيرًا على المجتمع، وتخلق أنماطًا سلوكية سلبية لسكانها؛ إذ تكون بيئة خصبة لتوليد الجريمة، وتجمعًا لبؤر المجرمين، ومكانًا لاختباء مخالفي نظام الإقامة والعمل، وتكدسًا للفارين من العدالة؛ لأنها خارجة عن منظومة الخدمات، وبعيدة عن الرقابة؛ ما يستدعي ضرورة إيجاد الحلول لتنميتها، وسرعة تطويرها، الذي بدوره سيخلق تنمية كبيرة على المستويات الأمنية والاقتصادية والتعليمية والصحية، وإعادة تشكيل مجتمعها؛ ليصبح أكثر تحضرًا واستقرارًا وصلاحية لتربية الأسرة. ولن يتسنى ذلك إلا من خلال البحث والتحليل العلمي لوضعها الراهن اجتماعيًّا واقتصاديًّا وبيئيًّا، واستحداث مؤشرات قياس تطوير العشوائيات، وتحديدها طبقًا للمسح الجغرافي، والاطلاع على كامل الدراسات السابقة والخطط المحلية والعالمية في التعامل مع السكان، والرفع من مستواهم ووعيهم، وإقناعهم بتحسين وضعهم، وعدم الاصطدام مع بعض ملاك المساكن المقاومين للتطوير في تلك الأحياء. وعلى جانب آخر، ينبغي مشاركة القطاع الخاص بتأهيل وتشغيل العمالة، وتصحيح أوضاعها، وإبعاد المخالفين عن الأحياء العشوائية ولو بالتدخل الأمني، ومن ثم نزع ملكياتها، وهدم المباني القائمة والآيلة للسقوط والمهجورة والمهدمة؛ وبالتالي طرحها على المستثمرين لتطويرها وتزويدها بجميع الخدمات التعليمية والمراكز الصحية والطرق الواسعة، وإنشاء مراكز تجارية جديدة لزيادة الحركة الاقتصادية فيها؛ ما سيعكس واجهة المملكة الحضارية والاقتصادية، وسيساهم في خلق بيئة مناسبة للأسرة والنشء الذي سيتمكن من العيش بمكان آمن وصحي بعيدًا عن مشاعر القهر وأحاسيس الغيرة بالمقارنة بينه وبين سكان الأحياء الراقية، وهو ما يليق ببلدنا وبشعبه المخلص.
مشاركة :