بدأت الأحزاب الإسلامية الجزائرية برص صفوفها، سواء بالاندماج أو التحالف، قبل الانتخابات التشريعية المقررة في أبريل، على أمل استرجاع موقع سياسي، استمر في التراجع خلال الأعوام الماضية. ويشهد التيار الإسلامي بالجزائر تفككا جزَّأه إلى عدة تشكيلات غير قادرة على فرض أفكارها في النقاش السياسي، وأضعفتها الصراعات الداخلية. وبحسب المحلل السياسي رشيد قرين، فإن التيار الإسلامي «تعرض للتفكيك كما حدث للتيار الديمقراطي»، منذ وصول الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة للحكم في 1999. وخلال الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2012، كان الإسلاميون ينتظرون فوزا كبيرا كما حدث في دول ما سمي «الربيع العربي»، إلا أنهم تعرضوا لأكبر هزيمة لهم منذ أول انتخابات تعددية في 1990. ويأمل الإسلاميون بأن يحسنوا نتائجهم بمناسبة الانتخابات التشريعية المقررة في أبريل، التي تجري في ظروف اقتصادية صعبة جراء تراجع دخول البلاد بسبب انهيار أسعار النفط. وتوقع قرين أن «يحقق الإسلاميون إحدى المراتب الـ3 الأولى، إذا تحالفوا، وكانت الانتخابات المقبلة نزيهة». أما رشيد تلمساني، المحلل السياسي، فرأى عكس ذلك، معتبرا أن التيار الإسلامي الذي يعاني «الضعف»، سيجمع أصواته «حتما» لكنه لن يحقق أكثر من «حصته الصغيرة». في ديسمبر، أعلنت 3 أحزاب إسلامية «تحالفا استراتيجيا»، استعدادا للانتخابات التشريعية في مرحلة أولى، قبل الاندماج التام في نهاية السنة. ويتعلق الأمر بحركة البناء وجبهة العدالة والتنمية التي يرأسها عبدالله جاب الله وحركة النهضة، التي أسسها الأخير في سنوات 1990، قبل أن ينفصل عنها بسبب صراعات الزعامة. من جانب آخر، أعلنت حركة التغيير اندماجها مع حركة مجتمع السلم، علما أن أغلب قيادات التغيير من كوادر حركة مجتمع السلم، وقد انفصلوا عنها سابقا. وصرح عبدالله جاب الله لوكالة فرنس برس، أن «الوحدة أصبحت حتمية»، موضحا أن التقارب بين حزبه والأحزاب الأخرى أعمق من مجرد اتفاقات انتخابية. وقال: «سنلتقي حركة مجتمع السلم قريبا لدراسة ما يمكن القيام به سويا». وبحسب مراقبين فإن هذا الاجتماع يمكن أن ينتج عنه تحالف انتخابي. وبالنسبة لعبدالرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي، فإن «هناك تطورا مهما داخل هذا التيار السياسي، للخروج من التفتت». وبحسبه، فإن الهدف هو تقليص عدد الأحزاب السياسية الإسلامية من 6 حاليا إلى 2 فقط. وأوضح مقري أن الاندماج بين حزبه وجبهة التغيير كان موضع مشاورات منذ 3 سنين، «وليس مرتبطا بموعد الانتخابات التشريعية، رغم أنها أسهمت في تسريع وتيرة الوحدة». ورأى تلمساني أن قادة التيار الإسلامي «أدركوا أن الإسلامي السياسي، بمختلف توجهاته، تراجع كثيرا، فهم لا ينتظرون فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية، لذلك يحاولون التجمع لتشكيل قوة مشتركة». اتفق كل الإسلاميين على المشاركة في الانتخابات، على عكس قرار المقاطعة الذي اتخذه حزب طلائع الحريات، الذي يرأسه علي بن فليس منافس بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية سنة 2014. وعزا مقري هذا الخيار إلى رفض «اللجوء إلى الشارع (التظاهر) في الوقت الحالي، لأننا نريد الحفاظ على الاستقرار والأمن في البلاد».;
مشاركة :