طالب قانونيون بوضع إستراتيجية تدريبية للكوادر التي تتصدى لضبط العديد من القضايا الجنائية، لتنفيذ «الإجراءات الجنائية» بشكلها القانوني السليم، لافتين إلى أن ذلك سيساعد على تلافي العديد من الأخطاء التي تحدث اثناء الضبط وتسبب في براءة العديد من المتهمين، ويسهم في تحقيق العدالة الناجزة وقالوا في استطلاع رأي أجرته «العرب» إن الخطأ في تطبيق إجراء واحد فقط في قانون الإجراءات الجنائية يبطل الإجراءات التي تليه حتى وإن كانت صحيحة تماما، الأمر الذي يترتب عليه براءة الكثير من المتهمين خاصة في قضايا المخدرات. وأوضحوا أن الأخطاء الأكثر شيوعا تظهر في مرحلة جمع الاستدلالات، خاصة فيما يتعلق بالضبط والتفتيش، وذلك بسبب عدم إلمام بعض رجال الضبط بقانون الإجراءات الجنائية. وطالبوا بأهمية تدريب الكوادر المتخصصة على تدارك الأخطار المكررة، حتى لا يفلت أي متهم من العقوبة. كلداري: يجب التدريب على الإجراءات القانونية قال المحامي فهد كلداري عضو مجلس إدارة جمعية المحامين: إن مرحلة جمع الاستدلالات من أهم مراحل الدعوى، وتبدأ هذه المرحلة عند اكتشاف الجريمة وصولا إلى إحالة الدعوى للمحكمة، أي أنها أولى خطوات الإجراءات الجنائية، ومن ثم فهي مرحلة دقيقة تنطوي على أهمية قصوى بالنسبة لحقوق المتهم المختلفة، وفيها تتم كل الإجراءات التي تهدف إلى كشف غموض الجريمة وجمع الأدلة التي تقدم بعد ذلك للمحكمة. وأضاف، كما هو معلوم فإن القاضي الجنائي مقيد بالأدلة المقدمة له ولا يجوز له أن يحكم بعلمه الشخصي، ما يوضح أن نتائج هذه المرحلة يكون لها أثر مباشر في الحكم بإدانة أو براءة المتهم في مرحلة المحاكمة، فالناحية الإجرائية للقانون الجنائي هي التي تحرك الناحية الموضوعية من حالة الجمود إلى مرحلة التنفيذ الفعلي. وأردف كلداري، تعتبر مرحلة جمع الاستدلالات تمهيدا للدعوى الجنائية، وذلك بتجميع العناصر والأدلة المادية التي تثبت وقوع الفعل الإجرامي، وعمل التحريات اللازمة عن مرتكبه كي تستطيع النيابة العامة توجيه تحقيقها بالشكل الذي يصل بها إلى الحقيقة. وأكد أنه نظرا لأهمية مرحلة جمع الاستدلالات، خصص المشرع القطري لها الباب الثاني من الكتاب الأول في قانون الإجراءات الجنائية، وأوجب القانون على مأمور الضبط القضائي إثبات جميع الإجراءات التي يقوم بها في محاضر موقع عليها منه، يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها، ويجب أن تشتمل أيضا على توقيع الشهود والخبراء الذين سمعوا، وإرسالها للنيابة العامة المختصة مع الأوراق والأشياء المضبوطة (المادة 31/2،3). ونوه المحامي فهد كلداري بضرورة أن يتوافر لدى رجال الضبط القضائي الإلمام الكافي بقانون الإجراءات الجنائية وإلا لن يؤدوا عملهم على الوجه الصحيح خاصة فيما يتعلق بإجراءات القبض والتفتيش وأخذ أقوال المتهم لأن حدوث خلل في أحد الإجراءات قد يترتب عليه بطلان كافة الإجراءات التالية ويؤدي في النهاية إلى إفلات مجرم من العقاب، كما قد يؤدي إلى العكس والزج ببريء في غياهب السجون نتيجة خطأ في أحد الإجراءات. وتابع: ولتلافي هذه الأخطاء التي تقع في كثير من الأحيان ينبغي تنظيم برامج تدريبية تساهم في التثقيف والتدريب والتوعية بقانون الإجراءات الجنائية، حتى لا تتكرر الأخطاء مرة أخرى وتحقيق العدالة الناجزة. البدر: توجد ضوابط محددة لإصدار أمر القبض والتفتيش قال المحامي محمد خلف البدر: إن الشرعية مصدرها الأحكام والنصوص التي تستند إليها، ولأنه «لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص من الشريعة أو القانون، فجزاء مخالفة تلك الأحكام والنصوص هو البطلان للأحكام المنزلة بدون مراعاتها». وأضاف يعد أخطر الإجراءات تلك التي تتعلق بالحرية الشخصية والحرمات كإجراءات القبض والتفتيش للأفراد ومساكنهم إذا ما وقع دون مقتضى، وقد كفل حمايتها المشرع القطري بالنص عليها في الدستور، فلم يجز القبض والتفتيش إلا وفقا لأحكام القانون المنصوص عليها فيها. وتابع البدر: نص المشرع في قانون الإجراءات الجنائية على حالات يجوز ويصح فيها إجراء القبض والتفتيش، فقد أجاز القانون في المادة (47) التفتيش في كل حالة يجوز فيها القبض، لكن المشرع لم يترك إجراء القبض والتفتيش مطلقاً بيد من خولهم ومنحهم ذلك إلا بأحوال وشروط وضوابط، فلم تجز المادة (40) لمأمور الضبط القضائي القبض إلا بإذن من النيابة العامة واستثنى من ذلك حالات التلبس بجريمة حال ارتكابها وبينها على سبيل الحصر لا القياس والمثال، ولم يطلق بالمادة (42) للنيابة العامة إصدار أمر القبض والتفتيش إلا بشروط وضوابط إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو شروع فيها أو جنحة سرقة أو احتيال أو مقاومة السلطة بالقوة أو العنف وبمناسبة وقوعها أجاز لها إجابة إصدار أمر القبض والتفتيش. فاروق: ما بني على باطل فهو باطل قال الخبير القانوني حسن فاروق، يوجد في قانون الإجراءات الجنائية قاعدة عامة وهي «ما بني على باطل فهو باطل»، حيث إن أي إجراء خاطئ يجعل جميع الإجراءات التي تليه باطلة حتى ولو كانت صحيحة تمام. وأوضح أن العديد من القضايا يفلت منها المتهمون من العقاب بسبب خطأ واحد في جمع الأدلة أو التحقيقات أو المحاكمة، وهو ما يتطلب مزيدا من الحرص والدقة من قبل الجهات المعنية حتى يأخذ كل ذي حق حقه، وذكر بأن قضايا المخدرات تمثل النصيب الأكبر في الأخطاء الإجرائية. وأشار إلى أن قانون الإجراءات الجنائية رقم 23/2004 قد وضح بالفعل جميع الآليات بدءا من مرحلة جمع الاستدلال، وبشكل ناف للجهالة، مرورا بسلطة الضبط القضائي، كما شرح مدد انقضاء الدعوى الجنائية وآلية الادعاء المدني أمام المحاكم الجنائية. وأوضح فاروق أن مأموري الضبط القضائي مستمدون قوتهم من القانون وهم رجال الشرطة والنيابة والقضاء، مؤكدا أن موظفي الوزارات يستمدون قوتهم من قرار النائب العام، مضيفا أن المخول بتنفيذ قانون الإجراءات هم مأمورو الضبط القضائي التابعون للشرطة أو النيابة أما موظفو الوزارات فيحكمهم إجراءات خاصة بعملهم ويختلف من وزارة لوزارة أخرى ثم يقوم في حالة اكتشاف أخطاء بعمل محضر والاتصال بالشرطة أو تحويله للنيابة العامة لاستكمال التحقيقات. وأكد أن موظفي الوزارات لا يستطيعون القبض على مخالف لأن سلطتهم لا تسمح بذلك ولكن يحررون محضرا والاتصال بالشرطة في حالة التلبس لإنهاء الإجراءات وفقا للقانون، مؤكدا أن الموظفين لديهم أيضاً أخطاء فادحة في عملهم تؤدي لضياع الحقوق وذلك ناتج عن عدم دراية بالقانون والإجراءات القانونية.;
مشاركة :