«كثير من البيوت أُغلقت من جراء هجرة الأعمال الدرامية للتصوير خارج الكويت، هرباً من اشتراطات جهاز الرقابة»! إنه المخرج المعروف محمد دحام الشمري، يشكو مما «نجم عن خروج الكثيرين من صنّاع الدراما الكويتية إلى بلدان مجاورة، لتصوير أعمالهم خارج الحدود، فراراً من شروط (الرقابة) على المصنفات التي تصل إلى حد رفض الكثير من الأعمال»، ومنحياً «على هذه الظاهرة بالمسؤولية عن انقطاع أرزاق الكثير من الأسر التي يرتبط عمل عائليها بصناعة الدراما المهاجرة»! «الراي» تحاورت مع دحام الشمري، الذي دعا إلى «ضرورة البدء في حوار شفاف بين الرقيب وصنّاع الدراما، للتفاهم على أُطُر جديدة للعمل الدرامي»، معوِّلاً على «تفاؤل الفنانين والمخرجين والمنتجين، مصحوباً بالإصرار على طرح أعمال درامية رفيعة المستوى هذا العام، تفوق ما قُدِّم العام الماضي»، ولافتاً إلى «حالة من الانفتاح الذي تشهده السوق الفنية الآن، ما سيُسهم في عودة عجلة الإنتاج من جديد»! وتطرّق الشمري إلى انتقال مسؤولية إخرج مسلسل «اليوم الأسود» إلى المخرج أحمد المقلة، موضحاً أنه كان من المفترض أن يتولى إخراجه العام الماضي، وكانت الظروف مناسبة، أما هذا العام فأصبح لديه أكثر من مشروع درامي، ومشدداً على عدم وجود أي خلاف بينه وبين المؤلف فهد العليوة أو المنتج عامر صبَّاح، وأنه لا يمانع في التعاون معهما في المستقبل. تفاصيل هذه الموضوعات وغيرِها تأتي في هذه السطور: • في البداية، لماذا تخليت عن إخراج «اليوم الأسود»؟ - في العام الماضي كانت الأجواء مناسبة عندما قُدم لي هذا النص، لكنني أصبح لديّ الآن أكثر من مشروع أعكف على العمل فيها جميعاً، وفي النهاية تبقى المسألة مسألة نصيب وظروف لا أكثر ولا أقل. • لكنك - كما نعلم - سبق أن فصلتَ شخصيات هذا المسلسل مع المؤلف، وكل شيء كان مرتباً تقريباً؟ - أنا انتهيتُ من تصوير «صوف تحت حرير»، ولدينا الآن مسلسل جديد يحمل اسم «كحل أسود قلب أبيض»، وعملية التوقيت قد لا تساعد في ظل هذه المشاريع الدرامية التي أعمل فيها. • هل هذا يمنع التعاون مع الكاتب فهد العليوة أو المنتج عامر صبّاح في المستقبل؟ - إطلاقاً، فهد العليوة يظل صديقاً، وهو كاتب متميز والتعاون معه مستمر، وكذلك مع المنتج عامر صبّاح، ولكن ليس هذا العام، وليس لي ذنب في هذا الأمر، فالظروف هي التي تغيرت. • ماذا تقصد بالظروف؟ - حدث انفتاح في السوق بشكل أكبر، وأتوقع أن تكون الأعمال الفنية أكثر هذا العام، وستحظى باهتمام ومهنية أعمق، لا سيما بعدما شهدت السوق في العام المنصرم أعمالاً تفتقر إلى الرصانة والعمق، في حين رُفضت أعمال بالجُملة من قِبل لجنة إجازة النصوص كانت قوية. • هل تشعر بأن هناك تغيرات حقيقية في هذا الاتجاه؟ - أعتقد ذلك بالفعل، لأن هناك عملاً يجمع بين المؤلفة هبة حمادة والفنانة سعاد عبدالله، وهو عمل متميز ويحمل الكثير من التفاصيل المهمة، ولذلك أعتقد أن «الرقابة» ستنظر إلى مثل هذه الأمور بشكل إيجابي أكثر. • هذا يعني أن صناعة الدراما وتراجعها في العام الماضي وما سبقه كان بسبب النصوص؟ - هذا أمر مؤكد، وكم تمنيتُ أن يكون هناك حوار بيننا (نحن صنّاع الدراما) وبين القائمين على لجنة إجازة النصوص، حيث يهمنا أيضاً ألا يُساء لأحد، وألا تكون هناك معلومات غير واضحة، أو تُفسَّر بعض الأحداث في غير محلها، وكان ذلك يحدث أثناء تصوير مسلسل «ساهر الليل»، والذي كان يتناول قضايا أكثر حساسية من نظيرتها المثارة في الأعمال التي يتم رفضها، فقد تحتاج بعض الأعمال إلى تعديل أو حذف بعض المشاهد، بدلاً من رفضها الكامل. المؤسف في هذا الأمر هو أنه أسهم في تصوير أعمال خارج الكويت، وهذا الأمر يؤثر بالتبعية في قوة الصناعة واستمرار وجودها، فهناك بيوت أغلقت وأُسر عانت بسبب هجرة الدراما إلى خارج الحدود، قاصدة بلداناً مجاورة للتصوير هناك، ولا بد أن يدرك من بيدهم القرار أن هناك مؤسساتٍ أكاديمية تقدم في كل عام كوكبة من الاختصاصيين، ليس فقط في التمثيل، ولكن كوادر بشرية في كل المجالات التي لها دور في هذه الصناعة من فنيين ومصورين، ولا أخفي عليك أن بعض الشركات المتخصصة في تأجير المعدات أُغلقت، وغير ذلك من المشكلات التي يعانيها الوسط الفني بسبب انتقال عملية التصوير إلى الخارج، ولذلك لا بد من النظر بموضوعية شديدة إلى هذه القضية، والعمل على وجود حوار حقيقي بين القائمين على هذه الصناعة والمؤسسات المعنية، لأن المنع والرفض يزيدان الأمور تعقيداً. • لكن، هل أنت متفائل بما سيقدم في الدراما الموسم المقبل؟ - نعم متفائل جداً، لأن هناك إصراراً من المنتجين والمخرجين والفنانين على تقديم أعمال مختلفة بعد ردود الفعل التي برزت العام الماضي، بل هناك اهتمام من سعاد عبدالله وحياة الفهد بأن تكون هناك رؤية درامية عميقة تواكب تطوّر هذه الصناعة من أجل أن تستمر الكويت في الريادة. • من يشارك معك في مسلسل «كُحل أسود قلب أبيض»؟ - هناك كوكبة من الفنانين من بينهم عبدالمحسن النمر، جاسم النبهان، أمل العوضي، هبة الدري، ليلى السلمان وعبدالله السيف. • ماذا يحمل هذا العمل من قضايا؟ - هذا المسلسل يتحدث عن حقبة زمنية تمتد من الخمسينات وحتى بداية السبعينات، يتناول فيها بعض الشرائح الاجتماعية وتفاصيل الحياة آنذاك، كما يرصد العمل علاقة التجار الكويتيين بالهند، وكذلك بداية ظهور النفط، وعلاقتنا مع الإنكليز، إلى جانب كثير من الموضوعات المشوقة، ونحن نراهن على هذا المسلسل في خوض المنافسة الدرامية في شهر رمضان المقبل، وهو أول عمل درامي تقوم بتأليفه الكاتبة منى الشمري.
مشاركة :