استدعى الوالي التجار المسيحيين، وسألهم السؤال ذاته عن العنزة ذاتها، بابا تجار مسيحيين. هازه شنو؟ صخل اسطنبولي لو حصان تركي؟ فسارع هؤلاء بذكائهم إلى القول باشا هذا حصان تركي أصيل. العربإبراهيم الجبين [نُشرفي2017/01/20، العدد: 10518، ص(24)] تجود علينا القراءة في الورق القديم، بكل ثمين، ينقلها البعض بروعته وإبهاره، وقد قرأت في تلك الأوراق أنهم، أيام العثمانيين، عيّنوا على بغداد والياً فاسداً. وكان ضرع دار السلام قد جفّ من كثرة النهب، كما هذه الأيام، لكن الوالي الجديد لم يكن يريد أن يصدق أن عاصمة الخلافة العباسية وقلب العراق، لم تعد فيها أموال ولا ذهب ولا من يحزنون. استدعى الوالي الخازندار، واستفسر منه عن حال بيت المال، فقال الخازندار “باشا. ولا مجيدي”. والمجيدي كما هو معلوم، عملة عثمانية، فتعجب الباشا. وبعد فترة، كرّر السؤال، فجاءه الجواب “باشا. ولا قمري” والقمري كما هو معلوم أيضاً، من أجزاء الليرة العثمانية. فزاد تعجب الباشا. فصرخ غاضباً: أين الضرائب؟ فرد الخازندار: باشا. لا توجد أرزاق لتكون هناك عليها ضرائب. لكن الوالي كان داهية مجبولاً بالمكر. أمر قائد الشرطة أن يحضر له التجار المسلمين، وحين جاءوا صفق الباشا بيده فجاء الخادم وهو يجر عنزة، حتى أوصلها إلى جوار الوالي الذي أخذ يمسح على ظهرها، قائلاً “بابا تجار مسلمين. هازه شنو؟ صخل اسطنبولي لو حصان تركي؟”. فقالوا “هذا صخل اسطنبولي” فقال الباشا “أنا يقول هذا حصان تركي”. فقالوا “لا يا مولانا هذا صخل اسطنبولي”. فقطب الوالي حاجبيه وقال “يعني أنا حمار موش يفتهم؟ يا سياف اقطع رؤوس تجار مسلمين”. فجاء السياف وأخذ التجار يتراكضون في أنحاء المجلس. وتوسّل المفتي إلى الوالي كي يعفو عن التجار، فقال الوالي “نعفو عنهم مقابل خمسين ليرة ذهب عن كل واحد”. بعد فترة، استدعى الوالي التجار المسيحيين، وسألهم السؤال ذاته عن العنزة ذاتها، "بابا تجار مسيحيين. هازه شنو؟ صخل اسطنبولي لو حصان تركي؟” فسارع هؤلاء بذكائهم إلى القول “باشا هذا حصان تركي أصيل”. فقال الوالي “أنا يقول هذا صخل اسطنبولي” فظنوا أنه يختبرهم، فقالوا بصوت واحد “لا مولانا. هذا حصان تركي أصيل أباً عن جد”. فقال الوالي “يعني أنا حمار ما يفتهم؟ جلاد اقطع رؤوس تجار مسيحيين” فوقعوا أرضاً من الرعب. وتدخل المطران بالتوسلات. فقرر الوالي العفو عنهم مقابل خمسين ليرة ذهبية عن كل تاجر. وبعد أيام نادى المنادي على التجار اليهود، كما يروي الأستاذ عبدالكريم الحسيني الذي أرّخ ببراعة لبغداد العثمانية، فتداول التجار اليهود الأمر فيما بينهم، الوالي لا يرضى بأيّ من الجوابين. وحين حان الوقت، دخلوا على الباشا الذي قال “بابا تجار يهود. هازه شنو؟ صخل اسطنبولي لو حصان تركي؟” فقال شهبندر التجار اليهود “باشا هذا لا صخل ولا حصان. هذا غضب نزل علينا من رب العالمين، هاي جامعيلك كل واحد خمسين ليرة ذهب خذها وخلينا نولّي”. في هذا اليوم تحديدا، سيكون أوباما خارج البيت الأبيض، وسيجلس على كرسي الرئاسة الأميركية الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي سيطرح على العرب من خلف حاجبيه الأشقرين الكثيفين، صباح اليوم التالي، سؤال والي بغداد ذاته "بابا هازه شنو؟". إبراهيم الجبين :: مقالات أخرى لـ إبراهيم الجبين سؤال اليوم, 2017/01/20 رفسنجاني مرشد للإصلاحيين عرف كيف يدافع عن بقاء النظام, 2017/01/14 رواه الأبشيهي , 2017/01/13 رفيق سبيعي أبو صياح يرحل دون أن يحل لغز شرم برم كعب الفنجان, 2017/01/07 عصر المفارقة, 2017/01/06 أرشيف الكاتب
مشاركة :