جمال عبدالرحيم يحفر في الذاكرة بالإزميل والفرشاة بقلم: زكي الصدير

  • 1/20/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

جمال عبدالرحيم يحفر في الذاكرة بالإزميل والفرشاة ضمن اشتغاله الفني الممتد لأكثر من ثلاثة عقود يعود الفنان البحريني جمال عبدالرحيم من خلال معرضه الأخير حفر في الذاكرة، الذي افتتح في صالة جمعية البحرين للفنون التشكيلية بالمنامة في يناير الجاري، محملا بحقيبتين فنيتين مكتنزتين بالنحت والطباعة المتمثلة في الرسم الكلاسيكي والحديث. العربزكي الصدير [نُشرفي2017/01/20، العدد: 10518، ص(17)] تجربة وتقنيات جديدة بذل التشكيلي البحريني جمال عبدالرحيم تجربته وحياته الفنية للنهل من عالمين فنيين قلما اجتمعا لدى فنان واحد، وهما النحت والطباعة، فهذان العالمان الساحران اللذان لا يزالان قادرين على خلق الدهشة العميقة لدى متلقي عوالمه، وهو الذي ما إن يخرج من مناخات عالم حتى يأخذ بأيدي جمهوره لفضاء اشتغالات أخرى في عالم فني آخر، مكتشفا زواياه التي لم تكن لترى النور إلا عبر إزميله وفرشاته، وهذا ما يؤكده الناقد العربي عيسى حنا في حديثه عن تجربة عبدالرحيم، حين كتب “جمال منهمك في اكتشاف العلاقة المركبة بين الفكرة والموضوع، محاولا أن يجد حلولا بصرية لسؤال الفن المعاصر بجميع تركيباته”. ويقدم جمال في تجربته الجديدة المعنونة بـ”حفر في الذاكرة”، التي تعرض حاليا في صالة جمعية البحرين للفنون التشكيلية 21 منحوتة و34 لوحة فنية، ليقارب من خلالها حالات التأمل الصوفي في عزلة الفنان إزاء صخب الكون الذي يتكاثر من حوله بالفوضى والدمار، وليؤسس هو (الفنان) العالم من جديد، ويعيد صياغته وبناءه وتركيبه وفق ما يراه، مستعينا أحيانا بعبارات النفّري في مواقفه ومخاطباته، وبالشاهنامة في طقوسها الغرائبية الأسطورية الشعرية، وأحيانا بمكونات حياتية يرسمها ضمن دوائر صوفية اختار لها بعض الطيور أو الحيوانات أو الوجوه البشرية المشهورة أو العابرة. وتبدو شخصيات جمال عبدالرحيم في “حفر في الذاكرة” مواربة خلف تهويمات الفوكس، أراد لها عبر تقنية الطباعة أن تكون متدارية في ظهورها، وظاهرة في خفائها، وكأنه يعلن عن إمكانية الموت في الحياة، والحياة في الموت، حتى تكعيبية بيكاسو في لوحته الشهيرة “المرأة الباكية”، التي تفترض إعادة تركيب الكون وفق ما يراه الفنان صهرها جمال عبدالرحيم في معرضه ليقدمها كما يراها هو في قالب مبتكر، محاولا أن يرصد العالم في ذاكرته المحفورة بأسئلته الخاصة ليطلقها من جديد كحالة كونية في فضاءات لا منتمية إلا للإنسان وحده. وفي مداخلة مع “العرب” حول تجربة “حفر في الذاكرة”، يرى الكاتب والروائي البحريني فريد رمضان أن جمال عبدالرحيم عوّدنا دائما على تقديم المفاجآت الفنية الكثيرة، المبهرة، المتجددة والعميقة من ناحية الموضوع أو من ناحية التقنيات المختلفة التي لا يكف عن تقديمها. ويوضح فريد أن هذا المعرض يقوم على اشتغال متجدد في مجال الحفر “فن الغرافيك” وفن النحت في الحجر بأنواعه العديدة، بالإضافة إلى استخدام البرونز في أعمال نحتية تأخذ العقل والروح. ويقول رمضان “في فن الحفر ‘الغرافيك’ نراه يقدم تقنيات جديدة، نراه وهو يجعل من اللوحة عملا فنيا من نسخة واحدة لا تعاد طباعتها، لأنه استخدم الريشة والألوان في ضربات تمزج الغرافيك بالتلوين اليدوي، أو في تحويل اللوحة إلى أبعاد ثنائية وثلاثية، ناهيك عن استخدام أكثر من صفيحة لإدخال أكثر من لون في أعمال حفر أخرى، وبراعته في الطباعة التقليدية التي تظهر اللون الأسود بدرجاته الفنية المختلفة، أما في مجال النحت على الرخام والأحجار المختلفة في مواضيع أليفة إليه ويتصل روحيا بها كالسمك والبومة والتفاحة والطيور والكتاب والجسد، أعمال تختلف في ضربة الإزميل بين التخشين والتنعيم والاشتغال على صقل المنحوتة إلى درجة باهرة”. ومن جانبه يقول جمال عبدالرحيم في حديثه لـ”العرب”، “الحفر في الذاكرة هو اختزال لتجربة 30 سنة في مجال الطباعة، والطباعة علم له تقنيته التي تتطوّر بشكل يومي سريع، ولا بدّ للفنان أن يكون جزءا منها، وفي هذا المعرض حاولت اختزال كل هذه الأعوام الطويلة من تجربتي وخبراتي المتراكمة، بالإضافة إلى تقديم أطياف من الأعمال التقليدية متجاورة مع الأعمال الجديدة التي قدّمتها”. ويضيف “مشروعي في الفن هو مشروع بحث وتقصٍ، فيجب ألا يقف عند نقطة بعينها، لأنني لا أبحث عن أسلوب، وإنما أبحث عن أسرار العلم والحرفة نفسها مبتكرا طرائق جديدة للتكوين، وعليه، لا بد أن تكون حذرا في عرض أعمالك، فبعد هذه التجارب الممتدة في عالم الطباعة والمعارض من المهم أن تنتقي أعمالك بعناية”. ويتابع الفنان عبدالرحيم مستكملا حديثه حول تجربة النحت في المعرض، قائلا “تجربة النحت جديدة بالنسبة إلي، فقد دخلتها منذ عشر سنوات تقريبا، وأعتبرها نوعا من أنواع التصوّف الدنيوي، فهي تعبّر عن علاقتي بالطبيعة، وبالحجر، خاصة أنني أميل كثيرا إلى الاشتغال على الحجر أكثر من البرونز، لأن البرونز يفترض فكرة مسبقة في الذهن يعكف الفنان على تنفيذها، بينما الحجر يقول لك إنني جميل، وهناك تحد بينك وبينه في العمل، فتعاملك معه هو تعامل مع جزء من الطبيعة، فتحاول اختزال الأشكال الموجودة نفسها، ثم تعيد صياغتها من جديد، مثل تجربة الانهيار التي تمثلت في الأحصنة، وفي منحوتة الديك التي أطلقت عليه ‘الجنرال’، ومنحوتات الطيور بأنواعها”. :: اقرأ أيضاً قصص تونسية أبطالها أسرى في مشفى للمجانين القصة القصيرة أسيرة جزيرة شبه مهجورة رواية أميركية عن الحزن والمنفى والهوية ثلاثة كتب عمانية بين النقد والبحث والرواية

مشاركة :