بدم بارد وبقلب وعقل مغيب وضمير تغطيه سحابات أدخنة الحشيش.. وكان الفعل الفضيحة والكاشف لوجه أقبح منه، وعذر سيئ جداً، (قتله وهو تحت تأثير الحشيش!!) هذا العذر لتغطية جريمة الرجل أم لتغطية جريمة نحر الأمان الاجتماعي ككل. بدم أكثر برودة وقف الناس يصورون الحدث وكأنهم يشاهدون مقطعاً من تصوير لفيلم إثارة (أكشن). لم يقرب أحد بل لم يلف أحد بسيارته أو حتى يطلق المنبه بقوة ليرعب القاتل. ولم يتصل أحد بشرطة أو إسعاف. الكل يرى ذلك ملهاة لا يجوز تركها، كم شعرت أنني أود أن أقول (تباً) لكل الموجودين، وألف تب. ألا يتمكن رجلان من تكتيف هذا المجرم قبل إتمام جريمته، الأكثر من ذلك أنهم يصورونه وهو يسير واثق الخطى مغادراً مكان جريمته ودم الضحية ينزف.. هذا الفعل وردة الفعل أشعرانا أننا نعيش في مجتمع سلبي، فلا عزيمة ولا نخوة، والشهامة بكل مشتقاتها ذهبت أدراج الرياح، كيف ذهبت لست أدري حقاً ولكن هناك مقدمات كبيرة انتهت لهذه النتائج، ليس منها فقط الحروب من حولنا وويلاتها، ولا تلك الأفلام المرعبة ولا الرعب بين أيدي الصغار.. وربما الخوف الذي عشش في النفوس (وانا ايش دخلني). دخلت ذات يوم على جارتي وإذا بحفيدها يلعب - نلاحظ يلعب!! - بألعاب إلكترونية كلها عنف، عندما نبهتها لخطورة ذلك، قالت تلك تحضرها له أمه وأحياناً أبوه.. رجف قلبي كثيراً، الأب مهندس كمبيوتر والأم لا تبتعد كثيراً عن هذا التخصص. شابان مثقفان المفروض يعرفان مبادئ التربية الصحيحة. ولنا أن نتصور أي جيل هذا الذي يشرب العنف صغيراً حتى يعتاده، ونقارن بين المفاهيم التي نعرفها من صون للطريق وحماية الجيران والفزعة، والشهامة تلك الأخلاق التي نعرفها، يسافر الرجال بعيداً وتبقى البيوت بحماية رجل أو اثنين من الحارة ويعودون وهم مطمئنين لمالهم وعرضهم وحياة صغارهم، أو الأسر الممتدة حيث تتوزع الأدوار ويبقى للبيوت حرمتها وللضعيف سند أياً كان.. أياً كان العذر لا ندري أهو عذر للجاني ورخص بدم القتيل (تحت تأثير الحشيش). هل المتواجدون كلهم كانوا تحت تأثير حشيش خاص وربما أفيون أحجموا عن إغاثة غريب فقير يذبح بيد محشش. بل وجدت من يريد أن يعتق رقبته باعتباره تحت تأثير الحشيش، نسوا أن هذا يدخل ضمن المفسدين في الأرض.. (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك.. (حتى الآية الكريمة). كما أن سلبية المتواجدين تخالف وصية نبينا محمد عليه الصلاة والسلام على حق الطريق ومن بينها إزاحة الأذى عن الطريق فأي أذى أكثر من قتل نفس بريئة.. لعل كل المتواجدين لم يعرفوا قانوناً بديهياً عرفناه قديماً(الكثرة تغلب الشجاعة) فما بالنا برجل واقع تحت تأثير المخدر.. أخيراً إن المسؤولية الاجتماعية تكاد تكون كشفت عن ذاتها في هذه الواقعة.. وهو أمر متشابك وشائك ومشين.
مشاركة :