رأينا قبل أيام الممثلة الأميركية ميريل ستريب كيف انتقدت دونالد ترامب بخصوص السخرية من مراسل صحفي معاق جسدياً، ورأينا جيم أكوستا مراسل CNN كيف واجه ترامب بمؤتمره الصحفي الأول، والكثير من النخب السياسية والثقافية اللي ما تصلنا صورهم أو أخبارهم بخصوص مواجهتهم لسياسة رئيس أميركا القادم، طبعاً ستريب كانت تشير بانتقادها إلى تصريحات ترامب أثناء الحشد الانتخابي في ولاية ساوث كارولينا في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عندما قلد ترامب ساخراً حركة يد صحفي نيويورك تايمز سيرغي كوفالسكي، المصاب باعوجاج المفاصل الخلقي المتعدد. إذاً هذا ما يحدث بالضبط في دولة تعتمد على المؤسسات مثل أميركا، لا أحب أن يفهم أنني أبالغ في رسم صورة وردية لأميركا، لكن اللي يظهر لنا أن أغلب الشخصيات المؤثرة في تلك المؤسسات باتت تعرب عن قلقها من دونالد ترامب، ومن تصريحاته العنصرية، وأثرها على المجتمع والأمة الأميركية. ما يصلنا أيضاً أن الموضوع بات يشكل قلقاً بالنسبة إليهم، ويبدو أن الجميع -نخب سياسية وثقافية- باتوا يتعرضون لتوارد الأفكار نفسها، ولكن على شكل هواجس من خطر سياسة إدارة ترامب بخصوص مواضيع مجتمعية متعددة، أهمها العنصرية والكراهية، طبعاً موضوع العنصرية قديم ومتجدد بالنسبة للأميركيين، لكن ربما جاء ترامب فأعاده للواجهة، ومن هنا نقول: "رب ضارة نافعة" بالنسبة للأميركيين. الشيء اللافت في الغرب عموماً وأميركا خصوصاً، لا يوجد شيء "يطمطم" عليه.. أو ماكو شيء "ينضم" بالمفهوم السائد عندنا. المصارحة والمكاشفة تجعلان كل شيء أمام أنظار الرأي العام، خذ على سبيل المثال: تلك الإحصائيات التي تتضمن أرقاماً مخيفة وبيانات صادمة عن حالات العنف الأسري، هم يضعونها أمام الرأي العام، والغاية هي من أجل اتباع منهجيات متطورة أو إيجاد وسائل مبتكرة أو طرق حديثة للوقوف على تلك الأرقام والبيانات، وليس من أجل التشهير بالناس أو التعرض لخصوصياتهم أو فضح أسرارهم، كما يحصل عندنا، طبعاً بالمناسبة ماكو مقارنة أو علاقة بين إحصائياتنا وإحصائياتهم. على أي حال، فالأميركان اليوم أمام منعطف جديد أو تحد حقيقي، بغض النظر إن عبّرت عنه شخصية هنا في تصريح، أو شخصية هناك في تلميح، كما حدث مع مراسل الـCNN، أو كما حدث مع الممثلة ستريب على سبيل المثال، وبالتأكيد سوف يصاحب هذا المنعطف أو التحدي جهد إعلامي يُوظف تلك الهواجس والمخاوف، عبر مؤسساتها الإعلامية (أفلام هوليوود مثلاً) والمراكز البحثية ودوائر صنع القرار للوصول للأفكار والآراء والقرارات؛ لذا سوف تشغلنا تلك المؤسسات الأميركية طوال هذه الفترة لحين التأكد من نيات ترامب، كما شغلتنا من قبل بخصوص وصول رجل أسود إلى البيت الأبيض، اللهم إلا إذا قطعها هو بحماقة يرتكبها، تجعل تلك النخب والمؤسسات تقف بالضد منه وإيقافه أو عرقلته، أو الحد من صلاحياته في أقل الحالات. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :