انطلقت أمس في مدينة سلا المغربية المجاورة للرباط العاصمة محاكمة متهمي أحداث مخيم «أكديم إزيك»، الواقع بضواحي مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء المغربية، التي جرت خلال شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2010. وشهدت المحاكمة في جلستها الثانية حضورا مكثفا لعائلات ضحايا هذه الأحداث، إلى جانب ممثلين عن كثير من جمعيات حقوق الإنسان ومنظمات غير حكومية ومنظمات مستقلة وطنية ودولية. وبعد تأكد المحكمة من هوية المتهمين، وعدم حضور أحد المتابعين، محمد الأيوبي، الذي يوجد في حالة إفراج مؤقت، بسبب وجوده بإحدى المصحات، حسب إفادة الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمدينة العيون، التمس ممثل النيابة العامة فصل قضيته عن ملف بقية المتهمين، إعمالا للفقرة الثانية من الفصل «452» من قانون المسطرة الجنائية المغربي. كما التمس ممثل الحق العام «تنبيه أحد دفاع المتهمين، وهو محام فرنسي بإرجاعه وثيقة كان قد سلمها لموكله من دون مراعاة واحترام الإجراءات القانونية المعمول بها، وأخذ إذن المحكمة». وجدد ممثل النيابة العامة التأكيد على إلزامية استعمال اللغة العربية للترافع أمام القضاء المغربي بحكم الاتفاقية القضائية الموقعة في هذا الإطار بين المغرب وفرنسا. يذكر أن أحداث «أكديم إزيك» خلفت 11 قتيلا بين صفوف قوات الأمن من ضمنهم عنصر في الوقاية المدنية، إضافة إلى 70 جريحا من بين أفراد هذه القوات و4 جرحى في صفوف المدنيين، كما خلفت الأحداث خسائر مادية كبيرة في المنشآت العمومية والممتلكات الخاصة. وكانت المحكمة العسكرية بالرباط أصدرت، في 17 فبراير (شباط) 2013، أحكاما تراوحت بين السجن المؤبد و20 سنة سجنا نافذا في حق المتهمين في الأحداث المرتبطة بتفكيك مخيم «أكديم إزيك»، بعد مؤاخذتهم من أجل تهم «تكوين عصابة إجرامية، والعنف في حق أفراد من القوات العمومية، الذي نتج عنه الموت مع نية إحداثه والمشاركة في ذلك». وكانت محكمة النقض قد أحالت ملف هؤلاء المتهمين إلى محكمة مدنية هي غرفة الجنايات الاستئنافية بملحقة محكمة الاستئناف في سلا، للبت فيه من جديد طبقا للقانون. وبموازاة انطلاق المحاكمة، نظمت خارج مقر المحكمة وقفة احتجاجية منددة بما ارتكبه المتهمون من قتل وتنكيل بالجثث. ويطالب المحتجون، وهم من عائلات الضحايا، بإنزال أقصى العقوبات على المتهمين. وقررت غرفة الجنايات الاستئنافية بملحقة محكمة الاستئناف بمدينة سلا، في جلسة سابقة إرجاء النظر في قضية المتهمين المدانين بالأحداث المرتبطة بتفكيك مخيم «أكديم إزيك» استجابة لطلب الدفاع حتى يتمكن من إعداد دفاعه، وإعادة استدعاء المتهم الأيوبي (إفراج مؤقت)، والبت في الطلب المتعلق بأحقية عائلات الضحايا في تنصيبها مطالبًا بالحق المدني. وشهدت جلسة المحاكمة نقاشا قويا بين دفاع المتهمين ودفاع عائلات الضحايا، بعد أن تقدموا بطلب تنصيبهم طرفا مدنيا، وهو ما لم يقبله دفاع المتهمين الذي طالب المحكمة باستبعادهم نظرا لعدم أحقيتهم في التنصيب لأنهم لم يكونوا طرفا في القضية في مراحلها الابتدائية أمام المحكمة العسكرية. وتميزت بداية الجلسة بإثارة المحامي الفرنسي جوزيف بريهام، من هيئة الدفاع عن المتهم النعمة الأصفاري، أحد المتورطين الرئيسيين في أحداث مخيم «أكديم إزيك»، ضجة كبيرة، هي ليست الأولى من نوعها، ذلك أن المحامي بريهام سبق له، خلال الجلسة الأولى التي التأمت يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن أصر على الحديث باللغة الفرنسية، الأمر الذي يخالف الاتفاقية القضائية بين المغرب وفرنسا. واحتج عدد من أعضاء هيئة دفاع الضحايا على سلوك هذا المحامي، وقال أحدهم مخاطبا إياه: «المغرب نال استقلاله منذ 1956، وعليك احترام هذه المهنة والمحكمة».
مشاركة :