تقول الحكومة البريطانية إن لديها خطة تحقق التوصل للاتفاق المناسب في ما يخص الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت). وتحدد هذه الخطة كيفية استغلال لحظة التغيير، لبناء اقتصاد أكثر قوة عن طريق إصلاح اقتصادي واجتماعي حقيقي. في المقابل، قال مراقبون أوروبيون إن رئيسة الحكومة، تيريزا ماي، تمارس حالياً سياسة ليّ الأذرع مع الأوروبيين. أوروبا تريد أن تفاوض بريطانيا، والأخيرة تصارع الزمن، وتخشى انتهاء مهلة السنتين للخروج من الاتحاد. ومن المتوقع أن تخرج بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة، ولن تكون عضواً في محكمة العدل الأوروبية، كما أنها تطالب باتفاق جمركي جديد مع الاتحاد، ووجهت رئيسة الوزراء تحذيراً للأوروبيين من محاولة معاقبة بلادها بسبب «بريكسيت». واختارت لندن خروجاً حازماً وقوياً، في وقت بات فيه معظم البريطانيين يفضلون السيطرة على الهجرة. ويلاحظ محللون التصلب في الموقف البريطاني، ويقولون إن ماي تهدد الأوروبيين، وهي تعيد إلى الأذهان صرامة «المرأة الحديدية» مارغريت تاتشر. ويبدي الكثير من الأوروبيين تشاؤماً كبيراً، ويرون أن الاتحاد الأوروبي في وضع صعب للغاية، وبات بين فكي كماشة، فهناك روسيا التي أعلنت عداءها بوضوح، وإدارة أميركية جديدة بقيادة رئيس يريد تفكيك الاتحاد، الذي عليه أيضاً مواجهة تداعيات خروج بريطانيا. إذاً فالتجمع الأوروبي يواجه تحديات تاريخية، الأمر الذي يتطلب رص الصفوف في ما بين الأوروبيين، إذا أرادوا البقاء في كيان واحد. من جهته، قال زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي في بريطانيا، نيك كليغ، إن موقف الحكومة المتناقض يعني أنها في طريقها إلى «تصادم مؤلم بالواقع». وأكد كليغ، الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء، أن بريطانيا مخطئة بسعيها للخروج من السوق الأوروبية الموحدة، مشيراً إلى أن الحكومة لاتزال في «شهر عسل»، وتوقع حدوث الأسوأ مستقبلاً. وأوضح المسؤول البريطاني أنه من المبكر الحكم على الأمور، وقال «ما سيحدث الآن في اعتقادي هو تصادم مؤلم، مع الواقع»، مضيفاً أن «التصادم سيحدث خلال التفاوض مع 27 دولة، و27 برلماناً أوروبياً، وأيضاً سيكون هناك تصادم مع تناقضات مواقف الحكومة نفسها». في المقابل، يرى مؤيدون أن الخروج لن يكون نهاية العالم، وهناك العديد من الفرص الحقيقية التي تلوح في الأفق بالتزامن مع تنفيذه. ويجب أن تدفع هذه الفرص بريطانيا إلى النظر إلى الأمور بمزيد من الثقة بقدرتها على تخطي العقبات الحالية. ويقول هؤلاء إن الخروج من اتحاد أوروبي «غير ناجح» إلى حد كبير، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية، يضع البريطانيين أمام فرصة جديدة يجب انتهازها. أما القادة الأوروبيون، فهم مصرون على ألا تنطلق المحادثات قبل تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، الخاصة بالخروج من الاتحاد رسمياً، ليبدأ العد التنازلي لمدة عامين، كي تترك بريطانيا الاتحاد بشكل نهائي. وحتى بعد أن وضعت تيريزا ماي خطة «بريكسيت» مع الكثير من التفاصيل، فإن الاتحاد الأوروبي لايزال مصراً على تفعيل المادة، لأن أوروبا تريد أن تفاوض بريطانيا، والأخيرة تصارع الزمن، وتخشى انتهاء مهلة السنتين.
مشاركة :