أوركسترا نسائية تحتفي بيوبيلها الفضي بطموحات كبيرة في مكتبها بمعهد قدور الصرارفي للموسيقى والرقص في شارع الحرية، القريب من الإذاعة الوطنية التونسية بحي لا فايات في العاصمة تونس، بدت الفنانة التونسية أمينة الصرارفي في غاية الانشراح والسعادة، ففي هذا العام تحتفي فرقة العازفات التي تشرف عليها بمرور ربع قرن على انبعاثها. العرب كان لها لقاء مع سليلة الفن التونسي الأصيل أمينة الصرارفي، التي تحدثت عن فرقتها ومصادر إلهامها وطموحاتها المستقبلية. العربحسونة المصباحي [نُشرفي2017/01/25، العدد: 10523، ص(16)] مسيرة ربع قرن من التجديد الموسيقي تعدّ فرقة “العازفات” التي تشرف عليها الفنانة التونسية أمينة الصرارفي أول فرقة موسيقية نسائية، لا في تونس فحسب، بل وفي العالم العربي أيضا، فمنذ البداية انجذب إليها الجمهور التونسي لما تميزت به هذه الفرقة من مهارة في الغناء والعزف على مختلف الآلات الموسيقية، التقليدية منها بالخصوص، ثم لم تلبث أن اتسعت شهرتها بعد أن قدمت عروضا في أوبرا القاهرة، وفي مهرجان جرش بالأردن، وفي مهرجان بير زيت بفلسطين، وفي مهرجان الموسيقى الأندلسية بالدار البيضاء وفي مهرجان الموسيقى العربية بالبحرين. أحيت فرقة العازفات التي تحتفي هذا العام بيوبيلها الفضي العديد من الحفلات الموسيقية في أكثر من عاصمة عالمية على غرار أمستردام، ونيويورك على هامش الدورة السنوية للأمم المتحدة، و”رويال أكاديمي” بلندن، وفي معهد العالم العربي بباريس، وفي المتحف الوطني بفيينا، وفي مسرح “المونيمونتال” بمدريد، وفي ستوكهولم وفي طوكيو وغيرها. أمينة الصرارفي هي نجلة الموسيقار التونسي الراحل قدور الصرارفي الذي لعب دورا أساسيا في تطوير الموسيقى التونسية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، فقد كان أول فنان تونسي يؤسس أوركسترا للفرجة، وفي الحفلات التي كان يقدمها، يحضر الغناء كما العزف والرقص، وكان الراحل يتقن العزف على الكمان، وبمساعدة السوري علي درويش الحلبي، أصبح مختصا في المقامات الشرقية. تقول أمينة الصرارفي “منذ البداية، اهتم بي والدي بعد أن اكتشف جمال صوتي وحبي للموسيقى، وهو الذي شجعني على الالتحاق بالمعهد الوطني للموسيقى، وبعد حصولي على ديبلوم في الموسيقى العربية، عملت أستاذة في المعاهد الثانوية، وفي عام 1980 التحقت بالإذاعة الوطنية لأشارك في العديد من البرامج الفنية الخاصة بالموسيقى التونسية”. وتستحضر الصرارفي تلك المرحلة، بقولها “لم ألبث أن أصبحت من أبرز وجوه فرقة الإذاعة التونسية بقيادة أستاذي عبدالحميد بن علجية، ولم يقتصر دوري في هذه الفرقة العريقة على الغناء فحسب، بل كنت أعزف على العود وعلى الكمان كذلك، وشيئا فشيئا بدأت تتبلور في ذهني فكرة بعث أوركسترا نسائية، وكان الصديق مختار الرصاع، مدير مهرجان المدينة، هو أول من شجعني على ذلك، وفي عام 1992 تحقق حلمي الكبير”. وتضيف “في البداية تركز اهتمامي على التنسيق بين كل العازفات اللاتي انتسبن إلى الفرقة، وجلهن متخرجات من المعهد الوطني للموسيقى، وقد ركزنا جهودنا على إحياء الأغاني التونسية التي اشتهر بها كبار الفنانين والفنانات من أمثال صليحة، ومصطفى الشرفي، والصادق ثريا، وعلي الرياحي، وصفيّة شامية والهادي الجويني وغيرهم، وفي الحفلات التي كنا نقدمها كنا نسعى دائما إلى أن نضيف إلى الأغاني القديمة ما يجعلها أكثر جمالا وعذوبة، وكان هدفنا ابتكار كتابة جديدة للموسيقى التونسية والعربية من خلال تحديث المدونة الكلاسيكية، وخلق نمط جدّي ينسجم مع الأجيال الشابة المنجذبة إلى الموسيقى الغربية، وهذا ما أكسبنا شهرة سريعة لدى الجمهور التونسي والعربي”. قدور الصرارفي كان أول فنان تونسي يؤسس أوركسترا للفرجة، وفي الحفلات التي كان يقدمها يحضر الغناء كما العزف والرقص عن الدور الذي لعبه زوجها الراحل الموسيقار فيصل القروي، تقول أمينة الصرارفي “تعرفت على فيصل القروي عام 1997، وفي تلك الفترة كنت منشغلة بتطوير الفرقة على مستوى الغناء والعزف، وكنت عازمة على ابتكار أساليب جديدة لتجنب التكرار والرتابة اللذين غالبا ما يكونان قاتلين للفرق الموسيقية والغنائية”. ومنذ البداية، تفاعل معها فيصل القروي ووجدت فيه خير معين وخير صديق، ورغم أنه كان عصاميا فإنه كان فنانا موهوبا، يتمتع ببراعة فائقة في العزف وفي توليد الأفكار الجديدة. تقول الصرارفي “لا أبالغ حين أقول إنه بفضل فيصل القروي اتسعت الآفاق أمام فرقة العازفات، فقد كان يسعى دائما إلى التجديد، وكان يفاجئنا دائما بأفكار تضفي على عملنا جمالية بديعة، تزيد في اتساع شهرتنا”. وبقيادته أعادت الفرقة ومن خلالها أمينة الصرارفي الحياة إلى أغان تونسية قديمة مثل “تحت الياسمينة في الليل” للهادي الجويني و”آه من العينين” لوالدها قدور الصرارفي، و”كي يضيق بك الدهر يا مزيانة” للصادق ثريا، كما لحن مقطوعات موسيقية خاصة للفرقة مثل “أمنية” و”أغنية فلسطين” و”إلى جميل” التي أهداها إلى صديقه الفنان المسرحي الراحل جميل الجودي، و”تونس وطن ومجد” للشاعر الراحل عبدالحميد خريف. وتضيف الصرارفي “برحيله، فقدت فرقة العازفات فنانا يتمتع بمواهب هائلة، نادرة في الأوساط الفنية التونسية، وما يواسيني هو أن ابني البالغ من العمر 14 عاما، أصبح عازف بيانو ممتازا، ومعنى هذا أن الفن يتجدد دائما في عائلتي، ودائما يظهر من هو قادر على حمل المشعل لمواصلة المشوار”. وعن مشاريعها المستقبلية تختم أمينة الصرارفي حوارها مع “العرب”، بقولها “المشاريع كثيرة ومتنوعة، وحبي للموسيقى يحرضني على مواصلة العمل بنفس الحماس الأول، واحتفاء بمرور ربع قرن على انبعاث فرقتنا، سنقدم خلال هذا العام حفلات في المهرجانات الوطنية الكبرى حتى نقنع الجمهور التونسي بأننا قادرون دائما على أن نأتي بما يمتعه، وبما يقنعه، وبأن فرقتنا هي صوت المرأة التونسية في العالم”. :: اقرأ أيضاً مئة شاعر عربي في معرض القاهرة الدولي للكتاب بطل مزيف يقتنص الفرص ليجالس جنود العدو الغرب يرسم صورة أخرى للمرأة العربية معرض فنون العرائس المصري يستحضر روح الليلة الكبيرة
مشاركة :