مضامين خطاب صاحب السمو - مقالات

  • 1/27/2017
  • 00:00
  • 56
  • 0
  • 0
news-picture

جاءت مضامين النطق السامي في افتتاح دور الانعقاد الحالي والسابق، واضحة ومحددة. ولعلي أشير إلى بعض ما احتوت عليه مما له أكثر من مغزى: أولاً - التنمية الحقيقية ليست مباني إنما هي تنمية معانٍ وقيم وثوابت نشأ عليها جيل الأجداد وتلقاها الآباء وسلموها للأبناء. وهنا لا بد من الإشارة ولو بطريقة موجزة إلى ضرورة التكامل في منظومة الاهتمام بالشباب، حيث إن الوزارات المعنية تعمل بنظام الجُزر المنفردة! فبرامج وزارة الشؤون من ناحية، والأوقاف من ناحية أخرى، والتربية من ناحية ثالثة، وهيئة الشباب من ناحية، بلا ترابط موضوعي علمي تخصصي يتناول مراحل تكوين شخصية الإنسان، فهذه البرامج تفتقر للتكامل الموضوعي بينها ما ينتج عنه خليط غير متجانس تربوياً وفكرياً. ثانياً - إدراك طبيعة المعوقات للمرحلة المقبلة: أشار سموه رعاه الله إلى أن هذه مسيرة الحياة وجود هذه المعوقات، ورغم كثرتها وتنوعها، إلا أننا لا نقف أو نتردد أو نتراجع حيالها بل نجعلها دافعاً لنا ومحفزاً لبذل المزيد من الجهد، من أجل تجاوزها بأقل قدر ممكن من السلبيات مع تحقيق أكبر قدر من الشفافية، وتطبيق القانون ومعايير قياس الأداء، ومعلوم أيضاً أن استشراء الفساد في مفاصل الدولة بكل صوره، مثل الرشوة والتحايل أو المحسوبية والبطالة، موجود مع وجود المجالس النيابية السابقة التي لم تستطع أن تعمل حياله شيئاً. وهنا نقول، لا بد أن تنتهي ثقافة الترضيات في مشاريع التنمية. وختام المسك أشار سموه حفظه الله ورعاه إلى أن من نعم الله علينا في الكويت تآلف القلوب واجتماعها خلف راعي نهضتها وقائد مسيرتها وصدق الله إذ يقول «وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ج لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ج إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (الأنفال 63). ثالثاً: الدول الغربية لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا بعد زمن طويل وصبر وكفاح وجد وعمل... وهذه حقيقة تاريخية، ويحدثنا التاريخ بأن حروباً طاحنة قامت بعد العصور الوسطى في أميركا وانكلترا وفرنسا وألمانيا وغيرها الكثير من الدول، من أجل الوصول إلى عتبات الحضارة التي رسمها العرب والمسلمون في ذلك الحين وتطلع إليها الغرب، وخاصة بعد فتح القسطنطينية، والتي اعتبرها المؤرخون نهاية الدولة البيزنطية وبداية عصر النهضة الأوروبية، حيث تعرف الأوروبيون على حضارة الإسلام من خلال الدولة العثمانية في ذلك الحين. رابعاً - تجنب الجدل العقيم في عثرات الماضي: نعم، الجدل العقيم في الحوارات وفي مداولات جلسات المجلس وفي الندوات العامة وفي القنوات الفضائية، ماذا جنينا منه طوال العقود الماضية؟ إن العيش في أسر الماضي واجترار المعارك التي عفى عليها الزمن والدوران في فلك هذا المسعى، من شأنه تعطيل الإنجاز وبعثرة الجهود وخلط الأوراق، وعندنا في الحديث الشريف «وكره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال» (رواه مسلم). خامساً - المال العام وحرمته: أشار سمو الأمير إلى هذه الحقيقة وشبهها بالسرقة من الجار، والتي هي محرمة أشد التحريم، حيث لا يتوقع الجار من جاره إلا مراعاة حق الجوار وحرمته والأمن من غوائله، فكيف يتوقع منه السرقة، وعندنا مثال وضحه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان إثم من يأخذ من المال العام مما ليس له به حق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا في قبره» (رواه مسلم)، فيا سبحان الله، فماذا نقول لسراق المال العام والعابثين به واللاهثين وراء التحايل لأخذ المال من غير وجه حق؟ الخلاصة: هل سيرتقي المجلس بأدائه ويصل لمضامين النطق السامي أم إنه سيظل مرتهناً بتقاليد بالية ومصالح ضيقة وينحصر بمفهوم العمل السياسي في قوقعة «من صادها عشى عياله»؟

مشاركة :