أطلق الثنائي مهدي شقرون ولبنى نعمان ألبومهما الجديد «كان يا ما كان» في لقاء توّج بعرض موسيقي غنائي، اختتم خمس سنوات من العمل والجهد في كل الاتجاهات، خصوصاً على مستوى البحث والتأسيس لأغنية بديلة لا تخلو من جمالية فنيّة وحِسٍّ عالٍ على مستويي الكلمة والجمل الموسيقية. جمع العرض بــين الغــناء والرقص واللوحات البصرية، فلبنى متخرجة من المعهد العالي للفن المســرحي وخاضت بعد مشاركة في البرنامج التلفزيوني التونسي «طريق النجوم» قبل سنوات مسيرة ثابتة من خلال رحلة بحث في عمــق المــوروث الغنائي التونسي والعالمي من طريق أداء أغان لشعراء كبار على غرار محمود درويش وطاغور وغيرهما. تقول لبنى عن ألبومها «كان يا ما كان» إنّه مشروع جمعها برفيق دربها فنيّاً وإنسانيّاً الملحن مهدي شقرون، وهو أيضاً «خطوة أولى على درب مسيرة آمل بأن تتطور يوماً بعد يوم وأن تجد أعمالي المستلهمة في معظمها من التراث صدى أكبر في تونس وخارجها». ويوضح شقرون إن هذا الألبوم أشبه بعملية توثيق لعمل استمرَّ خمس سنوات، وهو ألبوم تعرف عليه الجمهور عبر عدد من العروض الحية التي أحيتها مجموعة «حسّ»، والعمل حائز جائزة «التانيت البرونزي» في أيام قرطاج الموسيقية في دورة 2015. ويرى شقرون أن الغاية من إصدار الألبوم ليست تجارية وإنما هو بمثابة بطاقة زيارة مسموعة للبنى نعمان التي أشارت إلى أن الألبوم يحتوي على تسع أغان هي «وطن» للشاعر الليبي محمد خليفة التليسي و «l’avenue» و «بياع الياسمين» و «كان يا ما كان» من كلمات المسرحي وحيد العجمي و «على هذه الأرض ما يستحق الحياة» و «دعاء» و «فولارة» و «غريب وجاني» و «بركان وناري». ومدّة كل أغنية بين أربع وتسع دقائق. ويلفت شقرون إلى أن تونس «لا تضمن سوقاً كبيرة لرواج الأعمال الفنية في غياب شركات إنتاج تراهن على النوعية الجيدة ومراهنة الموجود منها إمّا على إعادة طباعة أغانٍ قديمة بإيقاعات جديدة أو ركوب موجة الاستسهال وترويج الأعمال البسيطة الخالية من الاجتهاد والبحث والتجديد». ويؤكد أن «عملية التوثيق والتسجيل مكلفة جداً، وحتى الأعمال التي نسمعها في تونس لا تتجاوز في كثير منها مرحلة «الميكساج». وفي إطار دعم الدولة لهذه الإنتاجات، توضح نعمان أنها «قدمت هذا المنتج إلى وزارة الثقافة منذ 2012 ولم تجد الدعم، فيما حظِيَ بتأييد مؤسسة المورد الثقافي ومؤســسة آفاق». ولم تتردّد في انتقاد وزارة الشؤون الثقافية وقالت إن «الدعم يذهب إلى الأشخاص أنفسهم»، معتبرة أن «محاربة الإرهاب لا تكون فقط ببرمجة العروض، ولكن ببنية تحتية محترمة وبمربّين يجوبون البلاد لتعليم الأطفال وتثقيفهم». «كان يا ما كان» ليس إلا خطوة أولى للفنانة التونسية التي تكشف أنّها أنجزت ألبوماً آخر في انتظار تسجيله وتوثيقه، وأنها ستواصل العمل على التراث لتحقق إذا سمحت لها الظروف مشروعاً يحمل اسم «غُنَّايَه»، وهو عمل يرتكز على أصوات النساء المهمشات في الأرياف والقرى: «سجّلنا في المنازل عدداً من الأغاني التي تتداولها النسوة في كثير من المناسبات لتكون النواة الأولى لهذا العمل». يُذكر انّ لبنى ومهدي أسّسا قبل سنوات مجموعتهما الموسيقية «حس»، وعملا معاً في كثير من العروض قبل أن يلتحق بهما عازفون آخرون. أما اسم المجموعة فهو كلمة «تحفّز على الإحساس، وهو قيمة إنسانية نفتقدها يومياً. كما تحمل الكلمة في اللهجة التونسية معنى الضجيج الذي يولّد الأسئلة والقلق والتفكير»، كما تؤكد لبنى مضيفة: «اخترنا الموسيقى والكلمة البديلة الملتزمة فكرياً وفنياً، ونرى أن موسيقانا رؤية للفن والحياة وفيها الكثير من الحس». لبنى نعمان ومهدي شقرون ثنائي فنّي كرّس تجربته لخدمة الأغنية والجملة الموسيقية التي تنهل من الموروث التونسي والعربي شعراً ولحناً، ولعلّ إطلاق هذا الألبوم هو خطوة أولى في اتجاه تأسيس تجربة فنيّة مختلفة ومطلوبة.
مشاركة :