عندما يلقي الحمقى حجراً في بئر العنصرية

  • 1/28/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كانت هذه الحادثة درسا مهما بالنسبة لي. تغير إدراكي سواء بوضع علامات استفهام على المنشورات في وسائل الإعلام، أو لفَهم التمييز العميق تجاه أصدقائي وصديقاتي العرب في إسرائيل. مر على ذلك أكثر من 15 سنة، وخلالها أدركت واقع عرب إسرائيل بصورة أوثق. في أكتوبر 2000 نزلت ضيفة عند عائلتي التي تقيم في كيبوتس بالقرب من وادي عارة. ليس بعيدا عن الكيبوتس بدأت الاشتباكات بين قوات الأمن ومواطنين من عرب إسرائيل، الأمر الذي جعلنا نعلق أمام التلفاز. كان ذلك مخيفا ومهددا، وبدا كأن العرب كلهم يهبون ضدنا. في هذه الفترة تخصصت في جمعية لحقوق المواطن، حيث تقاسمت مكتبا مع محامية عربية إسرائيلية. قبل شهر من اندلاع العنف في وادي عارة، سافرَتْ للدراسة في الولايات المتحدة. وعندما كان العنف على أشده، كتبتْ لي رسالة بالبريد الإلكتروني، وقالت إن قوات الأمن الإسرائيلية أطلقت النار على ابن عمها من الظهر، وكان يجلس في بستان الزيتون. لقد كانت صديقتي وأحببتُها، لذلك لم يكن لطيفا أن أقول لها إن قوات الأمن والمواطنين تعرضوا لهجوم عنيف، وإنهم لا يطلقون النار من دون سبب. ظننت أن بُعدها عن الأحداث، بينما كانت تقيم في الولايات المتحدة، يمنعها من فَهم ما حدث فعلا، ولذلك اكتفيت بالتعاطف معها. ولكن البقية معروفة: أقرت لجنة «أور»، أو باسمها الكامل «اللجنة الحكومية للتحقيق في الاشتباكات بين قوات الأمن ومواطنين إسرائيليين»، في أكتوبر 2000، أن ابن عم صديقتي أُطلق عليه الرصاص من الظهر على الرغم من أنه لم يشارك في أعمال العنف. وقد تطرقت لجنة أور أيضا إلى التمييز المؤسسي المستمر تجاه العرب في إسرائيل. كانت هذه الحادثة درسا مهما بالنسبة لي. تغير إدراكي سواء بوضع علامات استفهام على المنشورات في وسائل الإعلام، أو لفَهم التمييز العميق تجاه أصدقائي وصديقاتي العرب في إسرائيل. مر على ذلك أكثر من 15 سنة، وخلالها أدركت واقع عرب إسرائيل بصورة أوثق. عندما غادرت إلى الخارج كجزء من الوفد الإسرائيلي الذي يمثل الدولة، تم فصل زميلتي العربية عن باقي أعضاء الوفد في المطار. ووجد أصدقاء آخرون صعوبة في استئجار شقة في تل أبيب، ويعاني آخرون من التمييز على أساس يومي، سواء بين السلطات أو بين أفراد من ذوي الآراء المسبقة. قبل شهرين، عندما اشتعلت الحرائق في البلاد، فضل كثير من السياسيين تجاهل السياق العريض، والذي أظهر أن الشرق الأوسط كله يحترق بسبب ظروف الجفاف الشديد، ووصفوا ذلك بـ»إرهاب الحرائق». أصابع الاتهام هي بالطبع تجاه العرب. ولكن في نهاية الأمر لم تقدم لائحة اتهام واحدة على إشعال الحريق بدوافع قومية. في الأسبوع الماضي، تسببت أحداث أم الحيران لعائلتين بالبقاء بلا أب. سارعت الشرطة ووزير الأمن الداخلي للإقرار بأن الأمر هو حادث ينتمي إلى «تنظيم الدولة». ولكن اتضح في الواقع أن المعلومات مختلفة: عنف من دون تمييز، وإصابة أبرياء من خلال استخدام القوة المفرطة. حتى إن أشرطة الفيديو وتقرير تشريح جثة السائق الداهس لم ينجحا في إثبات أنها خاطئة. اعتمد كلٌّ طرف الرواية التي تعززه، ثَمة عالَمان متوازيان في الحادث نفسه. لا يمكنني تقبل العنصرية، لا بصفتي إنساناً ولا بوصفي يهودية. أنا فخورة بمجتمعي، أنصار الحياة، داعمي الحياة المشتركة بين اليهود والعرب في هذه البلاد. جميعنا يتحمل المسؤولية عن الوضع الذي انحدرنا إليه، ولكن المؤسسات العامة والقادة يتحملون المسؤولية الأولى. كان من المتوقع منهم أن يزنوا الكلام قبل أن يلحِق ضررا لا يمكن إصلاحه. فعندما يلقي أحمق بحجر في البئر، لا يستطيع ألف حكيم أن يخرجوه منها. والمياه العكرة في هذه البئر، نحن جميعا مضطرون أن نشربها.;

مشاركة :