الدوحة- الراية: تختتم بعد غد فعاليات المعرض الفردي للفنان العراقيّ الكنديّ محمود عبيدي تحت عنوان "فتات: معرض لمحمود عبيدي" والذي أقيم خلال الفترة من 18 أكتوبر 2016 إلى 30 يناير الجاري في المبنى رقم 10 بجاليري متاحف قطر بالحي الثقافي كتارا. وقد حظي معرض فتات بإقبال جماهيري كبير خلال الفترة الماضية نظرا لما تمتعت به أعمال عبيدي من مباشرة ووضح سلط من خلالها الضوء على معاناة العراق، ورصد عبيدي من خلال معرضه آثار الدمار الذي لحق بالعراق عقب تعرضها للغزو في عام 2003 وسلّط الضوء على ما سُرِق ودمِر في بلاده، في محاولة لجمع أشلائها مجددًا وإيجاد تفسيرٍ لكل هذا الدمار الذي لحق بحضارة يتجاوز عمرها 7 آلاف عام في وقت قصير. وقدم عبيدي في معرضه مجموعة من الأعمال التركيبية التي تتصل كل قطعة منها بالأخرى عبر حبل ممدود يمثل "الفوضى الخلاقة" التي تفشّت في العراق، في دلالة على محاولة الفنان لجمع أوصال مدينة بغداد مجددًا. فما بين التركيبات الفنية التي تعيد للأذهان لحظات هامة في تاريخ العراق الحديث كإسقاط تمثال صدام حسين ومرورًا بالأعمال التي تبرز نمط الحياة اليومية الحديثة للأسر العراقية ونهاية بالأعمال التي تحمل بقايا الثقافة العراقية القديمة، يمكن وصف المعرض بأنه ذاكرة دائمة لكل ما فقدته العراق. وفي مقابلة أجراها عبيدي مع الناقد والمؤرخ الفني هانز أولريتش أوبريست، يقول عبيدي:"أحاول استعادة ما فُقِد. أجريت بحثًا عما نُهِب وما دُمِر وكل ما فُقِد. لقد سرقوا كل شيء، حتى الملابس لم يتركوها. لذا أخذت كل ما سُرِق ووضعته على الجدران أيضًا". الفوضى الخلاقة في هذا العمل، يؤسس عبيدي لفكرة شيوع "الفوضى الخلاقة" في بغداد بداية من لحظة إسقاط التمثال، ثم يمضي في رواية قصة تدمير بلاده عبر مجموعة من التركيبات الفنية منها قطع أثرية وحطام طائرة وأعمال فنية مسروقة تتصل ببعضها عبر حبل واحد. أما فورد 71 فهو عمل تركيبي آخر مصنوع من البرونز والصلب لعربة نقل من طراز فورد مكدسة بآثار آشورية وبابلية وسومرية. وهناك أيضًا عمل تركيبي بعنوان "بقايا مدينة مُدمَّرة" يبلغ طوله حوالي 8 أمتار ويمثل شهادة على تدمير العراق وفيه ينقل الفنان شعوره بالخسران. فعلى خلفية تظهر فيها ضربات الفرشاة العنيفة باللون الأسود، يجسّد عبيدي أعمال شغب يرتكبها أشخاص لا يمكن تمييزهم بشكل كامل، ساعيًا من وراء ذلك إلى بث شعور بالخطر والقلق. صديق قديم لمتاحف قطر ويعتبر الفنان محمود عبيدي من الأصدقاء القدامى لمتاحف قطر، وواحدا من الفنانين الذين لهم بصمتهم في تطوير المشهد الفني والثقافي في دولة قطر سواءً عبر أعماله الفنية المتميزة التي شارك بها في برنامج مطافئ مقر الفنانين أو من خلال معرضه الفردي الحالي: "فتات: معرض لمحمود عبيدي" هو أحد أكثر المعارض المدهشة والمثيرة للتفكير التي ينظمها عبيدي حتى الآن". والمتأمل لهذا المعرض سيجد أن غالبية موضوعاته تدور حول الذاكرة والنسيان والمنفى وأحزانه وعن معنى الوطن ومدى قدرة المرء على التحمّل. ومن الأعمال المتميزة في المعرض: عمل فني مذهل يحمل اسم "بلا عنوان" يتناول أهمية سقوط تمثال صدام حسين في أبريل 2003 والذي وصِف حينها بالدلالة الرمزية على انتهاء معركة بغداد. وقد كانت هذه اللحظة هي شرارة البدء لموجة من النهب والعنف التي عمت جميع أنحاء المدينة. سماوات عادلة وكان متحف المتحف العربي للفن الحديث قد استضاف مؤخرا عملًا تركيبيًا مميزا لعبيدي تحت عنوان "سماوات عادلة" حتى يوم 8 يناير 2017، وهو عمل مُستلهم من التجارب الشخصية للفنان مع سلطات الأمن في مطارات العالم، ويمكن النظر إليه باعتباره نقدًا اجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا للأفكار النمطية السائدة.
مشاركة :