دكتاتورية «البزارين» في اجتماعات العائلة

  • 4/10/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إذا كانت كل الأمهات يقسمن أيماناً مغلّظة، في كل اجتماع عائلة، أن أطفالهن في بيوتهن هم أشبه بالملائكة هدوءاً وسلاماً وأدباً، وأن ظهورهم على هذا النحو من الشغب وقلة الأدب وقت اجتماعات العائلة هو حالة استثنائية سرعان ما تتلاشى بمجرد العودة إلى البيت، فإن لذلك تفسيرات أربعة لا خامسة لهما؛ إما أن أطفالنا يعانون فعلاً من انفصام في الشخصية، أو أن ثمة شياطين تُستنفر خصيصاً حال اجتماعات العائلة وفي المناسبات فقط، تعمل باستبسال على تهييج «البزارين»!! أو أن أطفالنا يدخرون نزعة الانتقام من آبائهم إلى حين المناسبات والتجمعات بإزعاجهم وفضح تربيتهم لهم!! أو أننا، وهذا الأرجح، نكذب على أنفسنا بهذا التبرير الممجوج، لنداري هشاشة تربيتنا لأطفالنا، وضياع هيبتنا، وضعف شخصيتنا أمام دكتاتوريتهم واستبدادهم في الاستحواذ على جلّ الوقت الذي كان ينبغي أن يكون لنا فيه نصيب من المسامرة والمتعة والحديث الهادئ!! مجمل الأمهات السعوديات يعانين في اجتماعات أسرهن ومناسباتهن العائلية من حالة الاحتدامات العنيفة بين الأطفال، أو إزعاجهم على نحو تتم فيه السيطرة كليّا على الجو. وبدل أن تكون الاجتماعات فرصة جميلة للتواصل والحديث والمسامرة، تجد أن دفة الحديث والمناقشات قد تحولت، بقدرة قادر، من همومنا الشخصية وأحلامنا إلى هم السيطرة على إزعاج الأطفال، وإيجاد الحلول الإجرائية لاستيعاب استبدادهم في الصراخ والركض والتخريب والمشاحنات.. لتضيع فرصة عائلية كنّا نمني أنفسنا بأن نتنفس من خلالها بعمق، بعد تعب مشوار العمل أسبوعاً أو فصلاً دراسياً، وتتحول كل إجازة فيها زيارة للأهل إلى معركة ضارية منهكة ومتعبة لا تنتهي إلا وقد استنفذنا فيها كل قوانا وصحتنا وألقنا بعد أن جربنا فيها دور رجل الإطفاء باستبسال، وأحدث أطفالنا حملة تخريب منظّمة ومدروسة لبيت الجدة أو الخالة أو العمة... وتم افتضاح تربيتنا بالأدلة والبراهين على الملأ!! كل الأمهات يدركن بفطرتهنّ التلقائية أن الأدب جزء لا يتجزأ ولا يتغير بتبدل الأحوال والظروف والمناسبات، فالطفل الذي أحسن عائلته تربيته كما ينبغي، تجده مؤدباً بدءاً في علاقته مع أبيه وأمه، وانتهاءً بالبائع في البقالة، والخادمة، ورجل النظافة في الشارع.... لكننا بتنا لسنوات ونحن متسترين بعباءة «أولادي في البيت ملائكة»!! دون أن ندري أن هذه العباءة تفضح رداءة تربيتنا وعجزنا في إحكام السيطرة عليهم أكثر من أن تسترها، ما دام الناس، في كل الأحوال، لا يرون إلا الجانب المزعج المشوه، المختل سلوكاً وتربية، في منتجنا من الذرية المباركة!! نهدد الطفل أمام الجميع بأنها المرّة الأخيرة التي نصطحبه فيها معنا، فيما هو يمد لسانه ساخراً بأنه سيكون حينها أول الراكبين في السيارة، رغماً عن أنفنا. تهرول الأم مثل المخبولين طوال المناسبة أو اجتماع العائلة خلف صغارها المتمردين المشاغبين، وتزعج الآخرين بتوجيهاتها الخائبة، وصراخها الهستيري مثل معلّق مباراة رديء، فلا يزيدها ذلك عند أطفالها إلا ضعفاً في الشخصية، وإمعاناً في الشغب.. يقول الله عز وجل: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا».. لكن الأبناء يتحولون، بفضل التخطيط غير المدروس، في الإنجاب المتوالي، وفي رداءة التربية وضبط السلوك، إلى مصدر للإزعاج، وقتل كل فرصة سانحة للاستمتاع والسفر، والألفة بلقاء الأهل..

مشاركة :