قرار تجريم الإجهاض في الولايات المتحدة يدخل حيز التنفيذ فرضت القيود على الحق في الإجهاض علنا للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس الجمهوري رونالد ريغان قبل أن يلغيها الديمقراطي بيل كلينتون، بعدها أعادها جورج بوش ثمّ ألغاها باراك أوباما. وبادر دونالد ترامب في أول يوم رئاسي له بإعادة تفعيل قرار تنفيذي يرجع إلى “عهد ريغان”، قد يتبعه أثر غير محمود على النساء والفتيات في البقاع الفقيرة من العالم. وينص ذلك القرار المسمى بـ”قانون مكسيكو سيتي” على أنه لن يتم تمويل أي منظمة دولية غير حكومية تقدم خدمات لعمليات الإجهاض، أو حتى تروّج لنفس الموضوع مع الباحثين عن مواد أو مراجع تعليمية. وبعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر الماضي تحرك معارضو الإجهاض وتبنوا في بعض الولايات حيث يوجد حكام مؤيدون لهم تدابير قاسية ضد الإجهاض الاختياري. والتزم ترامب بتعيين قاض معارض تماما للإجهاض في المحكمة العليا أملا في أن يؤدي ذلك إلى إلغاء القرار المرجعي الذي جعل الإجهاض قانونيا في الولايات المتحدة في 1973. وأثبتت الدراسات أن تجريم عمليات الإجهاض بشكل عام لا يمنع الإجهاض في حدّ ذاته، إنما يعرض حياة السيدات اللاتي يقبلن عليه سرا لخطر حتمي. وأعلن ترامب عن صراحته في ما يتعلق بالأوامر التنفيذية الأخرى التي وقع عليها بالموافقة قبل، الاثنين، من بينها الانسحاب من اتفاقية الشراكة عن طريق المحيط الهادئ، وتجميد التعاقد مع موظفين جدد في القطاع الفيدرالي. لكنه حرص على عدم الحديث بشأن موضوع الإجهاض إلا عندما طلب منه ذلك. إلا أن أنصار قرار تجريم الإجهاض السابقين -منهم ريغان وبوش الابن- كانوا يسيطرون على منصات المجتمع المحافظ، على الرغم من إلغاء الحظر على قانون الإجهاض، “قانون مكسيكو سيتي” تاريخيا، في الوقت الذي يتسلم فيه الرئيس المنتخب الجديد البيت الأبيض. ولكن لم يكن من السهل تحديد وجهة نظر ترامب من هذه الناحية، حيث قال في لقاء مع مقدم البرامج هوارد ستيرن عن موقفه من الإجهاض في عام 2013 “لم يكن هذا الموضوع يوما من ضمن اهتماماتي”. وألقى ترامب بهذه القضية على عاتق رفيقه نائب الرئيس، مايك بنس، وهو محام يطالب دائما بتقييد الإجهاض. وقصد ترامب بترشيحه إلى هذا المنصب إظهار مدى دعمه للمحافظين “الإنجيليين” الجمهوريين، ورغبته في إفشاء السلام بينهم. وقد نجحت الخطة وحصل ترامب على تصويت “الإنجيليين” لصالحه بأغلبية ساحقة. لكن أوهام ترامب، على حدّ تعبيره في لفتة له خلال ليلة الانتخابات، في أن يكون “رئيسا للجميع” قد ذهبت هباء. حيث صرح المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، في أول مؤتمر صحافي له “لقد كان الرئيس واضحا في كلامه مشددا على أنه ضد الإجهاض. فهو يريد أن يقف إلى جانب جميع الأميركيين بمن فيهم الذين لم يولدوا بعد”. والحديث هنا لا يشمل الإجهاض فقط. فتجريد المؤسسات التي توفر خدمة عمليات الإجهاض من أي تمويل طبقا لقانون مكسيكو سيتي لن يمكن لها حتى تقديم خدمات الرعاية الأولية للسيدات. كما أفادت المجموعة العمومية لتنظيم الأسرة أن ذلك من الممكن أن يؤدي إلى انهيار شبكات الرعاية الصحية بأكملها. وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، يتم إجراء 21 مليون عملية إجهاض غير آمنة في كل عام، ينتج عنها 13 بالمئة من مجمل حالات وفيات الأمهات على الصعيد العالمي. كما أن منظمة ماري ستوبس الدولية لتنظيم الأسرة تقدر حجم الخسائر الخاصة بها والتي قد ينتج عنها 6.5 مليون حمل غير مرغوب فيه، و 2.1 مليون عملية إجهاض غير آمنة وحوالي 22 ألف حالة وفيات للأمهات في فترة رئاسة ترامب الأولى. وتصف المجموعة العمومية لتنظيم الأسرة هذا الوضع معلنة “إن الهدف الرئيسي من تطبيق هذا القانون لن يكون سوى معاقبة النساء من خلال منعهن من حقهن في الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأولية”. وينبغي أن تبدو “معاقبة” ترامب للنساء مألوفة بعض الشيء. فبحسب تصريحات له في مارس من العام الماضي، أقرّ أن عمليات الإجهاض يجب أن تأخذ “شكلا من أشكال العقاب”. وبعدما تراجع في تصريحاته الفظة، إثر الردود السياسية المتفجرة بهذا الشأن، تحدثت تصرفاته، بصوت أعلى من الكلمات. وأعلنت وزارة الخارجية الهولندية ، عن إطلاق موقع إلكتروني لجمع التبرعات عبر العالم لتعويض الجمعيات الأجنبية الداعمة للإجهاض التي أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرارا بوقف تمويلها. وأعلنت الحكومة الهولندية أنها ستفتتح التبرع لهذا الصندوق بتقديم عشرة ملايين يورو حوالى 10.7 مليون دولار أميركي. سراب/12
مشاركة :