محمد الصياد هل يبادر الرئيس ترامب إلى إقصاء جانيت يلين من منصبها وتنصيب شخصية أخرى مكانها تأتمر بأمره ولا تعير أدنى اعتبار للاختصاصات والصلاحيات الممنوحة لها بموجب النظام القانوني الخاص بتأسيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي ولا بالولاية التشريعية للكونغرس عليها؟قبل مغادرته منصبه الرئاسي في البيت الأبيض، اندفع الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما لإصدار حزمة قوانين تنفيذية، بعضها يتعلق بالمستوى السياسي وبعضها الآخر يتعلق بالمستوى الاقتصادي، وذلك بهدف قطع الطريق على الرئيس المنتخب دونالد ترامب وتعقيد مهمته التي أعلن عنها صراحة، ومنها ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية الجوهرية. في يوم العشرين من ديسمبر 2016 أي قبل شهر واحد من مغادرته منصبه، استخدم أوباما صلاحياته الرئاسية بإخراج 115 مليون هكتار من مياه الحدود الفيدرالية شمال ولاية ألاسكا من الأراضي المسموح باستئجارها والتنقيب فيها عن النفط والغاز بموجب قانون الجرف القاري الخارجي لعام 1953 في بحر تشوكشي وبحر بوفورت في محيط القطب المتجمد الشمالي. بما يعني حظر التنقيب عن النفط والغاز فيها لأمد مستقبلي غير محدد. ولكن الرئيس الجديد دونالد ترامب سارع في اليوم الرابع من توليه مهام منصبه الرئاسي، إلى إصدار مرسوم تنفيذي يُمكّن بموجبه شركة ترانس كندا من بناء خط أنابيب كيستون إكس إل لنقل النفط، وكذلك السماح لشركة إنيرجي ترانسفير بارتنرز لإكمال آخر مرحلة من خط أنابيب نقل النفط داكوتا أكسس. وهما مشروعان كانا معلّقين لدواع بيئية من قبل إدارة أوباما السابقة. وعلى مسار آخر، سارع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي تدين رئيسته جانيت يلين بالولاء للرئيس السابق باراك أوباما الذي فضّلها على الاقتصادي ووزير الخزانة الأسبق لورانس سمرز، سارع وقبل أيام من مغادرة أوباما منصبه الرئاسي، لرفع سعر الفائدة.فهل يبادر الرئيس ترامب لإقصاء جانيت يلين من منصبها وتنصيب شخصية أخرى مكانها تأتمر بأمره، ولا تعير أدنى اعتبار للاختصاصات والصلاحيات الممنوحة لها بموجب النظام القانوني الخاص بتأسيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ولا بالولاية التشريعية للكونغرس عليها؟ كل شيء وارد في مدونة السلوك الإداري، الاقتصادي والسياسي الكلي، للرئيس الأمريكي الجديد. فمن الواضح أنه عازم على إدارة الولايات المتحدة الأمريكية، كشعب وثروات واقتصاد، كما لو كان يدير إحدى شركاته الخاصة كرجل أعمال طاغي النفوذ. فما حدث بينه وبين سلفه باراك أوباما، من إصدار مراسيم رئاسية من جانب أوباما وإصدار مراسيم أخرى مضادة من جانب ترامب يشبه لعبة القط والفأر أو استراتيجية تت فو تات، ويؤكد تلك الفرضية. ما حدث بين الرئيسين، السابق والحالي، تعبير عن رؤيتين، إحداهما قومية ميركانتيلية والأخرى كونية، متضادتين، لإدارة طاقات البلاد المادية والبشرية، ابتغاءً لاحتفاظ الولايات المتحدة بمركز صدارتها عالمياً كقوة اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية لا تدانيها أي من الدول الطامحة. هو رجل يريد إعادة التفاوض داخلياً وخارجياً على صفقة جديدة (نيو ديل)، على غرار مقاربة نيو ديل التي استنّها الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت في ثلاثينات القرن الماضي لمواجهة أخطر أزمة اقتصادية واجهتها البلاد في تاريخها. هو يريد إعادة عقارب الساعة للوراء، وهي بالتأكيد لا تعود. لأن الزمن الذي اجتازته خلق وقائع على الأرض لا يمكن القفز عليها بأوامر تنفيذية أحادية الجانب. * كاتب بحريني
مشاركة :