في سياق التحليل، فإنه لا يمكن لأي حوار أمني في الخليج العربي أن يتجاهل الدور الإيراني، الذي ترى فيه السعودية، والولايات المتحدة، الخطر الإقليمي الأكبر. وهو ما يتطابق - تماماً - مع ما أكده المصدر السعودي رفيع المستوى لرويترز، بأن اتصالاً هاتفياً جرى مساء الأحد (29 يناير 2017) بين - الرئيس الأمريكي - دونالد ترامب، وخادم الحرمين الشريفين - الملك - سلمان بن عبدالعزيز، استمر أكثر من ساعة، وتناول كثيراً من التفاصيل المهمة، والمتعلقة بمستقبل العلاقات بين الدولتين، والوضع في المنطقة، - إضافة - إلى تطابق وجهات نظر الزعيمين بشأن السياسات الإيرانية في المنطقة. خطأ التفاهم مع إيران بات مفتوحاً على مصراعيه، فإيران - حسب النظرة السعودية الأمريكية -، لا تستحق ثقة المجتمع الدولي، الذي يجب أن يستمر بالضغط عليها؛ لدفعها للتخلي عن سياستها الثابتة في دعم الإرهاب، والتطرف في المنطقة، والتخلي عن سياسة الإثارة، والمراوغة، وتوزيع الأدوار، واللعب على عامل الزمن. فحقيقة السياسات الإيرانية السلبيّة، والتدميرية في المنطقة العربية باتت واضحة للعيان، إن من ناحية اختراق المكونات المذهبيّة، والطائفيّة، والتلاعب بها، وإن من ناحية تهديم البناء الاجتماعي، والنفاذ من خلالها، وإن من ناحية توظيف الواقع السياسي؛ للنفاذ إلى المعادلة السياسية. إدراك هذا التحدي، هو الخطوة الأولى في وضع سياسة سليمة، فإيران ليست دولة عادية، بل هي دولة عقائدية، تطمح إلى ما هو أبعد من حدودها. - ولذا - لا غرابة أن يتداخل في السياسة الخارجية الإيرانية الديني بالقومي، والثورية بالبرجماتية، والتي تعني: التوسع، وبسط النفوذ الإيراني، ومنطلقاً لتصدير الثورة الخمينية؛ ولتحقيق أهداف جيوستراتيجية لإيران في المنطقة، والعالم؛ الأمر الذي يتعين الإبقاء على إستراتيجية الوقاية؛ لمجابهة سعي إيران للهيمنة، وردع، أو مقاومة أي جهود إيرانية؛ لتجاوز العتبة النووية، والأطماع الإقليمية لدول الجوار، - إضافة - إلى ضرورة التعزيز المستمر للتحالفات الرسمية، وغير الرسمية بين الولايات والمتحدة، ودول الخليج العربي. أقول وبكل ثقة: إن إيران اعتمدت على غير عادتها سياسات وليدة الساعة، وليس التحليل، والرؤية البعيدة؛ باعتبار أن المعادلة الرابحة مع إيران واجهتها الدولة السعودية بمواقف، ومعادلات جديدة، فرضت على النظام الإيراني أن يغير إستراتيجيته، إما طوعاً، وإما كرهاً. مع إدراك السياسة السعودية للفرق الكبير جداً بين تغيير الهدف، وتغيير الأسلوب، وما تقوم به إيران - دائماً - هو تغيير الأسلوب، والتكتيك، وبقاء الهدف، والإستراتيجية.
مشاركة :