كان ستيف هوفمان، البالغ من العمر 33 عاماً، وأحد مؤسسي موقع "Reddit" ومديره التنفيذي، وتُقدَّر قيمته بـ600 مليون دولار، يُعاني قِصَر النظر حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حين قرر إجراء جراحة تصحيح البصر بالليزر. لم يُجرِ العملية طلباً للراحة أو حُسن المظهر، بل من أجل سببٍ لا يتحدَّث عنه عادةً: فهو يأمل أنَّ ذلك سيُحسِّن من فرص نجاته من أية كارثة، سواء كانت طبيعية أو من صنع البشر. ويقول "إنْ كان العالم سينتهي، أو حتى إذا لم يكن سينتهي، فإن حصول المرء على عدسات لاصقة أو نظارات أثناء وجود حدث ما يجري، سيكون أمراً شاقاً. وبدون العدسات، سينتهي أمري"، بحسب تقرير مطول نشرته صحيفة الأمريكية. هوفمان الذي يعيش في مدينة سان فرانسيسكو، بعينين زرقاوين كبيرتين، وشعر كثيف رملي اللون، وفضول هائل لا ينقطع؛ كان في جامعة فرجينيا راقصاً شرساً في قاعات الرقص، حتى إنه اخترق الموقع الإلكتروني لرفيق غرفته للتسلية. وينصب تركيزه على عواقب الكوارث لا الكوارث نفسها، مثل زلزال سان أندرياس، (وهو زلزال تسبَّب في صدعٍ في المدينة الواقعة بولاية كاليفورنيا)، أو تفشّي وباء، أو انفجار قنبلةٍ إشعاعية. وهذه العواقب تشمل، وفقاً لهوفمان "الانهيار المؤقت لحكومتنا ومؤسساتنا". ويقول: "أمتلكُ دراجتين ناريتين. ولدي مجموعة من البنادق والذخيرة، والطعام. أعتقد بأنَّني، بكل هذا، أستطيع أن أظل في بيتي لبعض الوقت". مجرد ذكر حركة "الناجون" أو Survivalism، وهي البدء في إعداد العُدَّة لانهيار الحضارة، يستحضر الذهن صوراً معينة: الحطَّاب وهو يرتدي قبعةً من ورق الألومنيوم، أو ذاك المهووس بتخزين البقوليات، أو رجل دين يحذر من يوم القيامة. لكنَّ حركة "الناجون" امتدت في السنوات الأخيرة إلى مناطق أكثر ثراءً، وبدأت في ترسيخ جذورها في وادي السيليكون، ومدينة نيويورك، في أوساط المديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا، ومديري الصناديق الاستثمارية، وغيرهم ممَّن في مستواهم الاقتصادي. وفي الربيع الماضي، وبسبب كشف الحملة الانتخابية الرئاسية عن الانقسامات الكبيرة في أميركا، اشترى غارسيا مارتينيز، 40 عاماً، وهو مدير منتجات سابق في فيسبوك يُقيم في سان فرانسيسكو، خمسة أفدنة من الأراضي المُشجَّرة على جزيرة في شمال غرب المحيط الهادي، وأحضر مولِّداتٍ للكهرباء، وألواحاً للطاقة الشمسية، والآلاف من طلقات الذخيرة. ويقول "ينحدر المجتمع إلى الفوضى عندما يفقد إحساسه بأصله". أراد غارسيا مارتينيز، مؤلِّف مذكرات "Chaos Monkeys"، وهي مُذكِّرات لاذعة عن وادي السيليكون، ملجأً يكون بعيداً عن المدن، لكن ليس معزولاً تماماً. وقال: "كل هؤلاء الرجال يعتقدون أنَّ رجلاً واحداً بمفرده قادرٌ على التصدي بطريقةٍ أو بأخرى للغوغاء الذين سيهيمون على وجوههم (في حال حدوث كارثة). كلَّا، ستحتاج إلى تكوين ميليشيا محلِّية. تحتاج إلى الكثير من الأمور لتنجو حقاً من الانهيار". وبمجرد أن شرع في إخبار زملائه في منطقة خليج سان فرانسيسكو عن "مشروع جزيرته الصغيرة"، قال إنَّهم "بدأوا في التخلّي عن صمتهم" والحديث عن تجهيزاتهم الخاصة. وأضاف: "أعتقد أنَّ الناس المُتفهِّمين حقاً للدعامات التي يعمل على أساسها المجتمع يفهمون أنَّنا الآن في وضعٍ خطيرٍ ثقافياً". وفي مجموعات الفيسبوك الخاصة، يتبادل الأغنياء المؤمنون بحركة "الناجون" النصائح حول الأقنعة الواقية من الغازات، والمواقع الآمنة من تأثيرات التغيُّر المناخي. ويقول أحد الأعضاء، وهو رئيسٌ لشركة استثمارية: "أحتفظ بطائرة هليكوبتر ممتلئة بالوقود طوال الوقت، ولدي مخبأ تحت الأرض به مُرشِّحاتٌ للهواء". وقال إنَّ تجهيزاته ربما تجعل منه "مُبالِغاً" مُقارنةً بزملائه. لكنَّه أضاف أنَّ "الكثير من أصدقائي يُجهِّزون البنادق، والدرَّاجات الهوائية، والعُملات المعدنية. لم يَعُد ذلك أمراً استثنائياً جداً بعد الآن". وأخبرني تيم تشانغ، وهو مدير إدارة يبلغ من العمر 44 عاماً في شركة "Mayfield Fund"، وهي شركةٌ لرأس المال الاستثماري، أنَّ "هناك مجموعةً منّا في وادي السيليكون. ونجتمع ونتناول العشاء في أجواءٍ يسودها الحديث عن قرصنةٍ (مُحتملة) للنظام المالي، ونتحدَّث حول خطط التحوُّط التي يقوم بها الناس. وهي تمثِّل غطاءً للكثير من الناس الذين يُخزِّنون عُملات البيتكوين وعُملات رقمية أخرى، ولمعرفة كيفية الحصول على جوازات سفر ثانية إذا ما احتاجوا إليها، وللحصول على منازل عُطلاتٍ في دولٍ أخرى يمكن أن تكون ملاذاتٍ آمنة". وقال: "سأكون صريحاً: أعمل الآن على تكديس العقارات من أجل الحصول على دخلٍ سلبي، (دخلٍ يأتي من الإيجار وما شابه دون الحاجة لعمل)، لكن أيضاً ليكون لدي ملاذاتٍ آمنة ألجأ إليها". ويُبقِي هو وزوجته، التي تعمل في مجال التكنولوجيا، مجموعةً من الحقائب المحزومة لهما ولابنتيهما اللتان تبلغان أربعة أعوام. ويقول "لدي ذلك السيناريو المروِّع نوعاً ما: يا إلهي، إذا كانت هناك حربٌ أهلية أو زلزالٌ هائل يشطر جزءاً من كاليفورنيا، نريد أن نكون مُستعدِّين". وعندما نظر مارفن لياو، التنفيذي السابق في شركة "ياهو"، وهو الآن شريكٌ في شركة "500 Starups"، وهي شركة لرأس المال الاستثماري، إلى استعداداته، قرَّر أنَّ ما خزَّنه من الماء والطعام لم يكن كافياً. وسألني: "ماذا إذا أتى شخصٌ ما واستولى على كل ذلك؟". وقال إنَّه، من أجل حماية زوجته وابنته، "ليس لدي بنادق، لكن لدي الكثير من الأسلحة الأخرى. إذ تلقَّيتُ دروساً في الرماية". بالنسبة للبعض، الأمر مجرد تسلية بين أصدقاء، ونوعٌ من الخيال العلمي الذي يحدث في العالم الحقيقي، مع بعض الأدوات؛ وبالنسبة لآخرين، مثل هوفمان، كان الأمر مبعث قلقٍ لسنوات، ويقول هوفمان إنَّه شعر بالقلق "منذ أن شاهدتُ فيلم "Deep Impact". ويُصوِّر الفيلم، الذي عُرِض في 1998، مُذنَّباً يضرب المحيط الأطلنطي، وسباقاً للهروب من موجات التسونامي. وقال: "يحاول الجميع الفرار، لكنَّهم عالقون في ازدحام المرور. صُوِّر هذا الفيلم بجوار مدرستي الثانوية. وفي كل مرةٍ أقود سيارتي عبر هذا الجزء من الطريق، أعتقد أنَّني بحاجةٍ لاقتناء درَّاجةٍ نارية لأن كل شخصٍ آخر سيهلك". ظلَّ هوفمان أحد الحضور الدائمين في مهرجان "Burning Man"، وهو مهرجانٌ سنوي لا تُشتَرَط فيه ملابس مُعينة، يُقام في صحراء نيفادا، حيث يختلط الفنَّانون برجال الأعمال الكبار. أُعجِب بأحد مبادئ المهرجان الرئيسية، وهو "الاعتماد على الذات كلياً"، ما يعني بالنسبة له: "أسعد بمساعدة الآخرين، لكنّي لا أرغب في أن أحتاج إلى مساعدتهم". (وتشير "الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ FEMA" إلى بعض المؤمنين بحركة "الناجون" أو "ذا بريبرز"، كما يحبون أن يُلقَّبوا، وهم الأشخاص الذين يتوقعون حدوث مصيبةٍ أو كارثةٍ في المستقبل، ويتجهَّزون لها بتوفير المؤن وغيرها). وقرَّر هوفمان أنَّه، في حال وقوع كارثة، سيبحث عن نوعٍ ما من أشكال التجمُّع: "أن تكون بقرب الأشخاص الآخرين أمرٌ جيد. ولدي أيضاً ذلك الرأي المغرور بعض الشيء بأنَّني قائدٌ جيدٌ للغاية. ربما سأكون في موقع المسؤولية، أو على الأقل لن أكون تابعاً، حينما تسوء الأمور". من مهرجان ذا بيرنينغ مان على مدار السنين، أصبح هوفمان أكثر قلقاً حيال الاستقرار السياسي الأميركي، ومخاطر وقوع اضطرابات واسعة النطاق. وقال: "نوعٌ ما من الانهيار المؤسَّسي، ومِن ثَمَّ تفقد السيطرة، هذه النوعية من الأمور التي قد تحدث". (وتُطلِق مدوَّنات "ذا بريبرز" على سيناريو كهذا اسم "W.R.O.L"، أي "بدون حكم القانون". ووصل هوفمان إلى قناعةٍ بأنَّ الحياة الحديثة ترتكز على توافقٍ هَشّ. وقال: "أعتقد، بدرجةٍ ما، أنَّنا جميعاً نُسلِّم بدون برهانٍ بلدنا سيظل على حاله، وأنَّ عُملتنا ستظل ذات قيمة، وأن السلطة ستظل تنتقل سلميا. كل هذه الأمور تنجح لأنَّنا نعتقد أنَّها ينبغي أن تنجح. وفي حين أعتقد بالفعل أنَّ هذه الأمورٌ ممكنة للغاية، وأنَّنا قد واجهنا الكثير، إلا أننا بالتأكيد مُقبِلون على مواجهة المزيد والمزيد". وخلال بناء موقع "Reddit"، وهو مجتمعٌ للآلافٍ من موضوعات النقاش، ليصبح واحداً من أكثر المواقع زيارةً في العالم، تنامى وعي هوفمان بالطريقة التي تُغيِّر بها التكنولوجيا علاقاتنا مع بعضنا البعض، للأفضل، وكذلك للأسوأ. وشَهِد كيف يمكن للشبكات الاجتماعية زيادة حالة الخوف العام. وقال إنَّه "من الأسهل للأشخاص الشعور بالذُعر عندما يكونون معاً"، مشيراً إلى أنَّ "الإنترنت جعل من السهل على الناس أن يكونوا معاً"، إلّا أنَّها تنبِّههم كذلك إلى الأخطار الناشئة. فقبل فترةٍ طويلة من تصدُّر أخبار الأزمة العالمية للصفحات الأولى في الصحف، ظهرت إشاراتٌ مبكِّرة لها في تعليقات المُستخدمين في موقع "Reddit". وقال: "بدأ الناس يتهامسون حول الرهون العقارية. وكانوا قلقين حيال الديون الطلابية. كانوا قلقين حيال الديون بشكلٍ عام. وكان هناك الكثير من العبارات التي تقول: هذا أفضل من أن يكون حقيقياً، لا يبدو الأمر صحيحاً. وعلى الأرجح تُوجَد بعض الإيجابيات الزائفة هناك أيضاً، لكن، في العموم، أعتقد أنَّنا مقياسٌ جيد للشعور العام. فحينما نتحدَّث عن الانهيار الذي يعتمد على معتقداتٍ إيمانية، ستبدأ في رؤية الأقوال المُتناثرة تظهر على الشبكات الاجتماعية أولاً". يوم القيامة في وادي السيليكون كيف حدث أن انهمك وادي السيليكون بمسألة "يوم القيامة" أو نهاية العالم، وهو المكان المشهور عالمياً، حتى بات من الكليشيهات، بثقته غير المحدودة في القدرة على تغيير العالم للأفضل؟ تلك النزعات ليست متناقضة كما تبدو. روي باهات، رئيس شركة "Bloomberg Beta"، وهي شركة لرأس المال الاستثماري، مقرَّها في سان فرانسيسكو، يقول أنَّ التكنولوجيا تمنح القدرة على تصوُّر أشكالٍ مختلفةٍ تماماً من المستقبل. وقال "وعندما تفعل ذلك، فمن الشائع للغاية أنَّك ستفكر بلا حدود في الأمور، وهو ما يقودك إلى عوالم المثاليات، وعوالم الواقع المرير". ويمكن أن تُحفِّز التفاؤل التام، مثل حركة التجميد التي تنادى بتجميد الأجساد عند الموت، على أمل أن يصبح العلم قادراً يوماً على إعادتها إلى الحياة، أو السيناريوهات القاتمة. ويقول تيم تشانغ، المُغامِر الاستثماري، الذي يحتفظ بحقائبه محزومة، بأنَّ "حالتي الذهنية الراهنة تتأرجح بين التفاؤل والرعب المُطلَق". وخلال السنوات الأخيرة، كانت حركة "الناجون" تتعمَّق أكثر في الثقافة السائدة. ففي 2012، أطلقت قناة "ناشيونال جيوغرافيك" برنامج "Doomsday Preppers"، وهو برنامج ينتمي لتلفزيون الواقع، ويتناول مجموعةً من الأميركيين الذين يستعدّون لما يُطلِقون عليه "S.H.T.F"، (أي "عندما يسوء الموقف"). وجذب العرض الأول أكثر من أربعة ملايين مشاهد، وبحلول انتهاء الموسم الأول، أصبح البرنامج الأكثر جماهيريةً في تاريخ القناة. ووجدت دراسةٌ أُجريَت بتكليفٍ من "ناشيونال جيوغرافيك" أنَّ 40% من الأميركيين يعتقدون أنَّ تخزين المؤن وبناء الملاجئ كان استثماراً أفضل من برنامج مُدَّخرات ما بعد التقاعد "401(k)". وعلى شبكة الإنترنت، تراوحت النقاشات حول الاستعداد بين موضوعاتٍ عادية (مثل "دليل أم للاستعداد لاضطراباتٍ أهلية") وموضوعاتٍ قاتمة (مثل "كيف تأكل شجرة صنوبر لتبقى على قيد الحياة"). وكانت إعادة انتخاب أوباما بمثابة هدية بالنسبة لصناعة التجهيزات. فالمحافظون المتعصِّبون الذين اتَّهموا أوباما بتأجيج التوتُّرات العِرقية، وتقييد حقوق حيازة الأسلحة، وزيادة الدين القومي، تهافتوا على تخزين الجبن القريش المُجفَّف بالتجميد، ولحم الاستروغانوف اللذين أوصى بهما مُعلِّقين مثل غلين بيك، وشون هانيتي. وجذبت سلسلة من المعارض التجارية المُتعلِّقة بـ"التجهيز" مشاركين تلقَّوا دروساً في خياطة الجروح (مُورِسَت على ساق خنزير)، والتقطوا صوراً تذكارية مع مشاهير المؤمنين بحركة "الناجون" من البرنامج التلفزيوني "Naked and Afraid". كانت المخاوف مختلفة في وادي السيليكون. ففي نفس الوقت تقريباً الذي كان يشاهد فيه هوفمان، على موقع "Reddit"، تطوُّر الأزمة المالية، سَمِعَ "جاستن كان" الأفكار الأولى حول حركة "الناجون" بين رفاقه. وساهم "كان" في تأسيس شبكة "Twitch"، وهي شبكة ألعاب بيعَت بعد ذلك لموقع "أمازون" بمبلغٍ يُقارِب مليار دولار. وقال: "كان بعض أصدقائي يقولون إنَّ انهيار المجتمع بات وشيكاً، وأن علينا أن نُخزِّن الطعام. حاولتُ أن أفعل ذلك. لكن بعد ذلك حصلنا على بضع أكياس من الأرز، وخمسة عبوات من الطماطم. كنَّا لنموت لو كانت حدثت مشكلةٌ حقيقية بالفعل". وعندما سُأل عمَّا كان مشتركاً بين أصدقائه "المُجهِّزين". فقال: "الكثير من المال والموارد. ما هي الأشياء الأخرى التي قد أقلق بشأنها وأستعد لها؟ إنها بمثابة تأمينٍ". إحدى غرف الناجون وكان يشان وونغ، من أوائل من عملوا بموقع فيسبوك، المدير التنفيذي لموقع "Reddit" بين عامي 2012 و2014. خضع يشان هو الآخر لجراحةٍ في العين لأغراض البقاء على قيد الحياة، وإنهاء اعتماده "على المساعدة الخارجية غير المُستدامة للحصول على رؤيةٍ جيدة"، على حد تعبيره. وفي بريدٍ إلكتروني، قال وونغ أنَّ "معظم الناس يعتقدون أنَّ الأشياء غير المُحتَملة لا تحدث فحسب، أمَّا الأشخاص في المجال التقني فيميلون إلى النظر للمخاطر نظرةً رياضية للغاية. ولا يعتقد ذا بريبرز التقنيين بالضرورة أنَّ الانهيار أمرٌ مُرجَّحٌ. إنَّهم يعتبرونه حدثاً بعيداً، لكنّهَ سيكون انهياراً قاسياً للغاية، وبالتالي، بالنظر إلى مقدار المال الذي يمتلكونه، سيكون إنفاق جزءٍ صغير من من ثروتهم للتحوُّط ضد ذلك ... هو أمرٌ منطقي للقيام به". كم عدد الأثرياء الأميركيين الذين يقومون حقاً بالتجهيزات لمواجهة كارثة؟ من الصعب أن نعرف تحديداً؛ فالكثير من الناس لا يُحبّون الحديث بشأن الأمر. (أخبرني أحد مديري الصناديق الاستثمارية أنَّ "البقاء مجهولاً أمرٌ لا يُقدَّر بثمن"، ورفض إجراء مقابلةٍ معي). وفي بعض الأحيان، يَبرُز هذا الموضوع بطرقٍ غير مُتوقَّعة. فيذكر ريد هوفمان، أحد مؤسِّسي موقع "LinkedIn" والمُستثمِر البارز، إخباره لصديقٍ له أنَّه كان يُفكِّر بزيارة نيوزيلندا. فسأله الصديق: "هل أنت ذاهبٌ للحصول على تأمينٍ للانهيار؟". ويخبرني هوفمان: "كنتُ مستغرباً". وتُعَد نيوزيلندا، كما اكتشف هوفمان، ملجأً مُفضَّلاً في حالة وقوع كارثة. وقال: "القوْل بإنَّك ‘ستشتري منزلاً في نيوزيلندا’ هو بمثابة نوعٍ من التلميح الذي يوضِّح مقصدك دون حديث. وبمجرد انتهاء المصافحة الماسونية، سيكونون أشبه بـ"أتدري، أعرف وسيطاً يبيع مخازن صواريخ، وهي مقاوِمة للإنفجارات النووية، ويبدو أنَّها سيكون من الممتع بشكلٍ ما الإقامة داخلها". ريد هوفمان طلبتُ من هوفمان أن يُقدِّر نسبة زملائه من مليارديرات وادي السيليكون الذين حصلوا على مستوى ما من "نهاية العالم"، في صورة ملاجئ داخل الولايات المتحدة أو خارجها. فقال: "أعتقد أنَّها أكبر من 50%. لكنَّ هذا يأتي بالتوازي مع قرار شراء بيتٍ للعُطلة. الدافع للسلوك الإنساني مُعقَّد، وأعتقد أنَّ الناس بإمكانهم أن يشعروا بأنَّه "لدي الآن غطاءٌ يحميني من ذلك الشيء الذي يخيفني". المخاوف تختلف، لكنَّ الكثيرين يخشون، في ظل اقتطاع الذكاء الاصطناعي حصةٍ متزايدة من الوظائف، من أن تكون هناك ردود فعلٍ عنيفة ضد وادي السيليكون، ثاني أكبر مناطق تركُّز الثروة في الولايات المتحدة. (الأولى هي منطقة جنوب غربي ولاية كونيتيكت). وقال هوفمان: "سمعتُ هذا الموضوع من مجموعةٍ من الأشخاص". وأضاف: "هل ستنتفض البلاد في وجه الأغنياء؟ هل ستنتفض في وجه الإبداع التكنولوجي؟ هل ستتحوَّل إلى فوضى أهلية؟". المدير التنفيذي لشركةٍ تكنولوجية كبيرة أخرى يقول أنَّنا "لم نصل بعد للنقطة التي يلتف فيها العاملون في الصناعة (التكنولوجيا) إلى بعضهم البعض بصورةٍ صريحة ويسألوا عن خططهم في مواجهة بعض الأحداث المروِّعة. لكن، بعد قول ذلك، أعتقد في الحقيقة أنَّه (سيكون هناك) حذرٌ منطقيٌ وعقلانيٌ وملائم". وأشار إلى جوانب الضعف التي كشفت عنها الهجمات الإلكترونية الروسية على اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، وأيضاً الاختراق الواسع النطاق الذي جرى في الـ21 من أكتوبر/تشرين الثاني، والذي عطَّل الإنترنت في أميركا الشمالية وغرب أوروبا. وقال: "إمدادات غذائنا تعتمد على نظام تحديد المواقع، والخدمات اللوجيستية، والتنبؤ بالطقس، وهذه الأنظمة تعتمد بشكلٍ عام على الإنترنت، والإنترنت يعتمد على نظام أسماء النطاقات. الانتقال من عنصر مخاطرة إلى عنصر مخاطرة إلى عنصر مخاطرة، يُفيد بوجود الكثير مما لا تعلم عنه شيئاً حتى، وتسأل: ما هي فرص انهيار العالم في العقد المقبل؟ أو فلنعكس السؤال: ما هي فرصة ألّا ينهار شيءٌ خلال الخمسين عاماً المقبلة؟". ويُعَد أحد مؤشِّرات انتشار حركة "الناجوة" هو أنَّ بعض الأشخاص بدأوا في المجاهرة بإبداء معارضتهم لها. يقول ماكس ليفيتشن، أحد مؤسِّسي الموقع التجاري "PayPal"، وشركة "Affirm"، وهي شركة إقراض ناشئة، أنَّ "واحداً من الأشياء القليلة التي أكرهها فعلاً في وادي السيليكون هو الإحساس بأنَّنا عمالقة متفوِّقون نتحكَّم في كل شيء، ويجب أن ننجو، حتى لو كان الانهيار ناتجٌ عن إخفاقنا". بالنسبة إلى ليفيتشن، التجهُّز من أجل النجاة هو سوء تقديرٍ أخلاقي؛ فهو يُؤثِر أن "يُغلِق النقاشات الجماعية" حول الموضوع. ويقول: "عادةً ما أسأل الناس: إذن أنتم قلقون حيال قسوة الوضع، بكم تبرعتم لملاجئ المُشرَّدين في مناطقكم إذن؟. إنَّ أكثر ما يتعلَّق به الأمر، في رأيي، هي حقائق الفجوة بين مستويات الدخل. أمَّا كل أشكال الخوف الأخرى التي يطرحها الأشخاص فهي مصطنعةٌ". من وجهة نظره، هذا هو الوقت المناسب للاستثمار في الحلول، وليس الهرب. ويقول: "حالياً، إنَّنا في الحقيقة عند نقطةٍ جيدةٍ نسبياً في الاقتصاد. عندما يتراجع الاقتصاد، سيكون لديك مجموعةٌ من الناس الذين هم في حالةٍ مُزرية جداً. ماذا نتوقع آنذاك؟". الهرب من يوم القيامة أم مواجهته؟ وفي الجانب الآخر من البلاد، انتشرت أحاديث غريبة مشابهة في بعض الدوائر المالية. عَمِل روبرت داغر عضواً في جماعات ضغط الصناعات المالية قبل أن يصبح شريكاً في صندوق التحوُّط العالمي "Tudor Investment Corporation" في 1993. وبعد 17 عاماً، تقاعد ليُركِّز على الأعمال الخيرية واستثماراته. وقال مؤخَّراً أنَّ "أي شخصٍ في المجتمع يعرف أُناساً قلقين من أنَّ أميركا تتَّجه نحو شيءٍ يشبه الثورة الروسية". وللتغلب على ذلك الخوف، قال داغر إنَّه يرى ردّي فعل مختلفين للغاية. وقال: "يعرف الناس أنَّ الإجابة الوحيدة هي: أصلحوا المشكلة. إنَّه السبب في أنَّ كثيراً منهم يُقدِّم كثيراً من المال لأعمال الخير". ومع ذلك، وفي نفس الوقت، يستثمرون في طرق الهروب. وذكر داغر حفل عشاءٍ في مدينة نيويورك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وبعد انفجار فُقَّاعة الإنترنت، (تُسمَّى كذلك فُقَّاعة الدوت-كوم، وفُقَّاعة تكنولوجيا المعلومات. امتدت بين 1995 و2000)، قائلاً: "كانت مجموعة من المليونيرات وبضعة مليارديرات تناقش سيناريوهات نهاية أميركا، ويتحدَّثون حول ما سيفعلونه. قال معظمهم إنَّهم سيُديرون طائراتهم ويصحبون عائلاتهم إلى المزارع الموجودة في غرب البلاد، أو إلى منازلٍ في بلادٍ أخرى". ويقول داغر إنَّ أحدهم كان مُتشكِّكاً. ويضيف: "انحنى إلى الأمام وسأل: هل ستصحب أسرة طيَّارك أيضاً؟ وماذا عن رجال الصيانة؟ وإذا ما اقتحم الثوار البيوت، كم من الأشخاص في حياتك ستصحبه معك؟. في نهاية المطاف، اتَّفقت الأغلبية على أنَّهم لا يستطيعون الهرب. يتقاطع هذا القلق النخبوي مع المجال السياسي أيضاً، فحتى المستثمرين الذين أيدوا ترامب في الانتخابات الرئاسية، وأملوا أن يخفض الضرائب ويقلل اللوائح، فقدوا أعصابهم بسبب الطرق التي سلكتها حملته الثائرة، ويبدو أنها تعجل بانهيار المؤسسات الراسخة. وقال داغر إنَّ "وسائل الإعلام تتعرض للهجوم الآن، ويتسائلون هل سيتبعها النظام القضائي؟ هل سننتقل من "الأخبار المزيفة" إلى "الأدلة المزيفة"؟ يمثل ذلك الأمر لمن يعتمد وجودهم على العقود الواجبة التنفيذ مسألة حياة أو موت". ويرى روبرت جونسون حديث زملائه عن الهروب عرضٍ لأزمة أشد من ذلك. ففي عُمر الـ59 عاماً، لدى جونسون شعرٌ فضي أشعث، وهو متحدث لطيف ذو طبع هادئ وودود. حصل جونسون على درجاتٍ علمية في الهندسة الإلكترونية وعلم الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة برنستون، وعمل في كابيتول هيل قبل دخوله عالم التمويل. وأصبح عضواً منتدباً في صندوق التحوط "Soros Fund Management"، وفي عام 2009، بعد حدوث الأزمة المالية، عمل رئيساً لمركز الأبحاث "The Institute for New Economic Thinking". روبرت جونسون عند زيارة جونسون منذ فترةٍ قريبة في مكتبه في مبنى بارك أفينيو ساوث بمانهاتن، وصف نفسه بأنه درس القلق المدني عن طريق الصدفة. فقد نشأ خارج ديترويت في غروس بوينت بارك، وكان ابناً لطبيب. وقد شاهد جيل والده الذي عاصر انهيار مدينة ديترويت. وقال: "ما أراه الآن في مدينة نيويورك يستدعي ما حدث في الماضي. هؤلاء أصدقائي. فلقد عشت في بيل هافين في غرينويتش في كونيتيكت. لويس باكون، وبول تودور جونز، وراي داليو (مديري صناديق التحوط)، كانوا جميعهم على بُعد خمسين ميلاً مني. وفي عملي، كنت أتحدث إلى الناس، وكان الكثير منهم يقولون: عليك الحصول على طائرةٍ خاصة، وعليك التأكد من رعاية عائلة الطيار أيضاً. لذا يجب أن يكونوا على متن الطائرة". في يناير/كانون الثاني 2015، نبه جونسون إلى خطرٍ داهم: الضغوط الناتجة من التفاوت البالغ في الدخول كانت صريحةً للغاية، حتى أن بعضاً من أغنى أغنياء العالم اتخذوا خطواتٍ لحماية أنفسهم. وفي المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، قال جونسون للجمهور: "أعرف مديرين لصناديق التحوط في جميع أنحاء العالم يشترون مهابط للطائرات ومزارع في أماكن مثل نيوزيلندا لأنهم يعتقدون أنهم قد يحتاجون للهروب". تمنى جونسون لو كان الأغنياء يتحلون "بروحٍ إدارية" بصورةٍ أكبر، وأن يكونوا منفتحين لتغير السياسات التي يمكن أن تشمل على سبيل المثال ضريبة أشرس على الإرث. وقال: "يجني خمسة وعشرون مديراً لصناديق التحوط أكثر من جميع المعلمين في رياض الأطفال في أميركا بأكملها. لن تشعر بالراحة إذا كنت واحداً من هؤلاء الخمسة والعشرين، أعتقد أنهم أصيبوا بحالة حساسية متزايدة". وتتسع الفجوة، ففي ديسمبر/كانون الأول، نشر المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية تحليلاً جديداً كتبه الاقتصاديون توماس بيكيتي، وإيمانويل سايز، وغابرييل زوكمان، الذين اكتشفوا أن نصف الأميركيين البالغين أصبحوا "مستبعدين تماماً من النمو الاقتصادي منذ سبعينات القرن الماضي". ويجني 117 مليون شخص تقريباً في المتوسط نفس الدخل الذين كانوا يجنونه في ثمانينات القرن الماضي، بينما تضاعف الدخل العادي لنخبة الواحد بالمئة ثلاث مرات. تشبه تلك الفجوة، الفجوة ما بين متوسط الدخول في الولايات المتحدة وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وفقاً لما كتبه المؤلفون. وقال جونسون: "لو كان لدينا توزيع أعدل للدخول، وكنا نزود أنظمة المدارس العامة، والحدائق، والمتنزهات، والفنون، والرعاية الصحية بمالٍ ودعمٍ أكثر بكثير، كان ذلك سيحسن من حال المجتمع بشكلٍ أكبر، ولكننا جردنا تلك المؤسسات من الكثير". مع تدهور المؤسسات العامة، ظهر القلق النخبوي مقياساً يشير إلى مأزقنا القومي. ويتسال جونسون: "لماذا يبدو الأشخاص الذين يُحسَدون على قوتهم البالغة بكل هذا الخوف؟ ماذا يخبرنا ذلك عن نظامنا؟". وأوضح: "إنَّه أمر غاية في الغرابة أن ترى أن الأشخاص الذين يتفوقون في التنبؤ بالمستقبل، من يملكون أكثر الموارد، مما ساعدهم على جني كل ذلك المال، هم الآن أكثر الناس الذين يتأهبون للهروب من المأزق وحدهم كمن يقفز من الطائرة بالمظلات". الهرب من يوم القيامة أم مواجهته؟ في إحدى الأمسيات الباردة في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، كانت سيارة الأجرة من ويتشيتا بولاية كنساس، واتجهت إلى الشمال من المدينة، مروراً بأشعة الشمس المائلة، وعبر الضواحي إلى ما بعد آخر مركز للتسوق، حيث يستقر الأفق على الأرض الزراعية. بعد ساعتين، وقبيل قرية كونكورديا، اتجهتُ غرباً أسفل طريقٍ ترابي محاط بحقول الذرة وفول الصويا، وانعطفت حولها في الظلام حتى استقرت أضواء السيارة على بوابةٍ حديدية كبيرة وحارسٍ يرتدي زياً مموهاً ويحمل بندقية شبه آلية. أرشدني الحارس إلى الطريق، وفي الظلام، استطعتُ رؤية معالم قبة خرسانية ضخمة بها باب معدني مصفح مفتوح جزئياً. رحب بي لاري هول، المدير التنفيذي لمشروع "سيرفايفال كوندو"، وهو مجمع شقق فاخرة مكون من خمسة طوابق، مشيد في صومعة لتخزين القذائف تحت الأرض. أوت هذه المنشأة رأسٍ نووي من 1961 إلى 1965، حتى إيقاف تشغيله. وفي الموقع الذي اعتبره السوفييت أنه يمثل تهديداً نووياً، أقام هول تحصيناً للحماية من مخاوف العصر الحديث. وقال: "ذلك المكان يمثل حالة استرخاء حقيقية لفائقي الثراء. يمكنهم الظهور بالخارج، لأنهم يعلمون أن هناك حراساً مسلحين بالخارج، كما يمكن للأطفال الركض حول المكان". جاءت فكرة هذا المشروع للاري هول منذ عقدٍ تقريباً، عندما قرأ أن الحكومة الفيدرالية أعادت الاستثمار في خطط تجنب الكوارث، والتي كانت قد خفتت بعد الحرب الباردة. فأثناء هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، فعَّلت إدارة بوش خطة "استمرار الحكومة" بنقل عمالٍ فيدراليين محددين بطائرة الهليكوبتر والحافلة إلى مواقع حصينة، ولكن أصبحت أجهزة الكمبيوتر والمعدات الأخرى في الخنادق قديمة بعد أعوام من عدم استخدامها. وأمر بوش بالتركيز من جديد على خطط الاستمرارية، وأطلقت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ تدريبات سنوية على مستوى الحكومة (آخرها تدريب "إيغل هورايزن"، في 2015، لمحاكاة الأعاصير والتدريبات الارتجالية لمواجهة الأجهزة النووية، والزلازل، والهجمات عبر الإنترنت). قال هول: "بدأتُ أفكر: حسناً، تمهل لدقيقةٍ واحدة، ما الذي تعلمه الحكومة ولا نعلمه نحن؟ ". وفي عام 2008، دفع هول ثلاثمائة ألف دولار لشراء الصومعة، وانتهى من إنشائها في ديسمبر/كانون الأول 2012، بتكلفةٍ تقترب من عشرين مليون دولار. أنشأ هول اثنتا عشر شقة خاصة: وأعلن عن بيع وحدة الطابق الكامل بمبلغ ثلاثة مليون دولار؛ ووحدة نصف الطابق بنصف المبلغ. وباع جميع الوحدات، فيما عدا وحدة واحدة احتفظ بها لنفسه حسب قوله. لا يملك أغلب "ذا بريبرز" خنادق؛ فالملاجئ المحصنة باهظة الثمن وصعبة البناء. وشيد سلاح المهندسين بالجيش الأميركي الصومعة الأصلية لمجمع هول لصد الهجمات النووية. ويمكن للجزء الداخلي به أن يؤمِّن إجمالي خمسة وسبعين شخصاً، وبه ما يكفي من الغذاء والوقود للاختباء لمدة خمسة أعوام، وذلك بتربية أسماك البلطي داخل أحواض السمك، وزراعة الخضروات في المياه أسفل الأحواض، واستخدام الطاقة المتجددة، حسبما قال هول. وفي حالة حدوث أزمة ما، ستقل شاحنات فِرقه التي تعمل بنظام فِرق التدخل السريع (سيارات من طراز "بيت بول في إكس"، مصفحة لمقاومة الرصاص حتى عيار خمسين ملم) أي مالك على بُعد ثلاثين ميلاً. ويمكن لملاك الشقق بالمجمع الذين يمتلكون طائراتهم الخاصة أن يهبطوا في مطار سالينا، على بعد 30 ميلاً. وفي رأيه، فالجيش قد أدى المهمة الأصعب باختياره الموقع، قائلاً: "لقد نظروا إلى الأمر من حيث ارتفاع المنطقة فوق سطح البحر، والظواهر الزلزالية للمنطقة، ومدى قربها من مراكز السكان الكبرى". هول في أواخر الخمسينات من عُمره، وذو صدرٍ عريض، وكثير الكلام. ودرس إدارة الأعمال وعلوم الكمبيوتر في معهد فلوريدا التقني، ثم تخصص في الشبكات ومراكز البيانات لدى شركة "نورثروب غرومان" وشركة "هاريس"، وغيرها من شركات مقاولات المعدات الدفاعية. وهو حالياً يتردد ما بين صومعة كنساس ومنزله في ضواحي دنفر، حيث تقيم زوجته التي تعمل مساعدة محامي مع ابنها البالغ اثني عشر عاماً. لاري هول قادني نحو المرآب، أسفل مجرى منحدر باتجاه رواق منزله، حيث توجد المدفأة الحجرية، وغرفة الطعام، والمطبخ في أحد الجوانب، وتبدو وكأنها شقة خاصة في منطقة جليدية بلا نوافذ: ويوجد بها طاولة بلياردو، وأدوات من الصلب المقاوم للصدأ، وأرائك جلدية. استقى هول أفكاراً لتوسيع المكان من تصميم البواخر السياحية. واصطحبنا مارك مينوسكي، وهو مهندس يدير العمليات اليومية. وأثناء تحضيرهم لوجبة العشاء، والتي تكونت من شريحة لحم، وبطاطس مشوية، وسلاطة، قال هول إَنَّ أصعب جزء من المشروع هو تحمُّل الحياة تحت الأرض. ودرس كيفية تجنب الإصابة بالاكتئاب (بزيادة الأضواء)، ومنع التكتلات (بتناوب الأعمال الروتينية) ومحاكاة الحياة فوق الأرض. وجدران الشقة مزودة "بنوافذ" ذات صمامات ثنائية مشعة للضوء، تظهر فيديو مباشر للمرج أعلى الصومعة، ويمكن للمُلاك تبديله لرؤية الغابات الصنوبرية أو غيرها من المشاهد. وأرادت إحدى المقيمات المرتقبات من مدينة نيويورك أن تشاهد فيديو لحديقة سنترال بارك. وقال مينوسكي: "المواسم الأربعة، نهاراً وليلاً. لقد أرادت سماع أصوات سيارات الأجرة والأبواق". هاجم بعض المؤمنين بحركة "الناجون" هول لإنشائه ملجئاً يقتصر على الأغنياء، وهددوا بالاستيلاء على خندقه في حال حدوث أزمة. واستبعد هول ذلك الاحتمال عندما أشرت إليه في حديثي معه على العشاء. وقال موضحاً: "يمكنك إطلاق كل ما تريد من الرصاص على هذا المكان" وعند الضرورة، سيرد حراسه بإطلاق النيران، مضيفاً: "لدينا قناصين". مؤخراً، تحدثت عبر الهاتف مع تايلر آلين، مطور عقارات في لايك ماري بفلوريدا، وأخبرني أنه دفع ثلاثة مليون دولار للحصول على وحدة واحدة من وحدات هول، وأوضح أنه يشعر بالقلق من أن تواجه أميركا مستقبلاً من "الصراع المجتمعي"، وأن الحكومة تبذل جهوداً لخداع العامة. وأعرب عن شكوكه في سماحهم بنفاذ فيروس إيبولا لأميركا لإضعاف السكان. وعندما سألته كيف يرد أصدقاؤه عادةً على أفكاره، قال: "ردة فعلهم الطبيعية التي أراها معظم الأوقات هي الضحك، فذلك يخيفهم"، ولكنه أضاف "تزايدت مصداقيتي بشدة، فمنذ عشرة أعوام، كان كل ذلك يبدو مستحيل الحدوث: الاضطرابات الاجتماعية، والانقسام الحضاري في الدولة، والاستفزازات العنصرية، والترويج للكراهية". وسألته عن تخطيطه للذهاب من فلوريدا إلى كنساس في حال وقوع أزمة، وأجابني: "إذا انفجرت قنبلة ملوثة في ميامي، سيذهب جميع الناس إلى منازلهم، ويحتشدون في الحانات ثابتين أمام شاشات التلفزيون. حسناً، يتبقى لك ثماني وأربعون ساعة للخروج من ذلك الجحيم". أخبرني آلين أنه يرى أن الناس يوصِمون من يتخذ إجراءاتٍ وقائية ظلماً، موضحاً: "لن يصفونك بالجنون إذا كنت الرئيس وذهبت إلى كامب ديفيد، ولكنهم سيصفونك بالجنون إذا كانت لديك القدرة واتخذت إجراءاتٍ لحماية عائلتك في حال حدوث مشكلة". لماذا تظهر مفاسد البشر في لحظات معينة؟ لماذا تظهر مفاسدنا أو ما يطلق عليه "ديستوبيا" في لحظاتٍ معينةٍ دون غيرها؟ إنَّ يومَ الحسابِ، كنبوءةٍ، ونوعٍ أدبيٍ، وفرصةٍ تجارية، ليس ثابتاً، بل أنه ينشأ مع الأمور التي تثير قلقنا. لقد رأى المستوطنون البروتستانتيون الأوائل في سخاء البرية الأميركية التي توحي بالرهبة كلاً من نهاية العالم والجنة. وحين حلَّ الظلام فجأةً على إقليم نيو إنجلاند، في مايو 1780، نَظَرَ المزارعون إلى الأمر باعتباره كارثةً تؤذن بعودةِ المسيح (في الحقيقة، نتج هذا الظلام من حرائق الغابات الهائلة في مقاطعة أونتاريو الكندية). وقد شَخَّصَ الشاعر والروائي ديفيد هربرت لورانس ذلك على أنه نوعٌ معين من الفزع الأميركي. وكَتَبَ لورانس في عام 1923: "الموت! الموت! الموت! يبدو أن شيئاً ما يهمس به في غابات أميركا المظلمة". تاريخياً، ازدهر افتتاننا بـ"النهاية" في لحظات انعدام الأمان السياسي، والتغيُّرات التكنولوجية السريعة. وقال لي المؤرخ ريتشارد وايت بجامعة ستانفورد الأميركية: "انتشرت في نهاية التسعينات كافة أنواع الروايات التي تتحدث عن المدينة الفاضلة، وتوازت كلٌ منها مع روايةٍ بائسة". أما كتاب "Looking Backward" لإدوارد بيلامي، المنشور عام 1888، فقد كان يتصوَّر جنةً اشتراكية بحلول العام 2000، وصار ملهماً لـ"أندية بيلامي" في جميع أرجاء البلاد. وعلى النقيض من ذلك، نشر جاك لندن عام 1908 كتاباً بعنوان "The Iron Heel"، يتصوَّر فيه أميركا تعيش في ظل طغمةٍ فاشية يمتلك فيها "0.9% من السكان 70% من الثروة الإجمالية". في ذلك الوقت، كان الأميركيون يتعجَّبون من التقدُّم الهندسي، وكان الحاضرون في المعرض العالمي لعام 1893 بمدينة شيكاغو يشاهدون الاستخدامات الجديدة للإضاءة الكهربائية، لكنهم كانوا أيضاً كانوا يحتجون ضد تدني الأجور، وظروف العمل السيئة، وجشع الشركات. ويقول وايت: "كان الأمر شبيهاً بما يحدث اليوم. كان هناك شعورٌ بأن النظام السياسي قد خرج عن السيطرة، ولم يعد بوسعه التعامل مع المجتمع. كانت العدالة في توزيع الثروة غائبةً إلى حدٍ كبير، ما أثار الطبقات العاملة. وكان متوسط الأعمار يتقلَّص. لقد كان هناك شعورٌ بأن حركة التقدَّم في الولايات المتحدة قد توقفت، وأن النظام كله في طريقه إلى التفسخ". بدأ أباطرة رجال الأعمال يشعرون بالانزعاج. وفي عام 1889، كتب أندرو كارنيغي، الذي كان في طريقه لأن يصبح أغنى رجل في العالم بثروةٍ تبلغ قيمتها أكثر من 4 مليار دولار بالقيمة الحالية للعملة، ليعبر عن قلقه بشأن التوتر الطبقي، وانتقد صعود ما أسماه "الطبقات المتصلبة"، والتي تعيش في "جهلٍ" و"ارتيابٍ" متبادلين. وشعر جون روكفلر، صاحب شركة ستاندارد للنفط وأول ملياردير في التاريخ الأميركي، بواجبٍ مسيحيٍ للعطاء، إذ كتب في عام 1909: "تتلاشى بدعة قدرة المرء على شراء كل ما يرغب فيه سريعاً. ذلك لأن غالبية ما يسعى إليه الناس لا يمكن شراؤه بالمال". وسعى كارنيغي إلى مكافحة الأمية عن طريق إنشاء ما يقرب من ثلاثة آلاف مكتبة عامة. فيما أسَّسَ روكفلر جامعة شيكاغو. ووفقاً لجويل فليشمان، مؤلف كتاب "The Foundation"، وهو عبارة عن دراسة عن الأعمال الخيرية في الولايات المتحدة، فإن الرجلين كرَّسا حياتهما لـ"تغيير الأنظمة التي أنتجت هذه العلل منذ البداية". خلال الحرب الباردة، بات سيناريو نهاية العالم موضوعاً يهتم به صنّاع القرار. وأصدرت إدارة الدفاع المدني الفيدرالية، والتي أنشأها الرئيس الأميركي السابق هاري ترومان، تعليماتٍ واضحة للنجاة من الضربات النووية، وتضمنت هذه التعليمات "القفز في أقرب خندق أو حفرة"، و"ألا تفقد أعصابك". وفي أسفل منتجع غرينبراير، الموجود بالقرب من منتجع "White Sulphur Springs" بولاية فيرجينيا الغربية، ظلت الغرف القابعة تحت الأرض مُعدةً كملاذٍ لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ لأكثر من ثلاثين عاماً (يخطط الكونجرس حالياً للاختباء في موقعٍ آخر غير معلوم). وكانت هناك خطةٌ سرية لنقل كلٍ من خطاب غيتيسبيرغ، الذي ألقاه الرئيس الأميركي السابق أبراهام لينكولن، من مكتبة الكونغرس، وإعلان الاستقلال الأمريكي من الإمبراطورية البريطانية، من إدارة الأرشيف والوثائق الوطنية. لكن في عام 1961، حثَّ الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي "كل مواطن" على المساهمة في بناء ملاجئ للاحتماء بها، إذ قال في خطابٍ مُتلفز: "أدرك أنكم لن تقبلوا فعل ما هو أقل من ذلك". وفي عام 1976، وسط الانغماس في الخوف بسبب التضخم وفرض العرب حظراً على تجارة النفط، أصدر ناشر يميني متطرف، يدعى كورت سكسون، نشرةً هامة حملت اسم "The Survivor" عن المهارات الهامة المنسية للنجاة (ادَّعى ساكسون أنه أول من أطلق مصطلح "الناجي"). وكان كتاب "How to Prosper During the Coming Bad Years" أحد الإصدارات التي تتحدث عن تدهور المجتمع وكيفية حماية الذات. وينصح الكتاب، الذي احتل صدارة الكتب الأكثر مبيعاً عام 1979، بجمع العملات المعدنية الذهبية الموجودة في أفريقيا الجنوبية، والمعروفة باسم "Krugerrands". وساد ما بات يُعرف بثقافة "انتشار الهلاك" خلال حكم الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان. ويقول عالم الاجتماع ريتشارد ميتشل، الأستاذ الحاصل على لقب فخري من جامعة ولاية أوريغون، والذي قضى 12 عاماً من عمره في دراسة سياسات النجاة: "خلال حقبة ريغان، سمعتُ، للمرة الأولى في حياتي، وأنا عمري 74 عاماً حالياً، من أعلى سلطة بالبلاد أن الحكومة خذلتنا، وأن الطرق المؤسسية الجماعية لحل المشكلات وفهم المجتمع لم تعد مناسبة. لقد قال الناس حينها: حسناً، بات النظام معطوباً، فماذا نحن فاعلون الآن؟". تلقت الحركة دعماً إضافياً بعد سوء إدارة جورج بوش الابن لإعصار كاترينا. ويقول نيل ستراوس، وهو صحفي سابق في التايمز، كان قد أرخ لتحوله للتجهيز لانهيار الحضارة في كتابه "Emergency": "كما ترى في نيو أورليانز، تعرف حكومتنا أنَّ كارثةً تحدث، وهي لا يمكنها فعل شيء لإنقاذ مواطنيها". أصبح ستراوس مهتماً بالبقاء بعد عامٍ من إعصار كاترينا، عندما عرَّفه أحد رواد الأعمال في مجال التقنية، كان يأخذ دروساً في الطيران ووضع خطط الهروب، على جماعةٍ من ذوي الميول المشابهة في الإعداد للنجاة من "المليارديرات وأصحاب مئات الملايين". حصل ستراوس على جنسية دولة سانت كيتس، ووضع أصولاً بعملاتٍ أجنبية، وتدرب على البقاء "بلا شيء أكثر من سكين والملابس التي أرتديها". هذه الأيام، كلما اختبرت كوريا الشمالية قنبلةً ما، يتوقع هول زيادةً طفيفة في الاستفسارات الهاتفية حول شغور أماكن في مشروع شقق النجاة. لكنه أشار إلى مصدر أكبر من مصادر الطلب فقال: "سبعون بالمائة من الناس في أميركا لا يحبون الطريق الذي تتجه إليه الأمور". بعد تناول الغداء قام هول ومينوسكي بجولة في المكان. المجمع عبارة عن أسطوانة طويلة تشبه كوز الذرة. بعض المستويات مخصصة للشقق الخاصة، وبعضها مخصص للمرافق المشتركة، وهي عبارة عن حوض بطول 75 قدماً، وجدار تسلق صخري، وحديقة أعشاب اصطناعية "حديقة للحيوانات الأليفة"، وفصلٌ دراسي به مجموعة من أجهزة "ماك"، وصالة ألعاب رياضية، وصالة سينما، ومكتبة. بدا المكان مزدحماً، لكن ليس بشكلٍ خانق. وزرنا مخزناً للأسلحة ممتلئاً بالبنادق، والذخيرة، في حال وقوع هجوم من غير الأعضاء، ثم غرفة عارية الجدران بها مرحاض. وقال هول: "بإمكاننا هنا أن نحبس بعض الناس وتركهم ليهدأوا". عموماً، قوانين المكان يضعها مجلس عام لهذه الشقق، وبإمكان الأعضاء أن يصوتوا ويعدلوا من هذه القوانين. وقال هول إنَّه في حال وقوع أزمة، أو "موقف حياة أو موت"، فإنه سوف يتعين على كل بالغ في المجمع أن يعمل أربع ساعات يومياً، ولن يُسمَح له بالمغادرة دون إذن. وأضاف هول: "هناك تحكم في الدخول والخروج، ويدير مجلس إدارة المجمع هذا الأمر". يحتوي "الجناح الطبي" على سرير مستشفى، وطاولة عمليات، وكرسي أسنان. وقال هول إنَّه يوجد بين السكان "طبيبان وطبيب أسنان". وزرنا منطقة تخزين الطعام، والتي لم ينتهي تجهيزها بعد. ويأمل هول أنه بمجرد الانتهاء من التخزين بشكلٍ كامل سوف تشبه هذه المنطقة "نموذجاً مصغراً لمتجر لبيع الطعام الخالي من المواد الحافظة" لكن حتى الآن، لا يوجد سوى الأطعمة المعلبة فحسب. عيادة أسنان داخل سكن الناجين توقفا عند إحدى الشقق. كان ارتفاع السقف تسعة أقدام، وهناك موقد من نوع "وولف رانج"، ومدفأة تعمل بالغاز. وقال هول: "أراد هذا الشخص أن يحصل على مدفأةٍ من بلده، كونتيكت، فشحن الجرانيت من هناك". وأراد أحد الملاك الآخرين، يملك منزلاً في برمودا، أن تكون جدران شقته المحصنة مطلية بألوان الباستيل، البرتقالي، والأخضر، والأصفر، لكنه وجد هذه الألوان مرهقة بالنسبة لسكنٍ مغلق، فاضطر مهندس الديكور الخاص به أن يعدل هذا الديكور. في تلك الليلة، كان ثمة غرفةٍ مجهزة ببار للمشروبات الكحولية وخزائن أنيقة من الخشب، ولكن لا مجال لمشاهدة الفيديو. كان الجو صامتاً بشكلٍ مخيف، ويشعر المرء وكأنه ينام في غواصة مفروشة بشكلٍ جيد. لدى الخروج من الغرفة نحو الساعة الثامنة في صباح اليوم التالي، كان هول ومينوسكي في الخارج، يحتسون القهوة ويشاهدون موجز أنباء للحملات الانتخابية على برنامج "Fox & Friends" على قناة فوكس نيوز. كان ذلك قبل خمسة أيام من الانتخابات، ووصف هول، الذي ينتمي للحزب الجمهوري، نفسه بأنه مؤيد متحفظ لترامب. وقال "من بين المرشحَين، آمل أنَ فطنة ترامب في مجال الأعمال سوف تطغى على بعض تصرفاته غير المحسوبة". وبينما كان يشاهد المسيرات المؤيدة لترامب وكلينتون على شاشات التلفزيون، ذُهِل هول من حجم وحماسة الحشود المؤيدة لترامب، وقال "لا أُصدِق تماماً استطلاعات الرأي". يعتقد هول أن وكالات الأنباء الرئيسية منحازة، ويؤمن ببعض النظريات التي يعرف أنَّ بعض الناس تراها غير معقولة. وظنَّ أنَّ "هناك خطوة متعمدة من قبل الأعضاء في الكونغرس لكبت أميركا". وتساءلتُ، لماذا يفعل الكونغرس ذلك؟ فقال إنَّهم "لا يريدون للناس أن يكونوا أذكياء لمعرفة ما يجري في السياسة". وقال أنَّه تنبأ من قبل بأنَه سيتم القبض على أربعين في المائة من أعضاء الكونغرس، بسبب مخطط يشمل أوراق بنما، والكنيسة الكاثوليكية، ومؤسسة كلينتون. وأضاف "إنَّهم يعملون في هذه التحقيقات منذ عشرين عاماً". ولدى سؤاله إذا كان يُصدِق ذلك بالفعل. رد قائلاً: "في البداية، تسمع هذه الأشياء ولا تُلقي لها بالاً". ولكنه لم يستبعد حدوثها. قبل العودة إلى ويتشيتا، توقفنا عند أحدث مشروع لهول، وهو مجمع ثاني تحت الأرض، في صومعةٍ تبعد 25 ميلاً. حيثما توقفنا، لاحت في الأفق رافعة علوية، ترفع الحطام من عمقٍ كبير تحت سطح الأرض. سيحتوي المجمع ثلاثة أضعاف مساحة المعيشة في المجمع الأصلي، ويرجع ذلك جزئياً لأنه سيتم نقل الكراج لمبنى منفصل. ومن بين ملاحق أخرى، سيكون به باحة للعب البولينغ، وشاشات "إل إي دي" بحجم الأبواب الفرنسية، لخلق شعور بالرحابة. وقال هول إنَّه كان يعمل على إنشاء مخابئ خاصة للعملاء في ولاية أيداهو وتكساس، وأنَّ شركتين متخصصتين في التكنولوجيا طلبوا منه تصميم "منشأة آمنة لمركز البيانات الخاص بهما، وملجأ آمن لكبار الموظفين لديهم، إذا كان هناك شيءٌ ما سيحدث". ولاستيعاب الطلب، حضَّر نفسه لاحتمال شراء أربع صوامع أخرى. لقراءة الجزء الثاني من المادة اضغط - هذا الموضوع مترجم عن مجلة The New Yorker الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .
مشاركة :