أيدت محكمة الاستئناف العليا برئاسة القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة، وأمانة سر ناجي عبدالله، حكم أول درجة ببراءة متهم من حيازة المفرقعات وذلك تنفيذاً لغرض إرهابي. وكانت النيابة العامة وجهت للمتهم أنه في 5 ديسمبر/ كانون الاول2012 حاز وأحرز وآخرون مجهولون المفرقعات وما في حكمها (متفجر نتروسليلولوز – تي.إن. تي .بي تراي نتروبنزين) بغير ترخيص من وزير الداخلية وذلك تنفيذاً لغرض إرهابي. وكانت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة وبجلسة 28 أبريل/ نيسان 2016 أصدرت محكمة أول درجة حكمها ببراءة المستأنف مما نسب إليه، وعليه قررت النيابة العامة الطعن بالاستئناف. وقد تمسك محامي المتهم المحامي قاسم الفردان بمرافعة أول درجة وطلب في نهايتها الحكم برفض استئناف النيابة العامة، وتأييد الحكم المستأنف اي براءة المتهم. وقد دفع الفردان ببطلان اقتحام وتفتيش الشقة والغرفة التي بداخلها موضوع الاتهام، وعدم الاعتداد بالعينة رقم 3 والمتضمنة بصمة المتهم. وقال الفردان إن المادة (65) من قانون الإجراءات الجنائية تنص «لا يجوز لأفراد السلطة العامة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون، أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك». كما تنص المادة (70) من ذات القانون على «يحصل التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه، وإلا جرى بحضور شاهدين كلما أمكن ذلك، ويكون هذان الشاهدان بقدر الإمكان من أقاربه البالغين أو من القاطنين معه بالمنزل أو من الجيران، ويثبت ذلك في المحضر». وبين الفردان أن من خلال نص المادتين سالفتي الذكر، نجد أن المشرع قد أوضح الحالات التي يجوز فيها دخول المسكن، فقرر أنه لا يجوز دخول المساكن إلا في حالة طلب المساعدة من الداخل أو حالتي الحريق أو الغرق ثم أورد جملة (أو ما شابه ذلك) ومن خلال هذه الجمل نجد أن المشرع أراد التدليل على أن الحالات المذكورة بنص المادة لم ترد على سبيل الحصر بل ان كل ما شابههما من الكوارث يأخذ حكمهما، كما أنه أورد جملة (إلا في الأحوال المبينة في القانون) وهذا يعني السماح لرجال السلطة العامة بدخول المنازل لتعقب متهم هارب، ومن البديهي أنه يجوز دخول المساكن بناء على إذن حائزها أو مالكها. وبذلك يكون دخول المنازل من قبل رجال السلطة العامة مقصورا على البحث عن المتهم وتنفيذ القبض عليه، دون أن يمتد إلى غير ذلك، أما إذا اشتبه القائم بتنفيذ الأمر في اختفاء المتهم في منزل شخص آخر فإنه لا يجوز دخوله إلا إذا ندب بذلك من سلطة التحقيق. وبتطبيق ذلك على ما جاء بمجريات الدعوى الماثلة، نجد أن رجال الشرطة قد اقتحموا الشقة من البناية التي يمتلكها والد المتهم والذي لم يصدر بحقه أي إذن بالضبط أو التفتيش في ذلك الوقت، إلا أنه أثناء مقاومة بعض من المشاغبين لرجال الشرطة ورميهم الزجاجات والحجارة من على سطح البناية، قام رجال الشرطة بمطاردتهم بأن دخلوا المنزل الذي تلقى منه هذه الزجاجات والحجارة، وعند صعودهم لم يجدوا أحداً من هؤلاء الأشخاص، فقاموا بالدخول إلى الشقة بالطابق الثالث حيث كان بابها مفتوحاً على حد قولهم، وللصعود لسطح المنزل لكون الممر الموجود بداخل الشقة به فتحة بالسقف تؤدي للوصول إلى السطح، وكان غرضهم من دخول الشقة هو الصعود إلى السطح. وهذا مؤكد بقول الشرطي (شايف علي علي)، علماً بأن وكيل النيابة العامة لم يذكر تلك المعلومة أثناء معاينته البناية والشقة، مما يشكك في أقوال الشرطي حول تلك المعلومة والتي لم يؤكدها الشرطي أمام عدالتكم عند سماع أقواله، وأفاد بأنه لا يتذكر ما إذا كانت فتحة السقف خارج الشقة أم بداخلها. كما دفع الفردان ببطلان القبض على المتهم في غير الحالات المقررة قانونا وبدون إذن من النيابة العامة، إذ خلا ملف الدعوى من وجود أمر بالقبض على المتهم، مما يرتب عليه بطلان القبض عليه وما ترتب عليه من تفتيش لمسكن المتهم وأخذ بصماته، ولا ينال من صحة دفعنا القبض على المتهم بمناسبة قضية أخرى، ذلك أن إجراءات القبض والتفتيش وما تحصل منها في تلك القضية والتي لم يتم تحريكها حتى الآن حيث لم يتم ضم أوراق تلك القضية للدعوى الماثلة ولا أمر القبض أو التفتيش، مما يدلل أن تلك الاجراءات صدرت في غير الحالات التي قررها القانون. كما دفع الفردان بعدم جدية التحريات وبطلانها، اذ إن المادة 43 من قانون الاجراءات الجنائية تنص على أنه «يقوم مأمورو الضبط القضائي بتقصي الجرائم والبحث عن مرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والتصرف في الدعوى». وطبقاً لنص المادة لمأموري الضبط القضائي القيام بالتحريات والاستدلالات، حيث يشترط في تلك التحريات أن تكون جدية وتؤكد بأن شخصا ما قد ارتكب جريمة بالفعل، وأن تلك التحريات لا بد أن تقوم على دلائل كافية، أما إذا كانت الشبهة التي ثارت في ذهن مأمور الضبط لا تؤيدها الوقائع والقرائن المستمدة من الواقع، فإن التحريات تقع باطلة وتقدير الدلائل ومدى كفايتها يكون بداية لرجل الضبط القضائي تحت إشراف عضو النيابة الذي يصدر الأمر بالقبض ومحكمة الموضوع بعد ذلك. كما دفع الفردان باستحالة تصور الواقعة عقلاً على النحو الوارد بالأوراق، اذ إن ضابط البحث والتحري يتوصل من خلال تحرياته السرية إلى تردد المتهم على الشقة موضوع الدعوى، في حين أن الشخص القاطن للشقة المقابلة للشقة موضوع الدعوى، وهو يؤكد بأن من يستعمل هذه الشقة منذ فترة هو المتهم الثاني فقط، علماً بأنه على علاقة نسب مع أهل المتهم الثاني، دون أن يشير ولو من بعيد إلى أن المتهم يتردد على الشقة موضوع الدعوى. ودفع الفردان من خلال مرافعته بانتفاء صلة البصمة العائدة للمتهم بالجريمة، وقال ندفع بانتفاء صلة البصمة بالتهمة، حيث انها وجدت على كارتون ملقى في الشقة محل الجريمة ولم تتواجد على المتفجرات أو أي أدوات متعلقة بصناعة المتفجرات، مما يدل على انها وجدت بشكل عرضي، ومن الممكن وبحسب شهادة شاهد النفي بأن بصمة المتهم قد وصلت إلى ذلك الكارتون عن طريق نقله البضائع بحكم عمله، ولا يعني ذلك بحال من الأحوال بأنه مشترك في الجريمة، وخصوصا انها بصمة يتيمة بين باقي البصمات، ولا يخفى على عدالتكم بأن الجاني الحقيقي يستخدم أدواته في الجريمة من مواد موجودة في السوق والشارع، والتي يلمسها الناس، فهل يعقل مثلا إدانة شخص لمجرد وجد بصمة له على ورقة أو كارتون بمناسبة عمله تم أخذه من محل أو شارع وترك في مكان الجريمة؟ علاوةً على أنه لا يوجد شهود ذكروا بأن المتهم يتردد على الشقة، وخصوصا أن شاهدا، وهو من سكان البناية، قرر بأنه شاهد آخر يتردد على الشقة، ولم يشاهد أشخاصا آخرين، وإذ من المقرر قانون وفقها وقضاء بأن الاحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين وليس على الشك والاحتمال، والحال أن القضية قد خلت من دليل يقيني على اتصال المتهم بالجريمة محل الاتهام، فيلزم معه القضاء ببراءته.
مشاركة :